الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الناس الغلابة  (1)

الناس الغلابة (1)

الناس، يا ناس، غلابة. ربع تعداد الشعب المصرى غلابة، لا «يفّكون الحرف»، وما ضغطت أصابعهم على قلم،  أو شابت أطراف أصابعهم بسواد الحبر. وهم فريسة سهلة  فى شباك النصابين والغشاشين والمحتالين، وحتى ضاربى الودع الذين يبيعون الكلام، ويلهثون وراء الإثراء الهين والسريع.



إن أقسى ما يصاب به شعب هو الأمية والجهل، فى فكره وتصرفاته، وهو أقسى ما اُبتلى به الغلابة منا، وإلا كيف نفهم «فضيحة سندويتشات الحواوشي» المصنوعة من كراتين البيض المليئة بالقذارة والأتربة والحشرات، الى  قليل من اللحم يشتريها الغلبان المسحوق، عن جهل ومن دون تفكير، فتتسبب له فى التسمم الغذائى وإصابة الكبد والكلى، وتهتك جهازه المناعي، ولا يتوقف لحظة ليسأل نفسه: هل يعقل أن يباع رغيف اللحم بجنيه أو خمسة جنيهات؟!

وكيف لنا أن نفهم نجاح النصابين فى «شفط» أموال مئات من أهل الصعيد، سوى  الأمية والجهل، فأضاع هؤلاء «تحويشة العمر»، ظنا منهم أنهم يوظفون ما جمعوه وادخروه فى مشاريع ستُدر عليهم «المن والسلوى»، فوجدوا أنفسهم ضحايا شبكة من النصابين من 12 محتالاً، جمعوا الملايين لتوظيف فلوس الغلابة وإغراقهم بفوائد وهمية.

إن الظروف الحياتية القاسية منعت الكثيرين من التحصيل العلمي، فإنداروا يبحثون عن لقمة العيش. فتفشى الجهل وإنغلقت العقول، وأصبح هؤلاء عُرضة للأفكار والمعتقدات الباطلة الهدّامة، والوقوع فى براثن حركات  إرهابية وعنصرية من شأنها أن تقوض استقرار البلد ومناعته.   

ولنا من الدكتور محمد أبو الغار السند فيما قلنا، فهو كتب، غير مرة، أن نسبة الأميين وصلت إلى نصف المجتمع المصري، وأن هذا يعيق أى تقدم ومواكبة للعصر، وانتشار الحداثة التى هى أساس الحضارة فى عصرنا الحاضر   وعلى الرغم من أن رئيس هيئة تعليم الكبار وعدنا بأن مصر ستكون خالية من الأمية فى سنة 2030، إلا أن  المؤشرات لا تبشر بالخير، ولا نحب أن نقول ما يقوله العوام، «بالوعد يا كمون».

ويثور السؤال: لما لا يكون بين المجندين المُلزمين بالخدمة العامة من يقومون بالخدمة العسكرية، وآخرون يتولون خدمة تعليم الأميين فى الأرياف، فينضمون الى طلاب وطالبات المدارس والجامعات فى تنفيذ برنامج تربوى مدروس لمحو الأمية، ويكون ذلك بالتنسيق مع قصور الثقافة المنتشرة فى أنحاء البلاد ( أكثر من 500 قصر)؟

وقبل أن تتسع الفجوة بين احتياجات الغلابة منا وبين الدولة، فإن على هذه الأخيرة أن تضع من أولوياتها تعليم الأميين، وتشجيع الطبقات المسحوقة، المعدومة، والمطحونة، المحرومة من الكتاب والورق والحبر، لصعود السلم الاجتماعي، والتساوى مع شركائهم فى الوطن باكتساب العلم والمعرفة.

وقد يكون لتجارب غيرنا الناجحة فى هذا المضمار خير مُعين  لنا على اقتفاء خطواتهم. ولنا من التجربة الكوبية فى محو الأمية المثال والقدوة.

وللكلام... كلام.