الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ملحمـة النصـر .. وإرادة وطــن

ملحمـة النصـر .. وإرادة وطــن

49 عامًا على ذكرى النصر. ذكرى العزة والكرامة..وملحمة كبرياء شعب. 



كانت أكتوبر 73 إشارة على إرادة وطن. وإرادة شعب.

كانت حرب أكتوبر هى الأرقى فى التخطيط والإنجاز.. والتنفيذ على المقاييس العسكرية فى العالم.

تدرس حرب أكتوبر للآن فى الأكاديميات العسكرية. تدرس من حيث الدقة فى تنفيذ المهام.. ومن حيث القدرة على هزيمة الصعاب.. ومن حيث الإصرار فى إنزال إرادة أبناء شعب.. كانوا لمدة 6 سنوات قاسية، بعد نكسة 67، يتطلعون للجانب الآخر من القناة.. حيث الثأر المستحق.. فى انتظار القرار.

 

فى الأحداث الكبرى يبقى القرار هو الفيصل. فى الأزمات الكبرى يبقى القرار الشجاع حكمًا ومعيارًا.. فالقرارات هى فى محطات التاريخ.. مصنع الرجال.. واختبار العزيمة والقدرة.

وقد كان.. عبر الجندى المصرى بمعداته ومهماته.. وعبر بعضهم وعلى ظهره ما لم يكن متصورًا أن يحمله الرجال.. مع ثقل الوزن.. وارتفاع ساتر ترابى حمى به العدو.. خط بارليف.

كان خط بارليف نفسه أسطورة كبرى.. تحطمت.. وانهارت.. وتهاوت.. وتداعت فى أقل من 6 ساعات.

(1)

 كانت حرب أكتوبر حرب إرادة. 

راهن الرئيس الراحل أنور السادات على إرادة شعب. راهن آخرون ضد إرادة هذا الشعب. دائمًا ما تكسب الرهانات على إرادة المصريين.. تسقط الرهانات المضادة من حالق فى أودية الجبال. تسقط الرهانات المضادة فى سلال مهملات التاريخ. 

الإرادة جين مصرى. فى التوقيت المناسب يخرج أبناء هذا الشعب.. يطوقون الأزمات، ويقتحمون الصعاب.. ويهزمون تماثيل الملح.. وينحتون فى الصخر.

فى التاريخ المصرى الحديث معركتان شديدتا الشبه، كلمة السر فيهما كانت الإرادة. محطتان هما الأكثر دلالة فى التاريخ المصرى الحديث.. حرب أكتوبر 73.. و30 يونيو 2013.

فى ذكرى عبور أكتوبر من كل عام نستعيد دفاتر من أيام إرادة وطن ونصر مستحق.

ومن عبور أول لقناة السويس نستهلهم عبرًا من إرادة فولاذية للمصريين عبرت بهم فى ٣٠ يونيو ستار الإخوان الأسود فى الطريق لجمهورية جديدة حيث التنمية واستعادة الهوية واستعادة الوطن.

كانت أكتوبر معركة كرامة لاستعادة الأرض. وكانت يونيو معركة استعادة هوية واستعادة وعى.

فى أكتوبر 73 قدم الشعب أبناءه لجيشه تأسيسًا لمعركة كرامة يتداولها التاريخ بالعزة والإجلال.. وفى 30 يونيو 2013 لبى الجيش نداء شعبٍ يستثغيث من غول الإخوان.

فى معركة أكتوبر حارب الجيش لكرامة الوطن وأرضه.. وفى 30 يونيو وقف الجيش مع أبناء الشعب استعادة لدولة أراد تجار الأوطان وضعها على الطريق للهاوية.

انتصر الشعب فى الحادثتين.. فالانتصارات تولد من رحم الكبرياء. والمستحقات تولد من أرحام الحقوق. فى المثل الدارج بالشارع المصرى يقولون: «الحق مستحق». وفى الأدبيات أن الحقوق قضاء. 

 

العبور حطم أسطورة جيش لا يقهر
العبور حطم أسطورة جيش لا يقهر

 

(2) 

فى الذكريات الكبرى فى تاريخ الشعوب عبر ودروس مستفادة. 

فى ذكرى أكتوبر المجيدة أكثر من عبرة وأكبر من درس. يبقى التخطيط على رأس القوائم. يبقى الإصرار والإيمان بالأرض حاكمًا. تبقى الظروف شديدة الصعوبة المحيطة قبل حرب أكتوبر دليلًا على أن المصريين قادرون على أن يقهروا الصعاب إذا أرادوا.. وهم قادرون على أن ينزلوا المستحيل إلى سطور الممكنات إذا أقدموا.

يبقى الإيمان بالوطن.. وبقدراته وبقداسة ترابه كلمة السر فى كل المعارك.. على اختلاف أنواع المعارك.. والحروب.

جاءت أكتوبر بعد سنوات من الانكسار.. كأنها شربة الدواء.. وفيها الشفاء. تشبيه كان شديد البلاغة للكاتب الراحل سعد الدين وهبة فى مسرحيته «المسامير» اعتبر فيها البطل أن نكسة 67 جعلته يشعر بأنه يبتلع مسامير وهو يتنفس.

وثق انتصار أكتوبر 73 ملامح إرادة مصرية أسقطت فى الوحل جيش عدو كان قد روج أنه لا يقهر.

 

القائد على الجبهة
القائد على الجبهة

 

(3) 

من 6 أكتوبر 73.. إلى 30 يونيو 2013.. تتشابه المعارك.. وتتشابه الحروب. تتشابه محطات الإرادة المصرية فى حفظ الوطن وصون أراضيه.

فى أكتوبر 73 عبرت الإرادة المصرية إلى الجانب الآخر من قناة السويس.. وفى يونيو 2013 عبرت الإرادة المصرية بالوطن من فخ المؤامرات الكونية فى محاولة لاختطاف وطن.. وتغير ملامح شعب.. وتغيير هوية حضارة.

أقفل انتصار أكتوبر المجيد فصلًا شديد الحساسية من التاريخ المصرى، ووضع المصريون فوق مشاهد قبور شهداء تراب هذا الوطن أكاليل الغار والفخار. وأوصدت 30 يونيو 2013 الباب بالمزالج والترابيس والمفاتيح الفولاذ على تجار الدين، وتجار الوطن، وتجار الشعارات.

لكن تبقى المعارك مستمرة. تبقى مكايدات السياسة، ومؤامرات أصحاب الذقون مستمرة. 

تمر ذكرى أكتوبر المجيدة، ويظل لنا فيها عبرة.. وعظة. نستمد من روح أكتوبر إصرارًا على مزيد من الانتصارات فى الطريق للتنمية والبناء. 

فى 30 يونيو 2013 راهن الشعب على جيشه. عام 2014 جاء عبدالفتاح السيسى بنداء الشارع وهتافات الملايين. راهن عبدالفتاح السيسى على إرادة المصريين.

استعاد المصريين الأرض فى أكتوبر 73. واستعادوا الدولة والوطن فى 2014. تبقى المعارك مستمرة.. وإن اختلفت الأسلحة.. وطرق التعبئة. تختلف مع الزمن طرق الحروب وملامحها. 

فى الطريق للجمهورية الجديدة هناك من يلقى الألغام فى طريق التنمية. يظل هناك فى الطريق للجمهورية الجديدة من يرمى بفخاخ التشكيك.. وأباطيل الإثارة فى معارك تتخذ فيها الكلمة محل السلاح.. ويغوص فيها «البوست» على مواقع التواصل كما الألغام فى التراب. 

تبقى المعارك مستمرة.. على شاشات فضائيات معادية.. ومن على قنوات ممولة. تبقى معارك قاذفات الهدم دائرة على ودنه.

لكن يبقى أن لنا فى انتصار أكتوبر عبرة.. ولنا فى الرهان على إرادة المصريين عظة. تبقى إرادة وطن هى الأبقى.. وتبقى إرادة شعب مستمدة من انتصارات الماضى فى الطريق لمزيد من الانتصارات فى المستقبل.. إشارة.

هى إرادة وطن لا تلين. فقد أثبت التاريخ.. أن أى رهان مضاد على إرادة المصريين.. لا يمكن أن يُكتب له النجاح.