السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
معلم للتعليم والثقافة والتربية

معلم للتعليم والثقافة والتربية

العملية  التعليمية  لن تستوى إلا بإحداث صحوة كاملة وشاملة وجذرية فى منظومة المعلمين. هذا قول واحد. مهنة التدريس فى المدارس لطالما ظُلِمت طويلًا. لسبب ما يميل كثيرون إلى النظر لها باعتبارها درجة أو درجات أقل من مهنة الطبيب أو المهندس، وبالطبع رجل أو سيدة الأعمال أو نائب البرلمان أو المسئول الكبير. 



والغريب أن كل أصحاب المهن «السامية» المذكورة أعلاه يدينون إلى معلمين ومعلمات علموهم وثقفوهم وربوهم. وهنا يجب الإشارة إلى هذه الجزئيات الثلاثة: التعليم والثقافة والتربية، وهى الأضلع الثلاثة التى نئن جميعًا لغيابها. 

التعليم على مدار عقود طويلة تعرض للتجريف الكامل. صار ورقة يحصل عليها الطالب بعد 12 عامًا من الحفظ والصم وتفريغ المخزون على ورقة الإجابة، وربما بمساعدة الغش سواء كان جماعيًا أو فرديًا، وبمباركة الأهل. وصارت هذه الورقة التى يسمونها شهادة غاية فى حد ذاتها وليست وسيلة للمعرفة وبناء القدرات واكتشاف المواهب. وطيلة السنوات التى كان فيها الدكتور طارق شوقى وزيرًا للتربية والتعليم والتعليم الفنى وهو يحاول جاهدًا أن يشرح للجميع أن هناك فرقًا بين التعليم والتعلُّم، وأن عملية الحشو الممنهجة أثبتت فشلًا ذريعًا حتى فى الأحوال التى يحصل فيها الطالب على مئة فى المئة وأكثر، وأغلب أطراف العملية التعليمية ودن من طين وأخرى من عجين. لماذا؟ لأن الأولويات مختلفة. الأهل غير قادرين على رؤية أهداف للعملية التعليمية سوى المجموع. والمدرس غير قادر على التفكير إلا فى توفير ما يكفى للإنفاق على بيته. والطالب لا حول له أو قوة. 

أما الثقافة فى العملية التعليمية فقد أصبحت والعدم سواء، باستثناءات نادرة. جانب معتبر من تنشئة الصغار على حب الكتابة أو الموسيقى أو الغناء أو الرسم أو النحت أو التمثيل أو حتى الاستمتاع بمتابعة مشاهدة الفنون وغيرها يحدث فى المدرسة. كان المعلم فيما مضى عاملًا مهمًا من عوامل بناء الثقافة. لماذا؟ لأنه كان يستطعم ويستمتع بكل ما سبق. ولا يخفى على أحد أن جانبًا من المعلمين الآن باتوا ينظرون لكل ما سبق إما باعتباره حرامًا ورجسًا من عمل الشيطان، فينقلون ذلك للصغار، أو لا وقت لديهم لما سبق لأنهم فى مهمة السعى وراء زيادة الدخل. وفى كلتا الحالتين، الطالب هو الخاسر. 

وفيما يختص بالتربية، وعلى الرغم من أن التعليم والتربية لا ينفصلان؛ فإننا نجحنا فى فصلهما تمامًا على مر عقود التجريف. المعلم الغارق فى الحلال والحرام فقط بمفهوم تديُّن السبعينيات لا يعنيه الصح والغلط فى أصول التربية. والمعلم الذى يوفر جهد الشرح والتنشئة فى الفصل حتى يستثمره فى الدرس الخصوصى، لا أعتقد أن لديه ما يمرره  للطلاب. 

الآمال المعقودة على الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى الجديد لإصلاح كيان المعلمين، وربما ضخ دماء جديدة تمامًا ذات فكر مختلف وعقيدة قائمة على أن المعلم هو سر نجاح أو فشل الأمم، كبيرة.