الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الـ«ماميز» واليوم الرياضى

الـ«ماميز» واليوم الرياضى

من أعجب وأغرب وأخرق ما قرأت خلال الأيام القليلة الماضية تعليقات «نارية» من «ماميز» الأولاد والبنات اللاتى أعلن غضبهن وأشهرن سخطهن بسبب ما صرح به وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى الجديد - وهو ابن الوزارة وكادر أصيل من كوادرها – الدكتور رضا حجازى من أنه سيتم تخصيص يوم رياضى فى المدارس،  وأن هذا اليوم لا يعنى إلغاء حصة التربية الرياضية. 



تابعت وأنا غير مصدقة،  رغم إنى كنت أعتقد أننى لهول ما رأيت من ردود فعل بعض الـ«ماميز» فى شأن العملية التعليمية قد فقدت القدرة على التعجب أو الانبهار،  ما عبرت عنه كثيرات فى شأن اليوم الرياضى. «هذه مهزلة» «هذا تسيب» «فاضل نعمل يوم للموسيقى ويوم للغناء ويوم للرقص وبلاها تعليم» وقائمة طويلة جداً من التعليقات الغاضبة التى تعبر عن قلق قطاع من الأمهات على مستقبل «أينشتاين» الصغير. هذا المستقبل الذى ترى بعض الأمهات أنه عرضة للضياع بسبب يوم رياضى هو بالطبع ضائع وزائغ وتائه ولا مجال لإنقاذه فى ظل هذا الفكر. 

الفكر الذى يؤمن أن انخراط الصغار فى شكل من أشكال الرياضة هو تضييع للوقت وإهدار للطاقة لا أمل أو رجاء فيه إلا لو خضع لعملية توعية جذرية سريعة وعاجلة. سنوات طويلة وملايين المصريين يطالبون بتطوير التعليم وتحديثه. نصرخ من أجل إنهاء منظومة الحفظ والصم العقيمة التى أنجبت أجيالاً تتخرج فى الجامعة ثم تبدأ رحلة تأهيل وظيفى, 16 عاماً يمضيها الطالب فى صفوف التعليم المدرسى والجامعى، ثم يخرج الكثيرون والكثيرات منهم يامولاى كما خلقتنى. الطموح يحاول جاهداً الالتحاق بـ«كورس» تعلم اللغة الإنجليزية. والطموح جداً يسجل للحصول على شهادة معتمدة فى الجرافيكس أو ما شابه. أما الباقون فيبقون على حالهم بين عمل مؤقت هنا أو عمليات سمسرة هناك, قليلون فقط من يدركون أن سوق العمل لا يحتاج من حفظ التاريخ والجغرافيا وأحرز عشرة على عشرة فى كتابة الإنشاء. بالطبع التفوق مهم. لكن حشو الدماغ وسكب الحشو على ورقة الامتحان يختلف عن تنمية المدارك وتدريب العقل على التفكير النقدى والبحث عن المعلومة والتفاعل معها. 

الرياضة التى لا تعمل فقط على اكتشاف المواهب الرياضية بل تبنى الشخصية والعقل والجسم مكون رئيسى للصغار. لكنها لكثيرات من «الماميز» تضييع وقت والأولى بهذا الوقت استمرار عمليات الحشو الميكانيكى. وإذا كان الأهل أنفسهم لا يرون حاجة إلى تعديل المفاهيم وتصحيح ثقافة التعلم،  فكيف نتوقع أن تنجح أية جهود لتطوير التعليم؟ عن أى تطوير نتكلم إذن؟ تطوير الدرس الخصوصى أم تطوير السنتر؟ أم تطوير المطالبة بعودة المجاميع إلى المئة بالمئة والالتحاق بكليات «القمة» هرباً من كليات «القاع» رغم أن كليهما يلتقى على المقهى نفسه؟! 

وعودة إلى اليوم الرياضى المقترح،  وليته يحدث بالفعل،  ولكن وآه من ولكن. هل مدارسنا،  لا سيما الحكومية،  لديها مساحة تسمح بعقد يوم رياضى أو حتى حصة ألعاب رياضية؟ لا أسأل عن المعدات من مضارب أو ملاعب أو أجهزة رياضية،  أسأل عن مساحة يمكن الجرى فيها؟! وفى حال وجدت المساحة،  هل يسمح «الفكر السائد» بجرى البنات أم سيخرج علينا من المعلمين والنظار من يحرم ويجرم ويكفر؟! 

المهم هو أن نبدأ موضوع الإنشاء بعبارتى «العقل السليم فى الجسم السليم» و«الرياضة وقود الجسم والعقل». وعلى الصغار حفظهما صم لسكبهما فى الكراسة.