السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الأزمة أضعفت روسيا؟!

الأزمة أضعفت روسيا؟!

الأمم المتحدة تعمل مع تركيا على عقد اجتماعات بين الروس والأوكران لبحث تأمين ممر ملاحى آمن بالبحر الأسود لتصدير الحبوب من أوكرانيا وروسيا.



أوكرانيا وروسيا تمثلان مجتمعتين حوالى 28 % من صادرات القمح العالمية. ووزير الخارجية الروسى يصرح بأن العالم يعانى من نقص الغذاء بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية.

فهل رق القلب الروسى فجأة؟ القلب الروسى قاسٍ جامد لا يرق، هكذا يقول التاريخ، الاتحاد السوفيتى وعماده روسيا حرث حرفيًا دولاً من جمهورياته حينما نادت شعوبها ببعض الحرية ونسمات قليلة من الحق فى تقرير مصائرها.

روسيا لم تعد تستطيع الصمود الاقتصادي. وكون قيمة عملتها قد تضاعفت منذ بدء الحرب، فهذا ليس معناه أن هذه قوة حقيقية، فليس هناك شاهد واحد لقوة الاقتصاد الروسى، فهى دولة تعتمد على تصدير المواد الخام والسلاح، وصادراتها تأثرت بالحرب. 

فبترولها يمثل 25 % من واردات أوروبا بقيمة قدرها حوالى مليار دولار فى اليوم الواحد. وقد تأثرت هذه الصادرات جدًا بسبب الأزمة الأوكرانية. كما قرر الاتحاد الأوروبى التوقف عن استيراد البترول الروسى مع نهاية هذا العام.

وروسيا فتحت سوقًا بديلة لصادراتها من البترول فى الصين، والأخيرة شاطرة، تأخذه بأسعار أقل من قيمته، وتخزنه الآن فى مخازنها، وستبيعه بأسعار عالية بعد ذلك محققة أرباحًا خيالية، وهذه سمة الطبائع الصينية، لا حد لاستفادتها التجارية من أى وكل شىء.

أمريكا والغرب جمدوا الأصول الروسية فى دولهم بما يعادل 630 مليار دولار، وقد أدى هذا مع بدايات الأزمة إلى هبوط سعر العملة الروسية بنحو 22 %، وتعانى روسيا من وقتها من نسبة تضخم كبيرة تقدر بنحو 17 %.

أما الروبل فقد ارتفع سعره بعد ذلك لأن روسيا قررت أن تضع له سعرًا سياسيًا أعلى من قيمته ذرًا لحمرة خجلها، مثلما كنا نفعل هنا فى مصر أيام كان اقتصادنا ضعيفًا هشًا فى الستينيات وأوائل السبعينيات، ومع ذلك كنت تجد الدولار يباع بـ35 و40 قرشًا مصريًا!! 

الاقتصاد الروسى ضَعُفَ، وكادت روسيا أن تتأخر فى سداد ديون خارجية مستحقة عليها، لولا أن أمريكا أعطتها يوم 25 مايو الماضى استثناءً لمدة ساعات لسداد مديونياتها بالدولار من خلال البنوك الدولية والأمريكية، وقد حدث ذلك فعلًا، وسددت روسيا الديون بالدولار.

ولا يجب للمتابع أن يقع فى شرك الدعاية الروسية عن قوة اقتصادها وسداد مديونياتها بالروبل، فكله كلام لا يمت للواقع بصلة، وحتى الدول التى ادعت روسيا أنها سددت لها ثمن الغاز الطبيعى بالروبل، فهذا كلام غير حقيقى، فهذه الدول سددت لبنوك روسية باليورو، والبنوك حولتها إلى حساب شركة جازبروم الروسية المصدرة للبترول بالروبل، فأين إذن السداد بالروبل هذا ! 

بيتُ القصيد أن الروس هُزِموا اقتصاديًا، فلجأوا إلى فكرة تصدير القمح والحبوب الأوكرانية والروسية عبر ممرات آمنة فى البحر الأسود. 

لم يلن القلب الروسى، ولكنها المصلحة الروسية التى غلبت، وروسيا ستنتفع أيضًا بالصادرات الأوكرانية بشكل من الأشكال، وسيكشف لنا المستقبل أبعاد هذا الشكل.

عمومًا هذه أخبار جيدة للعالم وأفريقيا ومصر، وكل الدول المستوردة للقمح والحبوب. فعودة هذه الصادرات سيخفض من سعرها ويحمى كثيرًا من الدول من مشاكل غذائية جمة.