الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
البوليس الإنجليزى لا يستجيب

البوليس الإنجليزى لا يستجيب

لم يخطر ببالى أبدًا أن أقرأ هذا المانشيت الرئيسى فى صحيفة جادة فى هذا البلد، وطوال أكثر من 40 سنة أعيشها هنا فى لندن لم يصل الأمر إلى هذا الحد الذى وجدت الجريدة المحترمة نفسها مضطرة إلى وضع هذا العنوان الرئيسى على صدر صفحتها الأولى.



المانشيت يقول: «البوليس يترك استغاثات الجمهور على تليفون الطوارئ 999... بلا رد».

والجريدة هى واحدة من أعرق صحف بريطانيا «دايلى تلغراف».. ومانشيتاتها عادة ما تتناول مسائل السياسة الداخلية والدولية، لكن تفاقم المشاكل الداخلية فرض نفسه عليها.

 

أعرف من ملاحظات سابقة لى أن البوليس الإنجليزى المسمى «سكوتلانديارد» يتمتع بسمعة شهيرة حول العالم.. لكنها سمعة وهمية، فالحقيقة أنه جهاز يتسم بالبيروقراطية والادعاء والفشل فى أشهر القضايا والجرائم.

ومن وقت قريب كانت هناك تقارير تشير إلى حال الكسل الذى أصاب هذا الجهاز الحيوى، وأدى إلى أن يطلب رجاله من ضحايا الجرائم المختلفة تصوير آثارها بواسطة التليفون المحمول وتسجيل فيديوهات يصف فيها الضحايا ما جرى لهم وإرسالها بالبريد الإلكترونى إلى عنوان القسم الذى وقعت فيه!

لكن «دايلى تلغراف» تضيف لمعلوماتنا المزيد، فتقول إن قوات البوليس تفشل بشكل روتينى فى الرد على المكالمات التليفونية العاجلة على خط الطوارئ 999!

وتقول الجريدة إن هذه المعلومة الخطيرة مصدرها أول تقرير بريطانى شامل عن خدمة الطوارئ.

وتضيف أن حوالى ثلاثة ملايين مواطن ممن يستنجدون بالبوليس كل سنة فى ظروف خطيرة بين الحياة أو الموت، طالبين المساعدة، يتركون بلا رد لفترات طويلة تتجاوز المدة المقررة رسميًا للرد على هذه الاستغاثات وهى 10 ثوان.

معلومات خطيرة

من أين جاءت الجريدة بهذه المعلومات الخطيرة عن فشل وتهاون واستهتار قوات البوليس فى مختلف أنحاء بريطانيا؟.

سألت نفسى.. وجاءتنى الإجابة فورًا فى السطور التالية:

 «هذه بيانات وأرقام من وزارة الداخلية».

ووفق هذه البيانات هناك قوة بوليس وحيدة، هى التى حققت الهدف واستجابت لنداءات الاستغاثة فورًا بعد عشر ثوان من تلقيها.. بنسبة بلغت 90 % فى منطقة «أفون» جنوب غرب البلاد. وأسوأ أداء سجلته قوة أخرى حيث بلغت نسبة استجابتها لنداءات الاستغاثة 2 % فقط!

ولأن ظروف وباء كورونا فرضت السماح بالعمل من البيت لبعض رجال البوليس المختصين بالرد على 999.. فقد ترتب على ذلك تدهور فى الأداء، ما زالت آثاره قائمة بعد إلغاء قيود كورونا.

 

 

 

 

فشل 3 ملايين مرة

بيانات وزارة الداخلية اعتمدت على ما مجموعه خمسة ملايين و200 ألف استغاثة تمت فى الفترة من نوفمبر العام الماضى إلى أبريل هذا العام.

ومعلوم أن الاستغاثة بالبوليس على تليفون الطوارئ تتعلق بمسائل خطيرة تهدد حياة الناس الذين من حقهم أن يتلقوا استجابة فورية وتحركًا سريعًا من البوليس فى ثوان، لحمايتهم من أى مخاطر أو أضرار.

لكن ما جرى هو أن أكثر من نصف هذه الاستغاثات لم تلق الاستجابة السريعة وبلغ مجموع حالات فشل البوليس فى الرد أو التجاوب حوالى 3 ملايين مكالمة.

قوات البوليس فى بريطانيا عددها 44 لم تتجاوب فيها مع الاستغاثات سوى 11 فرقة أى ربع مجموع قوات البوليس البريطانى، بينما فشل ثلاثة أرباع القوات فى ذلك.

نظام درجة ثانية

يعلق على هذه الظاهرة الخطيرة «ديفيد ويلسون» أستاذ علم الجريمة فى جامعة برمنجهام قائلًا: المثير للقلق هو هذا التلاقى بين ارتفاع معدلات الجريمة، وانخفاض نسبة أحكام إدانة المجرمين، والتراخى أو عدم الاستجابة العاجلة لنداءات الطوارئ.. وكلها تشكل جزءًا من نظام هابط، حيث تقدم لنا الخدمات الضرورية فى مستوى الدرجة الثانية من هيئات يجب أن تكون أعمالها من الدرجة الأولى. 

أما مدير اتحاد البوليس «ريك ميور» فيقول إن الاستجابة السريعة لاستغاثات الجمهور تنقذ حياة إناس وتوفر الحماية لآخرين من المخاطر وتمنع وقوع الجرائم، ولهذا فالسرعة أساسية، والحقائق التى كشفتها بيانات الداخلية تثير القلق، ولا بد من معالجة سريعة لهذا الوضع الخطير.

فماذا تقول وزيرة الداخلية «بريتى باتل»؟

لقد أعددنا هذه البيانات حتى يمكننا رفع مستوى الخدمة.. من خلال التعرف على القوات التى تحتاج إلى عملية تطوير حيوى شامل.. فنحن ندرك أن الرد على مكالمات الطوارئ مسألة حياة أو موت، والجمهور يستحق خدمة أفضل.