الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
نجوم الظهر.. مسرح للجميع

نجوم الظهر.. مسرح للجميع

يظل المسرح أبو الفنون فنًا له ذائقته الخاصة ومتعته الفائقة، فالتواصل الحى المباشر بين الفنان وجماهيره لحظة سعادة يمنحها الوهّاب للمبدعين يستشعرون قيمتهم ويتواصلون بألفة دون حواجز. والمسرح للجميع يحمل شعارات رصينة جاءت على لسان الفنان القدير والمخرج المبدع محمد صبحى قبل بدء العرض، حيث لا امتلاك للحقيقة المطلقة، ووصفه بأنه مسرح يتمسك بجذوره، لا ينسى فضل الرواد الأوائل، كما أنه لا ينسى قضاياه، فى حين يمنحك المتعة، ويتبنى هموم الوطن، باحثًا عن الحق والعدل والخير والجمال.



وفى تلك المدينة التى زرعت الأمل وسط الصحراء مدينة سنبل للثقافة والفنون قدم صبحى عرضًا مميزًا مع مجموعة من الأبطال الشباب، مزج إبداعاتهم المختلفة فى جدلية تتسق مع الحالة الدرامية التى صنعها، مؤكدًا على بريق المسرح وقدرته على امتلاك مواهب الغناء والعزف والتمثيل، فخرج العرض أشبه بالسيمفونية التى يقودها المايسترو ومعه براعة العازفين على أوتار مواهبهم الحية. الأصوات الغنائية التى ارتكز عليها العرض تتسم بالحس المرهف والقوة والانسيابية فى طلاقة الغناء السابح كالسلسبيل متضافرًا مع سياق الدراما، فجاءت المقاطع الغنائية تلامس قلوب الجماهير العاشقة للفن المصرى الصميم. وفى خضم التفاعل الدرامى أصّلَ صبحى بمنهجيته الرصينة لمنظومة القيم المتراجعة، فبحث فى جعبته وأفاض علينا بمناقشة قضايا مهمة، كالعدالة، الأمومة ودورها، الرفق بالحيوان، التحرش، ضرورة الاصطفاف، الاهتمام بذوى الهمم متمثلًا فى الشاب المكفوف الذى تغنى قائلًا: «فصلت من الضلمة خيوط من نور، وغزلت بيهم حلم»، «أنا مش خايف إنى صاحبت ضلمتى، انا خايف من اللى شايف». كما بث جرعة أمل بكسر الحواجز وإزالة العوائق وخاصة حاجز الخوف. كذلك ناقش استغلال رغبات الشباب من خلال الورش، وكيفية التعامل الإدارى، والاهتمام بالمبدعين.

أيضًا ارتكز على أهمية المبدأ، وضرورة المعلم الذى يوجد مع من يرغب فى التعلم، أما الجهل فلم يتناساه باعتباره آفة الشعوب، وأكد على أن الجهل والمال فساد، والجهل والحرية فوضى، والجهل والدين إرهاب. وقرب الختام خاطب الحجر «قول يا حجر أنت شايف إيه من البشر»، «أنت طابق فوق صدورنا، فوق أحلامنا، فوق طموحنا، فوق أملنا»، ورغم كل التحديات إلا أن الرسالة الأخيرة أن نجوم الظهر موجودة مهما حاولوا إخفاءها.

جرعة فنية ترفيهية تمثيلية غنائية كوميدية خرجت بنا من حيز المكان والزمان إلى نوستالجيا الحنين إلى الماضى بفنه الراقى الهادف بعيدًا عن الابتذال، البساطة فى الأداء وتسليط الضوء على مواهب فنية شابة يعمل على تشجيعهم للخروج كنجوم وسط آفات الفن الهابط والذوق العام المتراجع. وأعتقد أن من يطأ قدماه فى مدرسة صبحى المسرحية يصعب عليه الانزلاق فى بوتقة الإسفاف والتدنى. فالفن الحقيقى يحقق لنا المتعة والجمال والترفيه كوسيلة تسلية وأيضًا كناقوس خطر يدق معلنًا عن أوجاع مجتمع فى حاجة لنبذ كل المسالب والإعلاء من شأن المتعة الروحية والحسية لحياة أفضل ننشدها. التحية واجبة لكل طاقم العمل الذى عزف هارمونيًا ببراعة متناغمة سمعيًا وبصريًا فى لوحة تمثيلية إبداعية ارتقت بمبدأ تحيا الإنسانية.