الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نهاية آلام مرضى ضمور العضلات

طــاقــــة نــــور

افتتاح الرئيس السيسى لمدينة الدواء المصرية.. طفرة كبيرة لصناعة واعدة
افتتاح الرئيس السيسى لمدينة الدواء المصرية.. طفرة كبيرة لصناعة واعدة

يأتى ملف «صحة المصريين» على رأس أولويات الجمهورية الجديدة؛ تحقيقًا لمعادلة بناء «البَشر والحَجَر» جنبًا إلى جنب وبشكل متوازٍ؛ للوقوف على أرض صلبة، تحمل أجيالاً قادرة بدنيًا وفكريًا على الاستمرار فى مسيرة التنمية بشكل سليم. 



وكان لمرضى «الضمور العضلى»، وهو من الأمراض التى يصعب علاجها حال تأخر الكشف عنها؛ نصيبٌ من المبادرات الرئاسية، رغم تكلفتها الضخمة فى العلاج، فكان تحمُّل الدولة عبءَ العلاج لكل المرضى، وألا يتحمل المريض مليمًا واحدًا، رسالة واضحة من دولة 30 يونيو لحرصها على بناء صحة المصريين.

 

وقال محمد مختار، المتحدث الرسمى باسم صندوق «تحيا مصر»، أنه بعد مبادرة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، بعلاج مرضى ضمور العضلات: بدأ على الفور التنسيق بين أجهزة الدولة لتوفير الأدوية من خلال صندوق «تحيا مصر»، ومبادرة «أمل فى بُكرة»، على أن تتحمّل الدولة تكلفة علاج الضمور العضلى للأطفال حديثى الولادة، والتى تبلغ 3 ملايين دولار لكل طفل «46.5 مليون جنيه مصرى»؛ وتم توقيع عدد من الاتفاقيات مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة فى علاج هذا المرض، إضافة إلى بدء الكشف المبكر لجميع الأطفال؛ للوصول إلى تشخيص دقيق، حتى يتم العلاج مبكرًا للحالات المكتشفة، إلى أن يتم التخلص منه نهائيًا بشكل تدريجى.

 وتسعى الدولة مستقبلاً لإدخال تكنولوچيا صناعة أدوية مرض ضمور العضلات؛ ليكون نواة للقضاء على هذا المرض نهائيًا فى مصر، كما تفعل دائمًا عند اكتشاف أى علاجات جديدة للأمراض المختلفة، وذلك بعد اتفاقات عديدة مع المستثمرين، وصناع الدواء،  وسيكون لمدينة الدواء المصرية، دور بارز فى هذا الصدد مستقبلاً.

 

تنسيق بين أجهزة الدولة لعلاج الضمور العضلى فى إطار المبادرة الرئاسية
تنسيق بين أجهزة الدولة لعلاج الضمور العضلى فى إطار المبادرة الرئاسية

 

طفرة العلاج

أشار محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، إلى وجود 20 نوعًا لمرض ضمور العضلات أخطرها «الدوشين» أو «الشوكى»، مضيفا: «هو ما نتعامل معه اليوم لعلاج الأطفال أقل من عامين، ويتجاوز عدد مرضى الضمــــور فـــــى مصـــــر الـ300 ألف؛ حــيث إن نسبة 90 % منها تحدث نتيجة لزواج الأقارب، وهو أمر شائع فى مصر، ولذلك من الممكن وجود أكثر من حالة فى أسرة واحدة، فهناك ما يقرب من 190 حالة بمركز حوش عيسى بالبحيرة على سبيل المثال لا الحصر».

  وواصل: تلك مأساة إنسانية باعتباره مرضًا مميتًا، يجعل المريض قعيد الفراش غير قادر على مزاولة أى مهنة أو التعايش مع نظرائه أو باقى المجتمع، إضافة إلى أنه يمثل عبئًا كبيرًا على الأسر التى ينتمى إليها؛ حيث يحتاج مريض الضمور إلى إجراء فحوصات مثل الأشعات والتحاليل كل 6 أشهُر، بتكلفة تتخطى الـ 6 آلاف جنيه؛ للوقوف على آخر ما وصلت إليه الحالة من الضمور.

  واستكمل: بدأ اهتمام الدولة بمرضى ضمور العضلات الشوكى باعتباره أخطر أنواع الضمور، وأصرت على توفير العلاج رغم ارتفاع تكلفته، بعد أن تم اكتشافه مؤخرًا وأحدث طفرة فى العالم؛ حيث إنه يوقف استمرار الضمور. موضحًا أن تكلفة عبوة الدواء 60 مللى شهريًا تصل إلى 55 ألف دولار، وبتكلفة علاج تزيد على 30 مليون جنيه سنويًا، كما تم تأسيس أقسام متخصصة لعلاج المرضى منها العلاج الطبيعى، والأشعة، والتحاليل فى بعض المستشفيات الجامعية والحكومية، وبدأ إقبال المرضى للاستفادة منه، بعد أن كان يتم استغلالهم والاتجار بهم، عن طريق إيهامهم باكتشاف أدوية جديدة أو مراكز للعلاج.

ونوّه إلى أن العلاج يقدم للمرضى عن طريق مجموعة من المراكز بالمستشفيات وفقًا لأحدث التقنيات، وهى: الجلاء العسكرى، وعين شمس التخصصى، ومعهد ناصر. مشيرًا إلى أهمية الدور الذى يقوم به معهد ناصر فى تقديم العلاج لـ12 حالة بمركز علاج الضمور العضلى الشوكى، فضلاً عما يقوم به مركز ضمور العضلات بجامعة عين شمس، والذى كشف عن ضخامة أعداد المصابين من خلال التسجيل للعلاج.

وأوضح أن البدء بالعلاج فى حد ذاته خطوة جديدة للسيطرة على مرض يُشَخّص على أنه من أخطر الأمراض الچينية، ويتم إدراج برامج علاج لهذا المرض من خلال المبادرات الرئاسية التى تساهم فى توفير علاج مكلف لمرضى يتألمون؛ حيث يتحمل صندوق «تحيا مصر» تكلفة العلاج دون إرهاق لموازنة وزارة الصحة، وهو ما يُعتبر تخفيفًا على كثير من الأسر المصرية وتخليصهم من هذا العبء.

وقال «فؤاد» إن أكثر أسباب المرض هو زواج الأقارب؛ حيث يجب إجراء الفحوصات اللازمة من تحاليل وراثية جديدة للأطفال؛ لمعرفة هل معرضون لأمراض الضمور العضلى، والتوحد، والهيموفيليا، والتصلب المتعدد، والتمثيل الغذائى، وغيرها، فهناك أكثر من مليون شخص مصاب سنويًا بأمراض وراثية وچينية.

معتبرًا أن أسوأ ما بهذا المرض هو الإحباط الذى يمر به المرضى بسبب إدراكهم لخطورته؛ حيث تبدأ حالات الوفاة بها من العام الـ 30 للمرض، كما أنه من الأمور المرهقة لميزانية الدولة لاستمرارية الإنفاق لتوفير العلاج بدلاً من منع المرض، والذى يتم من خلال توفير بيئة ملائمة.

نقطة تحوُّل

  وأكد الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، أن العلاج المكتشف يُعتبر نقطة تحوُّل فى علاج ضمور العضلات، لما له من تأثير فعال فى تحسن الحالات، وعلى الرغم من أنه فائق التكلفة، ومن الصعب أن يتم توافره من خلال التأمين الصحى أو نفقة الدولة؛ فإن الدولة متمثلة فى القيادة السياسية لم تتهاون فى اتخاذ الأمر بجدية وتوفير العلاج بالمجان.

 قائلاً بأن هذا يحدث زيادة فى الاهتمام بوضع برامج علاجية ووقائية أيضًا؛ حيث يتم التشخيص المبكر والدقيق؛ وبخاصة لمن لديهم تاريخ مرضى، حتى وإن جاء هذا بشكل تدريجى، وهى ليست أول تجربة فى التعامل مع مرض نادر وخطير، فسبقته الأمراض السرطانية، وكذلك المزمنة مثل فيروس «سى»، والذى استطاعت الدولة ضمه إلى بروتوكولات العلاج فى مصر ليصل سعره إلى 600 جنيه حاليًا، والذى كان فى الأصل 28 ألف دولار، وحصلت مصر على الدواء وقتها بـ 1 % من السعر العالمى، ثم استورده القطاع الخاص بعد ذلك وكان يباع فى الصيدليات الكبرى بـ 14950 جنيهًا، والآن قاربت الدولة من رفع شعار «مصر خالية من فيروس سى»، وغيرهما من أمراض أخرى.

 موضحًا أن الأمر لا يقتصر على العلاج؛ فهناك مراحل أخرى ومنها الجراحات المتقدمة، وكورسات قبل وأثناء وبعد الجراحة، وهذا يُحدث نوعًا جديدًا وتشجيعًا للأطباء والباحثين فى الدراسة والبحث لاكتشاف العلاجات الجديدة، والدخول فى المنافسة العالمية بعد أن بدأ ظهور علاج فعال، وبذلك تولى الدولة اهتمامًا بالغًا بملف الصحة.

  وأضاف إنه مع الاكتشاف الدقيق للأعداد الحقيقية للمصابين، سوف يحقق هذا نتائج أفضل، هناك أولوية للحالات الأكثر خطورة والمتقدمة ثم الوسط  فالأقل.

وأوضح الدكتور أحمد صلاح كامل، أستاذ مساعد جراحة المخ والأعصاب بطب القصر العينى، مسببات الضمور العضلى قائلاً إن هناك أسبابًا مرضية مثل الچينية التى تصيب الخلايا العصبية، وأخرى غير مرضية ومنها تقدُّم العمر، زيادة فى إفراز الكورتيزون من وإلى الجسم، وهناك أسباب عصبية نتيجة لاضطرابات فى الأعصاب التى تغذى العضلات بالكهرباء وبالتالى تتأثر تباعًا، ومن ضمن الأمراض التى تؤثر فى الأعصاب التصلب الجانبى اللوحى، وعند حدوث اختناق أو قطع فى عصب ما، ومتلازمة «بليان بالية»، وهى رد فعل مناعى يهاجم الأعصاب مما يُحدث ضعف العضلات، وأمراض السكر والسموم، وشلل الأطفال؛ حيث يؤثر على الخلايا العصبية التى تصل إلى الأعصاب الحركية، وإصابة الحبل الشوكى.

 

الضمور العضلى مرض جينى نتيجة إصابة الخلايا العصبية
الضمور العضلى مرض جينى نتيجة إصابة الخلايا العصبية

 

الضمور الشوكى

  وقال أستاذ المخ والأعصاب: إن الضمور الشوكى هو مرض چينى يحدث نتيجة لإصابة الخلايا العصبية منذ التكوين العضلى والجهاز الحركى، وهو 3 أنواع أشدها خطورة هو الأول؛ حيث يقع فى نسبة 60 % من المصابين لحديثى الولادة، وتظهر أعراضه لعدم حدوث تطور حركى للطفل، واضطرابات فى الرضاعة، وضيق تنفس نتيجة لضمور الرئة وتحدث الوفاة عند سن العامين بنسبة 100 %؛ وبخاصة مع عدم اتباع أو تناوُل الأدوية.

 واستكمل: إن النوع الثانى قوته متوسطة، ويظهر فى عمر ما بين 6 و 18 شهرًا، ويكون تأثيره أكبر على القدمين، والنوع الثالث والأخير بسيط، ونادرًا ما يحدث بعد سن الثلاثين، ويتعرض المصابون به لأزمات حادة نتيجة الالتهابات المستمرة بالصدر. وأوضح أن ضمور العضلات من الأمراض الخطيرة؛ حيث يحدث نتيجة طفرة فى الچين لدى الطفل، ويصعب إفراز البروتين الذى تحتاج إليه الخلايا العصبية للنمو لكى تقوم بوظيفتها، ويؤدى إلى ضمور وضعف فى الخلايا وتباعًا العضلات، وهنا يفقد المخ قدرته على التحكم، وينتهى الحال بكثير منهم إلى الوفاة فى سن مبكرة.

وأشار إلى أن الضمور العضلى الشوكى هو ثانى أكثر طفرة چينية؛ حيث يولد فى مصر ما يقرب من 400 طفل سنويًا مصابين به، وتصل النسبة العالمية 1 لكل 6000 مصاب بالضمور، مؤكدًا على أهمية التشخيص الصحيح مع ظهور الأعراض الأولية، وإجراء الفحوصات الچينية وتحاليل معينة يحددها الطبيب، وقياس الكهرباء بالأعصاب، وأشعات الرنين على المخ، وعينات من العضلات فى بعض الحالات، وفى حالة وجود تاريخ مرضى من الضرورى سحب عيّنة من المشيمة للتأكد من إصابة المولود أو عدمه.

    وعن العلاجات قال «كامل» إن هناك نوعين، علاجات تُحدث تعويضًا للبروتين الذى يغذى الخلايا العصبية فيحسّن من حالة المصاب نسبيًا، وهناك نوع آخر من العلاجات يُحدث تعويضًا للچين المفقود ويتم إدخاله على الخلية لتحسين الچينات، ويعطى للأطفال الأقل من عامين عن طريق الحقن الوريدى وهو ما تم تطويره دوليًا وباهظ التكلفة. 

وفى سياق متصل أضافت الدكتورة نرمين صلاح، استشارى علاج الوراثة بطب عين شمس، إن الضمور الشوكى يُعد من أكثر أمراض ضمور العضلات الوراثية شيوعًا، وينتج عن خلل فى چين الدوشين، فيتوقف الجسم عن صُنع البروتين المسئول عن صحة ألياف العضلات بالجسم، وينتج عن غيابه ضعف تدريجى فتضمر الخلايا العصبية.

 وقالت: فى كثير من الحالات يتأخر بدء المشى عند الأطفال المصابين بالضمور الشوكى عن أقرانهم من غير المصابين، ويظهر لديهم تضخم بعضلة السمانة بالساقين، وصعوبة فى الحركة، ويكون الطفل دائم التعثر، كما يحدث أحيانًا تأخر فى الكلام.

 وأشارت، استشارى علاج الوراثة، إلى أن هناك العديد من الدراسات العلمية التى أجريت على «الدوشين» الضمور الشوكى، فى مصر لتحديد أنواع الطفرات الوراثية المنتشرة والمسببة للمرض؛ لتساعد على التشخيص الكامل للچين المسبب للمرض.