الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الجمهــور يدعــو بالشفــاء..

هشام سليم.. سنوات النجومية والتمرد ومواجهة السرطان

عبر مسيرة فنية طويلة بدأت منذ أوائل السبعينيات، خطف الفنان هشام سليم أنظار المشاهدين منذ أطل بشخصية «مدحت» المراهق المتمرد على الشاشة فى فيلم «إمبراطورية ميم»، واستطاع أن يصنع تاريخًا فنيًا طويلًا، فضلاً عن الثقة بينه وبين الجمهور، الذى يعلم أنه سيشاهد نجمه المفضل فى عمل درامى أو سينمائى ذى ثقل، لأنه لا يفضل الظهور على الشاشة لمجرد التواجد، فإما أن يكون التواجد فى عمل يترك بصمة أو لا. ولعل هذا هو أبرز أسباب اكتفائه بأعمال قليلة، وربما غيابه تمامًا عن الموسم الدرامى طالما لم يجد ما يناسبه.



 

ولكن انتقائية هشام سليم لأعماله، وموهبته الفنية الكبيرة، لم يكونا الباب الوحيد الذى دخل منه إلى قلوب الجمهور، بل كانت هناك عدة عوامل أخرى هى ما صنعت هذه المحبة.

النجم المتمرد

دخل هشام سليم بوابة الفن، من خلال أعمال كبيرة، فقد اختار الطفل الصغير فى عام 1972، وكان وقتها يبلغ من العمر حوالى 12 عامًا، أن يجسد دورًا فى فيلم جرىء يناقش فكرة سطوة الآباء على الأبناء، والانفتاح الذى عليهم مواجهته واستيعابه بطرق أكثر دبلوماسية من الماضى. جسد هشام سليم دور «مدحت» المراهق الذى يشارك أشقاءه فى تمردهم، ثم تابع مسيرته ليشارك السيدة فاتن حمامة فى فيلم «أريد حلًا»، تلاها مشاركته فى «عودة الابن الضال» ليوسف شاهين، ليؤكد أن بداياته القوية كانت جسرًا من الثقة بينه وبين المشاهد.

ابن المايسترو

كان صالح سليم، أسطورة النادى الأهلى، نجمًا ذا شعبية جارفة، كلاعب ثم رئيس للقلعة الحمراء، حقق العديد من الإنجازات إلى جانب نجوميته كممثل فى عالم الفن، ناهيك عن شخصية الرجل المحبوبة من الجميع. «من بعد سن الـ 14 صالح سليم كان صاحبى، كنا بنتكلم فى أى حاجة وكل حاجة»، هكذا وصف هشام سليم علاقته بوالده، تحدث عن تربيته الصارمة والحنونة فى الوقت نفسه لنجليه «هشام وخالد»، وكيف كان ينشئهما على المبادئ والقيم الراسخة، وبلا شك كانت نجومية صالح سليم ومحبة الناس له، من ضمن الأشياء التى صنعت لهشام طريقًا ممهدًا لدخول قلوب الجماهير.

الأب الداعم

النجم المتمرد لم يكن فقط متمردًا من خلال أدواره الفنية، ولكن قبل عامين، فاجأ هشام سليم جمهوره بتمرده على المجتمع وثوابته، من خلال دعمه لابنته «نورا» التى خضعت لعملية تحول جنسى لتصبح «نور»، ليتحول النجم المتمرد إلى أب داعم.

وبدون خوف على نجوميته، أعطى سليم الأولوية لأبوته ليحمى نجله من نظرات المجتمع، وظهر داعمًا له فى عديد من البرامج، مؤكدًا أن ابنه حر فى اختياراته خاصة هذا القرار المصيرى الذى غير حياته ووضعه فى القالب المناسب له.

الانتقائية

لم يعتد هشام سليم الحضور على الشاشة دون بصمة، لذلك يغيب عن الساحة إذا لم يجد العمل الذى يناسبه. انتقائيته فى الأعمال لم تصنع تاريخًا وهميًا من النجومية، بل صنعت تاريخًا حقيقيًا من الأعمال التى لا يزال المشاهد مرتبطًا بها مهما مرت السنوات، بدءًا من «ليالى الحلمية»، مرورًا بـ«الراية البيضاء»، و«أرابيسك»، و«هوانم جاردن سيتى» وغيرها من الأعمال التى شكلت فارقًا فى تاريخ الدراما المصرية. أيضًا الحضور الهادئ والابتعاد عن افتعال المشاكل والتصريحات التى قد تجعله نجم الترند كما يحرص العديد من النجوم حاليًا عليها، من أهم أسباب حب الجمهور لهشام سليم، فالترند لا يصنع نجمًا ولا يحافظ على نجومية.

السرطان

ولأن مفاجآت الحياة لا تنتهى، فقبل أيام قليلة أعلن هشام سليم إصابته بالسرطان، ليشكِّل هذا الخبر صدمة كبيرة لجمهوره، ولكنه كعادته طمأن الجميع بهدوئه المعروف، مؤكدًا أنه بخير حال، بل يظن أن الإصابة بالسرطان أفضل من الإصابة بكورونا، مُصدِّرا للجمهور القوة والصبر فى تلقى البلاء. لعل هشام سليم القوى استمد شجاعة مواجهة شبح المرض من والده الذى مر بالموقف نفسه، أو لعل تمرده وقوته نابعان دائمًا من خلاصة تجاربه ورؤيته العميقة للحياة ومحبته لها. المهم الآن أن تستمر هذه القوة حتى يتغلب على المرض وآلامه، ويعود لجمهوره من جديد.. الذى كان ولا يزال فى انتظاره.