الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خالد الكمار: المزيكا خطفتنى من الهندسة

خالد
خالد

تعد الموسيقى التصويرية أحد أهم العناصر فى أى عمل درامى، بل إحدى أدوات الحكى شديدة التأثير، والتى تصبح فى كثير من الأحيان علامة مميزة مرتبطة بالعمل، خاصة أن ريادة مصروتطورها فى مجال الموسيقى التصويرية متماشٍ ومواكب لتطورها وريادتها فى مجال صناعة السينما فى الشرق الأوسط. وقد شهدت السنوات الأخيرة طفرة فى مجال الموسيقى التصويرية، وظهرت أسماء جديدة من المؤلفين الذين يحملون رؤى جديدة تمزج بين ما هو كلاسيكى وأصيل وبين كل ما هو جديد، مستفيدة بالتقنيات الحديثة ومنفتحة على الأنواع والأشكال الجديدة من الموسيقى.



من أشهر تلك الأسماء حاليًا، الموسيقار خالد الكمار، صاحب موسيقى مسلسل «الاختيار3» خلال موسم رمضان 2022، والذى انتقل من مجال الهندسة لعالم الموسيقى فى سنوات قليلة، فقد تخرج فى كلية الهندسة بالجامعة الألمانية فى 2012. فى الاستوديو الخاص به، التقت مجلة «صباح الخير» بالموسيقار خالد الكمار، لنبدأ الحديث معه بالاستفسار أو ربما التعجب «إيه اللى جاب الموسيقى للهندسة؟»، ليؤكد بدوره أنه يحب الموسيقى منذ طفولته، وكان يرغب فى دراستها ولكنه كان مجتهدًا.. «مع الأسف كنت شاطر وزى ما بيقولوا دحيح فلما جبت مجموع كبير كعادة الآباء المصريين استخسروا إنى ما استفدش بالمجموع ووالدى أقنعنى (أو ضحك عليّ) وقالى هندسة يعنى هتذاكر كام ساعة والباقى كله هيبقى وقت للموسيقى»، لكن بالطبع اتضح الفخ بعد ذلك، فالهندسة ليست مجرد كام ساعة، ورغم ذلك كان يقسّم وقته اليومى بين الهندسة والموسيقى، ولم يتخل عن حلمه أو يقصر فى السعى إليه رغم انشغاله، لذلك بعد السنة الجامعية الأولى كان يرغب فى ترك الكلية، ثم تراجع عن ذلك، لكن عاوده نفس التفكير عقب السنة الثانية، وفى الثالثة قرر أن يستكمل دراسته للنهاية.

 

الموسيقى التصويرية وسيلته للحكى
الموسيقى التصويرية وسيلته للحكى

 

دراسة «الكمار» للموسيقى كانت عن طريق الكتب لا الدراسة الأكاديمية المعتادة، بخلاف بعض دروس البيانو القليلة. فقد كان دائمًا ما يستمع إلى الموسيقى داخل رأسه ثم يقوم بكتابتها، واستمر الحال هكذا حتى التحق بجامعة أدنبرة بالمملكة المتحدة وتخرج فيها فى عام 2016، حاصلاً على ماجيستير التأليف الموسيقى بامتياز مع الشرف، ولكن بداية عمله كانت بعد تخرجه مباشرة فى كلية الهندسة، فعندما أرسل أعماله للشركات لم يرد عليه أحد، حتى تواصل معه هانى عادل نجم فريق وسط البلد فى ذلك الحين، ليكون أول عمل له هو الفيلم المستقل «عشم»، ثم جاء بعده فيلم «ديكور»، ثم فيلم «لا مؤاخذة» وتوالت الأعمال بعد ذلك.

حكاية الإختيار

تحدث خالد عن حبه للموسيقى التصويرية بالتحديد، فهو يرى نفسه صانع أفلام أو بلفظ أكثر دقة «حكّاء»؛ الموسيقى هى وسيلته فى الحكى، فى القص، ورسم الشخصيات. أما فيما يتعلق بتلحين الأغانى فهى شىء مختلف لم يسع إليه ولم يمارسه إلا فى عدد من التترات، لكنه لا يستبعد أن يقوم بتلحين الأغانى يومًا ما. وحين سألته عن أكثر المؤلفين الموسيقيين المحببين إليه فكانت إجابته «بيرنارد هيرمان»، أما من مصر والوطن العربى فهو يحب موسيقى عمر خيرت وعمار الشريعى ومحمد هلال وعلى إسماعيل من الجيل الماضى، ومن الجيل الجديد خالد حماد واللبنانى خالد مزنر.

وعن طريقته فى التأليف الموسيقى فيقول «الكمار» إنه يأخذ وقتًا طويلاً ويصف نفسه بـ«البطىء»، لذلك بمجرد أن يتسلَّم السيناريو أو حتى جزءًا منه يبدأ العمل على الفور، خاصة أن أكثر ما يحب التعبير عنه ويستحوذ على مجهوده واهتمامه هو التعبير عن الشخصيات، حيث يفضّل أن تكون هناك تيمة موسيقية مرتبطة بالشخصية الدرامية وبتطورها من خلال الأحداث.

ومن هنا تطرق الحديث لشخصية الرئيس فى الجزء الثالث من مسلسل «الاختيار»، وماذا دار برأسه وهو يفكر بالتعبير عنها عن طريق الموسيقى، ليشير بدوره إلى أن العمل على عمل درامى مبنى على أحداث وشخصيات حقيقية يتطلب التفكير فى كل تفصيلة، خاصة أن الشخصيات شخصيات معاصرة قد عرفها وعاصرها معظم المشاهدين، لذلك فى شخصية الرئيس تحديدًا، أراد «الكمار» أن يعكس بموسيقاه صفتين أساسيتين وهما «الحزم وحنية الأب» و«الصرامة وطيبة القلب»، خاصة أن المخرج طلب منه أن تكون الموسيقى مميزة، فترتبط فى ذهن المشاهد بالأحداث.

ورغم ذلك أكد خالد الكمار أن المسلسل الأصعب بالنسبة له كان «الاختيار 3»، نظرا لكونها المرة الأولى التى يعمل فيها على مسلسل له طابع سياسى جاد، لذلك كان بمثابة تحدٍ مجهد.

 

مع المحررة
مع المحررة

 

الفرق بين «فاتن» و«علا»

وبسؤاله عن نوع العمل ومدى تأثيره على الموسيقى التصويرية، رد الكمار مستشهدًا بمثالين هما مسلسل «فاتن أمل حربى» ومسلسل «البحث عن علا»، موضحًا أنهما يتناولان تقريبًا نفس الموضوع وهو معاناة المرأة أثناء وبعد الطلاق، ولكن الأول له طابع درامى قاتم وتدور أحداثه حول سيدة من طبقة اجتماعية مختلفة تمامًا عن السيدة الأخرى من المسلسل الثانى، والذى له طابع درامى خفيف يمزج ما بين الجاد والـlight comedy. لذلك يصنفان كنوعين مختلفين رغم تشابه القصة، وبالتالى موسيقى كل منهما كانت مختلفة تماما، ليس فقط فى الجمل الموسيقية، ولكن أيضًا فى اختيار الآلات.

يضيف أيضًا أن «البحث عن علا» عمل عرض على أحد إحدى المنصات، ومسلسلات المنصات يكون لها شروط معينة فى نوعية الموسيقى، كما هو الحال مع الصورة والتناول، لأنها من المفترض أن تخاطب الجمهور على مستوى العالم، موضحًا أن هند صبرى كانت متمسكة باستخدام آلة إيقاعية معينة وهى hang drum التى لها صوت Shimmering متلألئ السحرية لإعطاء هذا الإيحاء بالتفاؤل والفرصة الثانية، لذلك دائمًا ما يحرص أن تكون الموسيقى لها خصوصية مرتبطة بالعمل، وأن تكون فريدة ولا تصلح لعمل آخر، مشيرًا إلى أنه يشعر أحيانًا أن البعض يستسهل وتكون موسيقاه فقط موسيقى جميلة، ولكن يمكن وضعها على أى عمل لأن ليس لها هوية معينة تربطها بعمل محدد، مما يفقدها قيمتها الأساسية كموسيقى تصويرية.

فى نهاية الحديث، تطرقنا لرؤيته للتقدير الذى يحصل عليه المؤلف الموسيقى، فأوضح أنه مع الوقت أصبح المؤلف الموسيقى أكثر شهرة وأكثر تقديرًا، وقد ساعد على هذا التكنولوجيا الحديثة وإتاحتها للموسيقى، فلم تكن من قبل الموسيقى التصويرية متاحة إلا عند عرض العمل الفنى، لذلك كان عدد من يعرفون اسم أندريا رايدر على سبيل المثال أقل بكثير من عدد من يعرفون اسم هشام نزيه.

وعن خططه المستقبلية وهل فكر فى إقامة حفلات «لايف» لمقطوعاته على غرار عمر خيرت وراجح داود، أكد أن هذا الموضوع من أكثر الموضوعات التى تشغل تفكيره فى الوقت الحالى، حيث يتمنى تقديم حفل «لايف» لمقطوعاته الموسيقية بنهاية العام الحالى.