الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كن صديقى

بصماته التى تتراقص على أحزانهن تقتلنى، أنفاسه الملوثة لعوالمهن تطغى على مخيلتى فتحمل إلى عبق خياناته.



يبتسمن بوجع.. تلمس إحداهن يدى وتهمس برقة «أشعر بالذنب لأننى أخبرتك..ليتنى لم أفعل..».ِ

ليت للكلمات وقعًا آخر، جديدًا، يختلف عن معانى لطالما ألفناها، ليت للكذب معنى الصدق، ليت للخيانة نكهة الإخلاص لتحولت حياتى إلى جنة!

طريق عودتى يتطاول.. أكثر.. فأكثر، تقطعه إطارات السيارات نشدانا لوطن هو لهم الفردوس وأقطعه أنا ليس لرغبة منى فى العودة إنما اختصارًا لقصة ألم تتزايد كلما وضعت لها حدًا، تبدأ كلما أنهيتها، تتواصل كلما أنكرتها..بالله متى تنتهى!

صوت ناعم يهمس إلى «مدى يدك لى..حرارة الجو تمنح فكرى غيوما تبكينى..لا تبكى..» يخجلنى ضعفى أمحو دموعى..أستمد منها كبرًا لم يكن أبدًا رفيقى... «شجاعة دوما كما عهدتك..أترين ذلك المبنى البعيد؟ على أبوابه تخلصت كل العاشقات من ذنوب غرامهن ومنحت من غدر ذنبًا أزليًا».

ترتعش يدى معانقة مقود السيارة، أخشى أن ينفلت منى فأطيع وساوسى المنطقية،  تصرخ بمخيلتى عينى صديقتى الأقرب، تتردد بذاكرتى المنتهكة نفس كلماتها لقد غازلنى مرارًا.. حاول الإيقاع بى.. من أجلك صفعت غروره ومن أجلى أسأت معاملته..خشيت عليكِ فلم أخبرك..الآن وقد انتهى كل شىء صار واجبًا على أن أدعك تنزعين عنك ذلك الأسود، كفى عن المبالغة فى احترامه فلم يكن يستحق..لا تقولى أبدًا..كان حبيبى ومنعتنا الظروف قولى..كان خاطئًا.. آثمًا.. خائنًا.. ألا تبا له!

همسات أخرى تختلط بصوتها..لا تخشى الألم.. هى فقط صرخة واحدة ربما لن تكتمل..لا تخافى.. دماء كثيرة ستخضب الدرب وتمنح التراب عبق الحياة لكن وجهك الصبوح سيحتفظ بجماله.. بحقيبة يدك إثباتًا لهويتك.. سيتعرفون عليك فورًا.. كثير من البكاء سيغسل عنك الحزن.. تنفسى بعمق.. أكثر.. استرخى.. اهدئى.. رشفة ماء بارد لن تضير..كونى حاسمة.. أسرعى قليلًا.. قليلًا ثم أسرعى جدًا.. اتركى عجلة القيادة.. أغمضى عينيكِ..استحضرى بذهنك ثوب عرس.. وصيفات جميلات يتشحن بالأبيض.. ولى زمن الأسود يا جميلة..دعينى أرى ابتسامتك للمرة الأخيرة..بارعة الحسن أنتِ.

أغمضت عينى، تخليت عن المقود، استحضرت مشهد الجنة، سبحت بسمائى وفارقت رغبتى فى الحياة و..استسلمت.

ارتفعت نغمة هاتفى، استيقظت حواسى فجأة بعد خدر آسر..استردت عينى البصر،صوتًا محببًا عانق سمعى «ماما تأخرتى.. هل أحضرتى ما طلبت؟

أجبت:ــ نعم حبيبى..

-تأخرت؟

- لن يؤخرنى عنك سوى الموت..

رد بجد: أى موت تقصدين؟ أنت ماما وأمى لا تموت!

عن أى موت أخبره وأنا التى أمعن فى منحه يتمًا يدوم طوال حياته؟ أى موت سأختار إن كان هو حياتى؟ كبحت جماح مخاوفى خيباتى وسيارتى، أمسكت بهاتفى انفجرت صارخة «أشرف.. صديقى.. أنا خائفة»

دقائق أو ساعات أو حتى سنوات لا أدرى، تكورت بمكانى إلى أن منحنى منديلا لأمحو دموعى، ربت على كتفى وهمس:ـ لم كل ذاك البكاء؟

ــ لم يحبنىِ قط..يتلاعب بكل من تحمل هرمونًا للأنوثة!

ــ ياللرجال!

قلت:ــ أولست رجلًا؟

ابتسم:ــ بلى لكننى صديقك..

قلت:أحتاج انهيارًا عادلًا لا تنتهى معه حياتى.. أنشد أبًا يدفئنى، صدرًا يحتضن ألمى.

ــ هأنا معك…

على كتفه أفرغت كل دموعى فأزهر حنانا غامرًا وثقة لطالما فارقتنى فهمست:ــ أرجوك.. كن دومًا صديقى.