الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الشريف وعكاشة والفن!

الشريف وعكاشة والفن!

اختلف رجال المعرفة حول الفن، هل هو للفن أم للحياة؟ فى كلية الفنون الجميلة تعلمت من أساتذتى أنّ الحياة جميلة بإنسانيتها ومحتواها ومخلوقاتها، ولكن ذلك لا يتم إلّا إذا كانت نفس الإنسان جميلة فى ذاتها أو كما قال الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى: والذى نفسه بغير جمال *** لا يرى فى الوجود شيًاء جميلًا تعلمت من أبى الروحى الفنان حسين بيكار الذى خاطب بفنه وجدان المثقف والمواطن العادى، إنّ الإنسان ينبغى له المعرفة والتذوق فى عالم الحياة الفسيح وأرجائها الشائعة، للجماليات والضروريات والكماليات أيضًا. ومن لم يتجمل للحياة فهو غير جميل! جمال فى كلّ جانب من جوانب الحياة المتدفقة بالخير والسلام والفكر والانتعاش. تعلمت من أستاذى عبدالسلام الشريف أن الفن ملئ بالشجن والمشاعر، بمجرد أن تقترب من العمل الفنى يدور حوار بينك وبينه، أنت وحدك بإحساسك تستطيع أن تلمسه بمشاعرك وتراه بعينيك، وأنه وسيلة لنشر القيم المدنية مثل الاحترام والتسامح والسلام، وأن الفن للجميع.



عايشت الشريف أحد أبرز مبدعى الفن التشكيلى الحائز على جائزة الدولة التقديرية فى الفنون، عندما تعاون مع د.ثروت عكاشة بعد أن تولى رئاسة البنك الأهلى، وبتكليف منه، عندما أراد عكاشة أن يخطو بالبنك الأهلى تلك الخطوات التى خطتها البنوك فى الدول المتحضرة، من حيث إسهامها بنصيب فى نشر الثقافة والفنون، وكما يقول د.عكاشة فى مذكراته «وهو ما لم يكن مألوفًا عندنا، ومن هنا رصدت مبلغًا سنويًا لاقتناء بعض ما ينتجه الفنانون المصريون من لوحات ومنحوتات لتُزين بها جدران مبانى البنك وقاعاته فى شتى فروعه، فهذا بجانب ما فيه من تشجيع للفن والفنانين فيه أيضًا طبع الأذواق على عشق الجمال، فضلا عما لتلك المقتنيات من قيمة مادية تنمو على مر الزمن». بذل عبدالسلام الشريف جهدًا فى إقتناء أفضل الأعمال الفنية منذ الستينيات لرواد الفن التشكيلى، منهم كامل مصطفى، الحسين فوزى، أدهم وسيف وانلى، حسين بيكار، حامد ندا، إنجى أفلاطون، زينب عبدالحميد، عبدالعزيز حمودة، عبدالعزيز درويش وحسنى البنانى. وعندما اكتملت مجموعة البنك على مر السنين، نظم الشريف معرضًا لمقتنيات البنك فى عام 1988 وتم تسجيلها فى كتاب ضم كل المقتنيات، كنت من المحظوظين فى المساهمة معه بإخراجه، ثم أسس متحفًا مستديمًا بالمقر الرئيسى للبنك عام 1994. وعندما أسس عبدالسلام الشريف المعهد العالى للنقد والتذوق الفنى كنت واحدًا من طلابه، وكان استاذًا لى فى الإخراج، الصحفى فهو رائد لفن الإخراج الصحفى.

فى عصر النهضة الأوروبية، رأينا أن رعاية الفنون كانت رسالة الأسر المثقفة لا سيما من كان منها يدير أعمالا مصرفية. والتاريخ يذكر لنا هذه الأسر المصرفية التى كانت لها عناية كبرى بالفنون، أسرة «مديتشى» الفلورنسية التى كان على رأسها «كوزيمو دو مديتشى». فقد كان هذا الرجل على الرغم من انكفائه على المضاربات واشتغاله بالأعمال المصرفية انشغالا كاد يملأ عليه وقته، كان ممن رأوا لأفلاطون حقه فأسس أكاديمية باسمه هى «أكاديمية الأفلاطونية الحديثة». 

و اليوم يتجسد هذا الفكر فى رعاية الفنون وأسرة عكاشة ممثلة فى هشام عكاشة، واهتمامهم بتحفيز الفن والفنانين.