الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«المخرج الخواجة» فى السينما والدراما.. تقليد أم ضرورة فنية؟!

نيللى كريم - يسرا
نيللى كريم - يسرا

حالة ترقب من الجمهور عقب الإعلان عن سلسلة التشويق النفسية «وعد إبليس» للمخرج البريطانى كولن تيج، بطولة عائشة بن أحمد وعمرو يوسف. وكذلك مسلسل «روز وليلى» بطولة يسرا ونيللى كريم، بتوقيع المخرج السينمائى والتليفزيونى البريطانى أدريان شيرجولد، المنتظر عرضهما خلال الفترة المقبلة.



 

تكرار وجود المخرج الأجنبى فى الأعمال المصرية فى الآونة الأخيرة، أصبح لافتًا ومؤثرًا فى الصناعة الفنية ككل، فالأمر ذاته قد حدث قبل عامين مع ملحمة «ممالك النار» من بطولة خالد النبوى وتأليف محمد سليمان عبدالمالك وإخراج البريطانى بيتر ويبر. لذلك تلقى مجلة «صباح الخير» الضوء على هذه الأعمال الفنية الجديدة، التى تدمج بين الثقافة الغربية والعربية لا سيما المصرية؛ بمشاركة نخبة من النجوم العرب والعالميين، تحديدًا من خلال التعاون مع مخرج أجنبى شهير.

تنوع ثقافى 

«مرحلة مهمة فى تطور الدراما التاريخية بالمنطقة العربية».. هكذا يصف السيناريست محمد سليمان عبدالمالك مسلسله التاريخى الضخم «ممالك النار»، الذى تصدر تريندات مواقع التواصل الاجتماعى أثناء عرضه، وكذلك قوائم المشاهدة فى الوطن العربى اَنذاك، معبرًا عن سعادته وفخره بهذه التجربة الثرية.

يتابع واصفًا رؤيته له ضمن مسيرة أعماله المتميزة لـ«صباح الخير»: «هكذا كان طموحى والشركة المنتجة (جينو ميديا) للمنتج الفنان ياسر حارب؛ تقديم عمل مختلف غير مسبوق، وأظن أننا وصلنا لنقطة قمة متميزة فى الدراما التاريخية، تتطلب المزيد من التركيز والمجهود فيما سيتم تقديمه ضمن هذه النوعية الفنية».

 

نيللى كريم من مسلسل وعد إبليس
نيللى كريم من مسلسل وعد إبليس

 

أمًا كواليس التعاون مع مخرج أجنبى عن الثقافة المصرية، فيشير «عبدالمالك» إلى أنه شعر بالقلق فى البداية، خاصة أنه يتحدث بلغة مختلفة عن اللهجة المصرية وبقية فريق العمل، لكن مع اكتمال التجربة تغيّرت رؤيته تجاه الأمر؛ حيث أدرك أن وجوده أضاف كثيرًا للنص، بحسب وصفه.

يضيف: «بيتر ويبر أعطى لمسات خاصة جعلته مفهومًا للمشاهدين أصحاب الثقافات المختلفة، على عكس المعتاد فى صناعة الأعمال الفنية المصرية الأخرى التى تستهدف جمهور محدد من نفس الثقافة؛ إذ إنه منح الدراما صبغة إنسانية مميزة تجعله يحلق بأى منطقة بالعالم».

يوضح «عبدالمالك» أن ذلك يأتى وفقًا لانشغاله الدائم بفكرة الاستعانة بمصادر غربية أو أجنبية فى كتاباته عامة والتاريخية منها على وجه الخصوص، مضيفًا: «عايز أشوف شايفنا إزاى فى تاريخهم»، فى إطار كسر حلقة مخاطبة أنفسنا فقط على مستوى المحتوى الدرامى، وأظن أن «ممالك النار» كان خطوة مهمة فى الطريق نحو ذلك.

كذلك يتمنى رؤية المزيد من الأعمال التاريخية العربية أكثر عمقًا وأهمية خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن هذه التجربة المثمرة فنيًا على الصعيد الجماهيرى والنقدى، حمسته لتكرار تجربة العمل مع أى من المخرجين الأجانب سواء فى وسيط السينما أو الدراما.

غزارة الإنتاج 

منذ الخمسينيات وحتى ألفييات السينما المصرية، تكرر الاستعانة بعناصر فنية أجنبية فى الأعمال الفنية المصرية؛ كمديرين التصوير وواضعى الموسيقى التصويرية ومصممى المعارك وغيرهم.. لكن ماذا عن ظاهرة «المخرج الخواجة»؟

يرى الناقد الفنى محمود عبدالشكور أنه لا مشكلة فى وجود مخرج أجنبى لمسلسل أو فيلم مصرى لو تطلبت ظروف الإنتاج ذلك، قائلاً: «استعنا بأندرو مارتون فى الستينيات لإخراج (وإسلاماه) وكان هناك مخرج إيطالى للمعارك الحربية فى فيلم (الرصاصة لا تزال فى جيبى). أما تقييم جدوى الاستعانة بمخرج أو مدير تصوير أو ماكيير أو مهندس ديكور أحنبى فيتم الحكم عليه من الفيلم نفسه أو المسلسل بعد مشاهدته».

وعن تعدد اللهجات على ألسنة الأبطال بجانب العربية ضمن الأحداث، يعلق «عبدالشكور» لـ«صباح الخير»: «لا مشكلة أيضًا فى وجود لغات أجنبية فى فيلم مصرى لو تطلبت الدراما ذلك؛ أى مثلاً كان جيدًا جدًا وجود ممثلين إنجليز يتحدثون باللكنة البريطانية فى فيلم (كيرة والجن) بدلاً من الصورة المضحكة للاستعانة بممثلين مصريين يتحدثون العربية بطريقة هزلية تفسد مشاهد تراجيدية أو جادة».

 

عائشة بن أحمد من كواليس مسلسل وعد إبليس
عائشة بن أحمد من كواليس مسلسل وعد إبليس

 

من جانبه، يرى الناقد الفنى إيهاب التركى أن الاستعانة بـ«المخرج الخواجة» لم تصل حد الظاهرة حتى الآن، ولكن السينما عمل جماعى والتعامل مع مخرج أجنبى لا بأس به بشكل عام؛ فكلما توسعت الصناعة فى الإنتاج كلما احتاجت إلى مواهب لها خبرات أحدث لدعمها، ومن الجائز ألا تنجح بعض التجارب مع المخرج الأجنبى، لكن مطلوب أن تنفتح مصر (هوليوود الشرق) على مواهب وخبرات تساهم فى دفع أعمالها الفنية إلى مستوى إبداعى أكبر.

يتابع: «لا يمكن إغفال أن بعض أهم المخرجين الحاليين فى هوليوود من خارج أمريكا، ولا أعنى المخرجين المقيمين والمهاجرين من أصول غير أمريكية، بل أعنى من يعيشون فى دول أخرى ولهم ثقافة مختلفة وتمكنوا من صنع روائع هوليوود الأخيرة، ومنهم مثلا المكسيكى أليخاندرو جونزاليز إيناريتو مخرج أفلام» The Revenant» و«Birdman» وهو لا يجيد الإنجليزية تمامًا، ولكنه مخرج موهوب ومبدع يجيد التعبير السينمائى وسرد القصة بغض النظر عن مكان وزمان الأحداث».

يضيف: «هناك تجارب قديمة أيضًا فى إخراج أجانب لأعمال مصرية؛ منها تجربة المخرج الألمانى فريتز كرامب الذى أخرج فى مصر بالثلاثينيات فيلم (وداد) بطولة أم كلثوم و(لاشين) بطولة حسن عزت وحسين رياض، والأخير يعد من أهم مائة فيلم مصرى. كذلك المخرج الأمريكى من أصل مجرى فى (وإسلاماه) الشهير، وجميعها أنتجت أعمالًا فنية تحمل طابعًا وملامح شرقية بالإضافة إلى الإتقان فى صناعتها».

وعما إذا كانت هذه الخطوة فى صالح الصناعة من عدمها، يؤكد «التركى» أهميتها قائلا: «لا بد أن نعترف أن الدراما فى أزمة لأن هناك عددًا قليلًا من المخرجين المصريين الموهوبين فعلاً، ومطلوب إنتاج عدد كبير من الأعمال سنويًا، وفى نفس الوقت براعة فى الإخراج وأساليب تنفيذ وإبداع خارج الصندوق، فمشاركة مخرجين من جنسيات أخرى لا بأس به. زيادة هذه الأعمال ضرورة؛ ستدفع المخرجين المصريين خاصة الشباب للسعى إلى مزيد من الإتقان وتعلم واكتساب الخبرات الاحترافية الحديثة، سواء من خلال الاحتكاك بالأجانب أو دراسة التقنيات الحديثة فى الخارج».

مفهوم العالمية

على الجانب الآخر، دومًا ما يجد النجوم المصريين احتفاءً جماهيريًا وإعلاميًا كبيرًا بمشاركتهم فى أعمال أجنبية، أحدثه للمخرج المصرى محمد دياب عن عمله فى مسلسل Moon Knight، لذلك السؤال الآن: ماذا عن الصدى الذى تحققه هذه الأعمال الفنية عالميًا؟ وما هى معايير الأعمال العربية العالمية؟

بوستر ممالك النار
بوستر ممالك النار

 

 

يجيب «عبدالشكور»: «لا يعتبر الفيلم عالميًا إلا لو وزع وشوهد على نطاق عالمى أو تم تسويقه بشكل ضخم إثر فوزه بجائزة عالمية مثل إيمى أو الأوسكار أو جوائز مهرجان كان أو برلين أو فينيسيا. أمًا مسلسل محلى يعرض فى مصر أو المنطقة العربية أو مهرجان صغير وهامشى فهو فيلم محلى حتى لو كانت فيه عناصر فنية أجنبية كالإخراج أوالتصوير أو حتى لو ظهر فيه ممثل شهير مثل فاندام».

يتفق «التركى» على شروط العالمية وفقًا لعوامل منها التوزيع والمهرجانات، مضيفًا: «هوليوود صناعة كبيرة وضخمة ومساهمة فنانين من مصر بها أمر يستحق الاحتفاء محليًا، ونحن لدينا صناعة عريقة ولكنها ليست فى أفضل حالاتها حاليًا، ومساهمة مخرج أجنبى فى إخراج عمل مصرى محلى قد لا يجلب لهذا المخرج احتفاء هوليوود إلا لو العمل كان مميزًا ووصل إلى المشاهدة عالميًا، وهذا أمر تتدخل فيه عوامل كثيرة. لكننا نستطيع الوصول إلى هوليوود والعالم سواء بالاستعانة بمخرج أجنبى أو بدون، ولا ننسى وصول مسلسل مصرى (فى كل أسبوع يوم جمعة) إلى ترشيحات إيمى من خلال بطلته منة شلبى، والمسلسل من إخراج محمد شاكر خضير وهو واحد من المواهب المصرية المهمة فى الإخراج».