الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
كرم ربنا كبير

صدقة جارية لكل مسئول.. لا نريد جزاء ولا شكورا

كرم ربنا كبير

صدقة جارية لكل مسئول من تخرصات تستهدفه بعَمَّال على بطَّال.. ولت وعجن كثير بحديث فارغ.. وكلام فاضى وشائعات متدنية مرة.. ومنتفخة بالسموم مرات. 



صحيح خد بالك. اوعى تحط رجل على رجل وتتكلم فى موضوع أنت لا تعرفه.. ولم تدرسه.. ولا عندك نية تفهمه.. ولا عندك جهد تتابع ما وراءه، وما يستتبعه من نتائج وتداعيات.

رغم أن الدول لا تبنى بالكلام.. إلا أن الكلام ابن عم حديث.. والكلام عمال على بطال، بلا رؤية ولا معلومة حقيقية ومرة بالدس.. ومرات بالإثارة واختلاق الحكايات والتشكيك فى الإنجازات كلها عوامل زى السم فى الدم. 

لا تُبنى الدول بالكلام.. لكن تهدم بالشائعات والتخرصات والتهويمات. قاتل الله الخرَّاصين والهمَّازين.. وكل همَّازٍ مشَّاءٍ بنميم. 

(1) 

يسابق عبدالفتاح السيسى الزمن. فى افتتاح «مستقبل مصر» استوقف مدير المشروع: مش ممكن نستنى فى الظروف اللى احنا فيها دى لغاية 2024. صحيح الظروف الإقليمية والعالمية متشابكة.. ومعقدة.. وقابلة للاشتعال والخمود وعودة مرة أخرى للاشتعال بين لحظة والثانية. 

الأجواء النهاردة ساكنة، بكرة مش معروف. الأزمة الروسية الأوكرانية كاشفة. تعقد العالم فى أيام، وارتفعت مستويات التضخم فى ساعات. وصلت التداعيات من الشرق للغرب فى دقائق.

وصلت أصداء الأزمة الروسية الأوكرانية لأطراف الأرض أسرع من مكالمة موبايل. كما سوف تغير هذه الأزمة الخرائط، وتخلق دُولًا، وتخفى مُدنًا.. فإنها فى الوقت نفسه أضافت مع أزمة كورونا وحدات قياس جديدة على العالم أن يدخلها على الآلة الحاسبة ويبتكر لها رموزًا.. لأنها لابد أن تدخل فى حسابات الزمن والاجتماع والاقتصاد من هنا ورايح. 

صنعت مصر رموز حساباتها قبل سبع سنوات. النهاردة هناك اللى «حاطط رجل على رجل وهو مش فاهم لكن مش بيبطل كلام» ثم يمنح لنفسه الفرصة للتهويمات ويتكلم عن أولويات الدولة بالسلب! 

مهم هنا الإشارة إلى أن الكلام ليس ممنوعًا.. ولا الرأى الآخر عليه قيود كما يحاول بعضهم الإيحاء أو الإيهام على مواقع التواصل، وفى بوستات «نعيق البوم». لكن الغرض هنا الكلام بأصول.. الكلام بالموزون.

يعنى إيه الكلام الموزون ؟ يعنى الكلام بالبيانات والحسابات الدقيقة.. لأجل رأى يفيد دولة سابقت الزمن بخطط لأولويات مواطن لم يكن ليتحمل تداعيات شديدة الخطورة، ولولا إجراءات الدولة ما مررنا بها على خير. 

المعضلة ليست فى الإرهاب وحده، رغم ما دفعناه من دم خيرة شبابنا لدحره. المشكلة كثيرًا ما تكون فى الكلام السم.. ومحاولات الضرب تحت الحزام بالباطل. 

المشكلة الأكبر فى «حط الرجل على الرجل.. والتنظير». 

 

يسابق الرئيس الزمن بافتتاح «مستقبل مصر» فى ظل الظروف العالمية المتشابكة
يسابق الرئيس الزمن بافتتاح «مستقبل مصر» فى ظل الظروف العالمية المتشابكة

 

( 2 ) 

إضافة المساحات الخضراء فى مستقبل مصر، مع توشكى مع شرق العوينات مع شمال سيناء يعنى تغييرًا فعليًا على خريطة الصحراء المصرية فى حلول استباقية استراتيجية لأمن غذائى لبلد زاد 20 مليونًا فى أقل من 10 سنوات. 

لا يمكن إطلاق لفظ استصلاح أراضى على مشروع «مستقبل مصر». اللفظ أقل دلالة من الواقع على الأرض. أو لا يشير مصطلح «استصلاح» بالفعل إلى ما يحدث فى المشروع، ومنه إلى أراضى الدلتا الجديدة. 

«مستقبل مصر»، ملحمة تحويل لون الصحراء من الأصفر للأخضر، ليس بهاءً وجمالًا، إنما لإضافة أكثر من 25 ِ% من المساحات القابلة للزراعة على الأراضى المصرية منذ بدأت الزراعة على أرضها.

استهداف الوصول إلى حوالى 60 % اكتفاءً ذاتيًا من القمح وحده إنجاز ما بعده إنجاز، وفى الدلتا الجديدة، وفى القلب منها مستقبل مصر، بدت الأمور أكثر من تحويل الصحراء إلى أرض خضراء، لأن تكاليف رفع المياه، وتنقيتها، ومعالجتها، ثم ضخها فى صحارات تحت الأرض على مساحات واسعة من صحراء استعصت على الزراعة منذ عهد ما قبل عصر الأسرات الفرعونية.. ملحمة إصرار، وليست فقط خطط استصلاح. 

ما معنى أن يطالب رئيس الدولة المسئولين بإعادة النظر فى خطط انتهاء زراعة مستقبل مصر، «لأننا ما نقدرش نستنى كل الفترة دى؟».

ما دلالات أن يبدأ المسئولون عن مشروع جبار عملاق كهذا، مضغوط الوقت من الأساس، والعمل سارٍ فيه ليل نهار، فى إعادة النظر فى مواعيد التسليم، ومواعيد الانتهاء، من الصحَّارات والترع.. ووصول المياه واختصار أكثر من عام على المخطط؟ 

الدلالات كبيرة.. يدخل فيها إصرار على الإنجاز، لصالح الجميع، ومنهم الذين يلوكون الكلام لبانة فى الأفواه بلا حساب، فى ظروف قاسية استثنائية، وإمكانيات تتضاءل بفعل أزمة اقتصادية عالمية، وإنتاج غذائى عالمى مهدد.. ويدخل فى الدلالات أيضًا فى الأول وفى الأخير: «كرم ربنا». 

كرم ربنا فى إصرار قيادة، وكرم ربنا فى سداد خطط، وكرم ربنا فى تكاليف وميزانيات مهولة، لم تكن لها مساحة، ولا محل من الإعراب ما لم تؤسس الدولة بدءًا من عام 2014 خطة نهضة شاملة متكاملة تسير فى خطوط ومسارات متوازية، واجبة كلها، ضرورية كلها، لم يكن حتى الذين يضعون «رجلًا على رجل» أن يتحملوا تداعيات ترتيب أولويات الدولة المفترضة فى أذهانهم.. كما يلوكون. 

( 3 ) 

بالمناسبة، الحوار الوطنى الجارى الاستعداد له على قدم وساق، سوف يصف ويشف. لا بد أن الحديث عن أولويات الدولة، المتصورة لدى بعضهم سوف يأخذ جانبًا له قدره من المناقشات. 

لو كنا نريد أن نتكلم عن الأولويات، «تعالى نعود بالزمن إلى ما قبل 2014. تعالى نعود بالزمن إلى أيام ما يعلم بها إلّا ربنا بعد 2011». 

تعالى نعود بالزمن، ونستعرض أوضاعًا على الأرض، اختفت فيها بنى تحتية، وتعالت فيها منحنيات التوظيف بعدما دخل السلك الحكومى آلاف من أصحاب التظاهرات، وأعضاء الائتلافات إياها بتحميل ميزانية الدولة أعباء وظائف لا تحتاجها الدولة، ومخصصات بلا إنتاج.. ولا قيمة مضافة. 

تعالى نستعرض أوضاع خدمة طبية متهالكة، فى وضع اقتصادى لم يكن فقط غير سليم، ولكنه كان فى الأساس غير سوى، يظهر فيه الجنيه بأكثر من قيمته الحقيقية، بخريطة استثمار كانت مشتتة، انتهت بعد أحداث 2011 بتراجعات شديدة فى تدفقات رأس مال مشهور «أنه جبان»، حسب التعبير الدارج فى الشارع المصرى. 

كانت أرقام الاقتصاد بعد أحداث 2011 صفرًا. كانت السيولة فى الشارع أكثر من معدلات الغليان، بينما كان الإرهاب ينخر كالسوس فى عظام الدولة.. فى مرحلة اكتملت بوصول إخوان الإرهاب إلى الحكم. 

إقليميًا، كانت القضايا الكبرى يناقشها عرّابو الكلام على شاشات الفضائيات، وفى برامج التوك شو. تحول المذيعون من مقدمى برامج إلى أبطال قوميين، وتحول المنظرون اللى على ما تفرج.. إلى قادة رأى، ومؤثرين فى اتجاهات الرأى العام.. بينما هؤلاء وهؤلاء يتقابلون آخر اليوم على المقاهى.. للتخطيط لتظاهرات اليوم التالى.. وقائمة مطالبات اليوم التالى.. فيما تزيد نسب سرطان الإخوان فى الدم.. على مقاييس التحاليل الباثولوجية. 

 

المساحات الخضراء فى «مستقبل مصر  وتوشكى وشرق العوينات وشمال سيناء »  تغيير فعلى لخريطة الصحراء
المساحات الخضراء فى «مستقبل مصر وتوشكى وشرق العوينات وشمال سيناء » تغيير فعلى لخريطة الصحراء

 

كانت فتنة وقى الله شرها. استعاد أولاد البلد (وأولاد البلد بس) وطنهم من الإخوان، والشيطان.. ومن عرّابي الفوضى وتجار الكلام. 

كان تكليفًا صعبًا لعبدالفتاح السيسى من المصريين. هو كان يعرف أن الوضع صعب كما يعرف المصريون. وهو قال «هتتعبوا معايا».. وقابل المصريون الكلام بتكرار «انزل يا سيسى».

لم يأت عبدالفتاح السيسى لتولى المسئولية طلبًا فى زخرف الكرسى، ولا طيب عيش المقام الرئاسى. بالعكس.. كان المقام الرئاسى فى ولاية عبدالفتاح السيسى، مليئًا بالمطبات والحفر.. والشوارع المهدمة.. والأصول المتهالكة.. والاقتصاد الذى قارب على إعلان إفلاسه.. ومواطن ينتظر الكثير. 

بدأت الدولة بالتوازى فى كل المسارات. وبعد أقل من 7 سنوات.. بدأت النجاحات ظاهرة فى كل المسارات، ليأتى بعد كل العقبات والأزمات من يتكلم وهو «رجل على رجل» عن أولويات الدولة.. وعن ما كان يجب أن تقوم به الدولة.. وعلى ما كان على الدولة أن تراعيه فى المقام الأول ! 

طيب ده كلام ؟ 

( 4 ) 

 هل كان مفترضًا أن تبدأ الدولة بالتعليم؟ أم يجوز بالطاقة والكهرباء والبترول؟ هل كان الصحيح أن تنتظر الدولة سنوات، كى تعيد شركات بترول سحبت معداتها، وأوقفت عملياتها لأن لديها مديونات تراكمت بعد 2011 دون سداد ؟ 

هل كان الأفضل للدولة أن تبدأ بالخدمة الصحية، ودعم الخدمة الصحية، وتحمل أعباء دعم الخدمة الصحية، كانت فى عام 2013 تتطلب مزيدًا من التكاليف لإعادة بنائها، فيما لا توجد موارد اقتصادية، لوضع مهترئ.. قاربت فيه الاحتياطيات الأجنبية فى البنك المركزى على الانتهاء؟ 

السؤال المهم وفق هذا الافتراض: ما هى الطرق المتصورة التى كان يمكن بها فى ذلك الوقت دعم خدمة صحية، بالمليارات.. بينما الاقتصاد جريح ينزف.. والإفلاس على مرمى حجر؟ 

طيب.. لماذا الصحة؟ ولماذا التعليم؟ 

لماذا لم يكن على الدولة أن تضع على أول الأولويات خدمة المواطن الأولى بالرعاية بمزيد من دعم مالى وسلعى (حسب النظريات)، بينما فى الواقع، لم تكن قدرات الاقتصاد والموارد فى ذلك الوقت لديها حتى أقل القدرة لتوفير أقل قدر من السلع الغذائية الأساسية وضمان استمرارها فى الأسواق؟ 

هل كان على الدولة أن تنتظر سنوات، فى وضع لا يمكن فيه عمليًا الانتظار، كى تدخل بثقلها بحلول جذرية على الأرض، لحل أزمة المساكن، وبدء خلق مدن جديدة على الأرض تستوعب زيادات سكانية، غير معقولة ولا مصدقة، ولا منطقية وغير متناسبة مع أعلى معدلات التنمية، وسط معدلات بطالة وصلت إلى 14 % عام 2013؟ 

تعرف أين الأزمة؟ 

الأزمة أن هناك من يتكلم عن إدارة الدولة، كما لو كان يتكهن بأحداث أفلام كارتون الأطفال، أو إحدى قصص كان المراهقون يقرأونها زمان قبل النوم اسمها «روايات عبير». 

بعد سنوات، من مجهودات جبارة، حققت فيها الدولة قفزات فعلية على كل المسارات، باقتصاد قوى صامد فى الأزمات، ومواطن أولى بالرعاية فوق الرأس، وسلع استراتيجية بالأسواق المصرية.. يأتى من ينظر عن أولويات الدولة؟ 

بعد أمان استراتيجى غذائى بالأسواق المصرية، بينما فى ألمانيا اختفت الزيوت من الأسواق، وفى إنجلترا المعركة فى مجلس العموم بدأت بتساؤلات بعد أزمة روسيا وأوكرانيا عن حالة انفلات فى الأسعار ضج بها الإنجليز.. فى واحدة من أعلى دول معدلات الأجر المرتفع فى العالم.. يأتى من يتكلم عما كان على الدولة أن تبدأ به.. وما كان على الدولة القيام به من إجراءات؟ 

مشروع «مستقبل مصر» نموذج وعينة.. والعينة بينة. لم تخرج الدولة من الوادى الضيق بالمدن الجديدة، والعاصمة الإدارية، إنما خرجت بالأراضى التراثية المزروعة منذ عصور، بمساحات توازى ربع الأراضى المزروعة بضمان استراتيجى غذائى للمصريين.. ومستدام.  سارت نهضة مصرية شاملة، بالتوازى مع استعادة مكان إقليمى ومكانة دولية، وضمان أمن قومى استراتيجى، فى الوقت الذى بدأت فيه الدولة أكبر مشروع قومى لتغيير حياة 60 % من المصريين بمبادرة «حياة كريمة» الرئاسية. 

المشروع العملاق «حياة كريمة» نموذج آخر. بدأت «حياة كريمة» بميزانية مرصودة فى الأساس بحوالى 430 مليارًا.. زادت إلى 600 مليار.. ثم ارتفعت إلى 700 مليار.. وصلت قبل الأزمة الروسية الأوكرانية إلى 900 مليار. 

«حياة كريمة» مستمرة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية بميزانية مفتوحة تتقاذفها نسب التضخم، واضطرابات أسعار الصرف وتداعيات أزمة اقتصاد ما بعد كورونا. 

جابهت الدولة كل المسارات بالتوازى. سابق عبدالفتاح السيسى الزمن.. هذا حقيقى.. سابقت الدولة العمليات الحسابية على الآلات الحاسبة.. هذا صحيح. 

قضت الدولة على الإرهاب.. هذا ثابت. بقيت أزمتنا، فى من يضع رِجلًا على رِجل، ويلوك كلامًا ابن عم حديث فيما لا يعرفه. 

هل البيانات موجودة؟ 

الإجابة: نعم.. البيانات موجودة.. وكله هيبان فى الحوار الوطنى.