الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«خطة كيوبيد» لمواجهة الطلاق المبكر

إستراحة مشاهد

«خطة كيوبيد» لمواجهة الطلاق المبكر

رغم أن قاعة يوسف إدريس تتسع لثلاثين فردًا بالتمام والكمال، لكن صدى ضحك الجمهور على مفارقات أبطال عرض «خطة كيوبيد» خرج وكأن العرض يشاهده المئات. إنه ضحك من القلب لأن المصريين يحبون من يعالج مشاكلهم الاجتماعية وخصوصًا العائلية بخفة ظل وبإسقاط ما يحدث على خشبة المسرح على واقعهم اليومى المعاش، كما فعل إله الحب المعتزل ومقدم برامج الراديو «كيوبيد».



قبل أن أكمل، أنوه إلى أن كلمة «خشبة المسرح» المذكورة فى الفقرة أعلاه غير دقيقة، فنحن داخل قاعة، حوَّلها المخرج أحمد فؤاد إلى منزل يضم كيوبيد وابنته وزوجته وخطيبها الذى هو ابن عمها. منزل لا يضم الممثلين وحدهم، بل الجمهور أيضًا الجالس على بعد متر واحد من الممثلين الأربعة. وهنا تكمن أهمية التجربة التى أعادت الحياة للقاعة المغلقة منذ 11 عامًا، وهو ما يحسب بالتأكيد لإسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح ومحسن منصور مدير المسرح الحديث الذى يحتضن قاعة يوسف إدريس ومسرح السلام. ولعل رجال الدفاع المدنى الذين وفروا كل الاشتراطات اللازمة لإعادة القاعة للحياة، يدركون حجم الخدمة التى قدموها ليس للمسرح المصرى فقط، ولكن للذين يعانون من ظاهرة الطلاق المبكر والصراعات الزوجية التى تنشب قبل الزواج وتستمر بعده، حيث موضوع هذا العرض.

 

بوستر المسرحية
بوستر المسرحية

 

يتميز عرض «خطة كيوبيد» بأن مؤلفه عبدالله الشاعر انطلق من شخصية أسطورية متخيلة إلى واقع يعانى منه الملايين، كيوبيد إله الحب يعتزل ويتزوج ويعانى من حياة مملة ورتيبة مع زوجته التى يحبها رغم كل ذلك، وعندما يقترب موعد زواج ابنته وابن عمها، يلاحظ الخلافات المستمرة بينهما، فالصراع بين الرجل والمرأة أزلى، أما الحلول فهى التى تحتاج إلى أفكار خارج الصندوق، لهذا وضع «كبير عائلة الكبايدة» خطة جديدة من نوعها، بأن أخضع الحبيبين لسلسلة من الاختبارات موحيًا لهما بأن الزيجة ستفشل ليتمسكا ببعضهما البعض ويقررا أن يكملا الحياة رغم كل المنغصات المتوقعة.

خطة ربما يحتاجها الكثير من المقبلين على الزواج هذه الأيام، ليتدربوا مسبقًا على نوعية المشكلات التى قد تعصف بالارتباط فى زمن قياسى. خطة لعلها تحتاج إلى نظرة من القائمين على مشروع «مودة» للحفاظ على الأسرة المصرية، لعلهم يشجعون المقبلين على الزواج على الذهاب ومشاهدة المسرحية التى تمرر الكثير من الأفكار والتأملات بين الضحكات والاستعراضات والأغانى.

«خطة كيوبيد» ثالث عرض أشاهده لأحمد فؤاد الذى يؤكد مدى إخلاصه لفن المسرح وتطويع النصوص والسينوغرافيا وباقى الأدوات لما يناسب الموضوع والخشبة التى يعرض عليها على حد سواء. تعاون فؤاد مع فريق مميز؛ على مستوى الديكور أحمد أمين الذى حوَّل الممثلين إلى مساعدين يحركون الديكور دون أن يشعر المتفرج الجالس معهم بأن هناك فواصل تتم وحركة تجرى فى الكواليس، ملابس رباب البرنس ساعدت الجمهور على استيعاب التنقلات الزمنية بين زمن الأسطورة والزمن الحالى بجانب الانتقالات الدرامية مثل «ملابس المخبرين» فى مشهد التحقيق. أيضًا إضاءة أبوبكر الشريف كان لها دور أساسى فى شد انتباه المتفرجين طوال الوقت للمساحة التى تجرى فيها الأحداث. وللمرة الثانية استمتع بالإعداد الموسيقى لمحمد عبدالله بعد «ديجافو»، فيما أضاف فؤاد عزفًا حيًّا للكمان قدمه بامتياز الفنان تامر عبدالمجيد.

الممثلون الأربعة وعبر 75 دقيقة عبَّروا عن الشخصيات التى صاغها الشاعر بأفضل ما لديهم من إمكانات؛ أمنية حسن أعرفها كمطربة صاعدة، لكنها كممثلة وضعت نفسها على بداية طريق طويل، لكنها تملك الأدوات اللازمة للاستمرار لو نوعت من أدوارها وعددت تجاربها، نوال سمير فى شخصية الأم المتسلطة ممثلة خفيفة الظل وتتمتع بالقدرة على الحركة المؤثرة رغم ضيق المساحة، فيما سعدت بشكل شخصى بالأداء المتميز واللياقة البدنية التى تمتع بها كريم الحسينى، كونه الممثل الذى أحببناه طفلاً فى «الجراج»، والذى غاب طويلاً، لكنه عاد كأنه لم يغب.

يتبقى بطل العرض، «كبير عائلة الكبايدة» الفنان عبدالمنعم رياض، الذى تحمَّل القدر الأكبر من الإضحاك والتعبير عن فلسفة المسرحية، والذى يتمتع بإمكانات جسدية وبنبرة صوت وقدرة على التقمص تجعله مؤهلاً لملء مساحات فارغة كبيرة على الشاشتين الكبيرة والصغيرة، لو أن مخرجى ومنتجى المسلسلات والأفلام فى مصر ذهبوا إلى «قاعة يوسف إدريس» وشاهدوا «خطة كيوبيد».