الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حقــوق الرجـــال المهــدرة فــى مغــارات الأحــوال الشـــخصيـة

«الراجل مش دايمًا ظالم»!

ريشة: ياسمين مأمون
ريشة: ياسمين مأمون

وراء كل باب.. قصة، وداخل ساحات المحاكم قضايا كثيرة للأحوال الشخصية.. ترصد تفاصيل دقيقة داخل كل بيت معنىّ بها.. بينها عنف كثير يتعرض له النساء والرجال على حد سواء، بسبب ثغرات القوانين التى يخترقها الطرف الآخر فى الدعاوى القضائية؛ لإذلال خصمه، أو الانقضاض على حقوقه.



 

وعلى خلاف المعتاد فإن الكثير من العنف النفسى والمعنوى يتعرض له بعض الرجال؛ وبخاصة الآباء، نتيجة استغلال بعض الزوجات لثغرات قوانين الأحوال الشخصية «الأسرة» لصالحهن، مثل نصوص حضانة الأطفال، ومحدودية عدد ساعات الرؤية للطرف غير الحاصل على حق الحضانة، والنفقة التى تحصل عليها الزوجة بعد الطلاق، والتمكين من مسكن الزوجية، وغيرها.

وتنص قوانين الأسرة على كل ما ينظم شئون الأسرة واستقرارها وحتى الانفصال، ومنها ما يختص بـ الزواج، والطلاق، والنفقة، والرؤية، والمتعة، والحضانة، والولاية، وشقة الزوجية، وشبكتها، ومهرها، وقائمة المنقولات، وغيرها، والتى تتضمن الكثير من الثغرات، ويقع بعض الأزواج ضحية لهذا التلاعب، على حساب هدم وتدمير الأسرة، الذى يتبعه جيل من الأبناء مضطرب نفسيًا، لما يتعرضون له من ضغوط نتيجة لتقاضى  وشتات الوالدين، ومحاولة جذب كل منهما له، وما يعود على المجتمع بالسلب.

مؤخرًا أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى عزم الدولة إصدار قانون للأحوال الشخصية يراعى التوازن بين الطرفين باعتباره من أخطر القضايا التى تؤثر فى استقرار المجتمع وتماسكه، وهو ما فتح أبوابًا من الأمل، وأصبح الجميع فى حالة من الترقب الشديد والتأهب، لما ستشهده مصر من قانون جديد لـ «الأحوال الشخصية».

الحضانة مع الخال!

وقال محمد محمود، مؤسّس صفحة «عايز أسَلَّم على بنتى» على الفيس بوك، هو أب لطفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، وأحد المتضررين من قانون الأسرة الحالى؛ لعدم قدرته على رؤية ابنته الوحيدة بعد انفصاله عن والدتها، قائلا فى ظل  القوانين الحالية  أرى أن مصلحة الطفل الفضلى ليست إلا حبرًا على ورق.

وأضاف: أنفذ رؤية ابنتى «مريم»، فى أحد نوادى الإسكندرية، بعدما كنت أنفذه فى أحد مراكز الشباب بمدينة القاهرة، وهو مكان غير لائق أو مؤهل للاستضافة، ورُغم ذلك فلا تحضر ابنته الرؤية، ولا يستطيع الالتقاء معها بسبب إقامتها فى إحدى الدول الخليجية.

مشيرًا إلى أن ابنته مريم تقيم مع خالها، رغم أن الحضانة الفعلية مع والدتها. وقال «بنتى لا تعرفنى بسبب قانون الأسرة الحالى؛ وبخاصة مواد الرؤية والحضانة»، وتصبح العلاقة بينه وبين ابنته مادية بحتة، خالية من الرحمة والأبوة، التى لم ترها أو تتعلمها.

وتخوّف «محمود» من عدم معرفة ابنته له عند سن الزواج، متسائلا هل ستصبح ناجحة فى زواجها ومع أولادها؟ هل ستصدق أننى لم أتركها؟ أم أروى لها حكايتى مع أمها أمام القضاء!. 

مؤكدًا أنه سعى لتوثيق صفحة باسمها، ليثبت لها أنه لم يتخلّ عنها أو يتركها يومًا، حتى لا تحمل له مشاعر الغضب والكره أو تصدق صفات قد يتم روايتها عن والدها بينما هى ليست فيه.

ثغرات قاتلة

وتحدث مجدى سيد سليمان، المحامى بالنقض، حول قانون الأحوال الشخصية من الجانب الشرعى، وما تسبب به فى حق الرجل، ذاكرًا قضايا الخلع والاستناد إلى الحديث النبوى «ردّى عليه حديقته»، وهنا بمعنى وجوب الطلاق، قائلا إن هذا الحديث هو ما يتم الاستناد إليه فى قضايا الخلع.

موضحًا أنه عند وجوب التنفيذ، يظهر الفرق بين القانون الشرعى والحق الجنائى؛ حيث تقوم الزوجة بدعوى الخلع فى محكمة الأسرة، والتى تستمر ما بين 4 إلى 6 أشهر، وهى قضية تستند لتقديم إنذار بالمقدم المدفوع فى المَهر، وتتنازل الزوجة عن مؤخر الصداق وقيمته «جنيه واحد» ونفقة المتعة، فى حين أن القيمة الحقيقية المدفوعة فى الزواج بآلاف الجنيهات، وهى التى تقوم بالمطالبة بها أى «قائمة المنقولات» بل وتتعمد حبس الزوج بها، علمًا بأن تلك القائمة هى من مَهر الزواج، أى عند دعوى الخلع من المفترض التنازل عنها. وأشار إلى قضية «الإنذار بالطاعة»، والجدل الدائر حوله والمطالبة بإلغائها، قائلا: إن الزوجة تقوم خلال 30 يومًا بتقديم اعتراض على الطاعة، ويسير فى مجراه، وفى أغلب الأحوال يتم قبول الاعتراض، وليس كما يصور البعض بوجود قوة لإجبارها على التنفيذ. 

 

 

وعن دعوى الرؤية، قال سليمان: يحكم فى تلك القضايا برؤية الأبناء لمدة متوسطها 3 ساعات فى الأسبوع، بأحد النوادى القريبة، وفى أغلب الأحوال تكون الحضانة للأم، موضحًا أن هذا أمر ليس فى صالح الأطفال؛ خصوصًا فى السن الصغيرة، التى فى أغلب الأوقات يقوم الطرف الحاضن بتغطية الأبناء بمشاعر الكره، ويصبح هناك تخوف من الطرفين عند المقابلة «الأبناء والآباء»، وهو أمر معنوى ونفسى نتائجه سيئة.

مشيرًا إلى بعض القضايا التى تحصل فيها النساء على الولاية التعليمية للأبناء، ففى حالة وقوع الطلاق بين الزوجين، وآلت الحضانة للأم، ووصل الأبناء إلى سن المدرسة، ولا يستطيع الأب تحمُّل تكاليف مرتفعة مثل المدارس الخاصة، فيلجئون للاستشارات القانونية، ويتم التقديم بالموافقة على تكاليف التعليم الحكومى عبر الموقع الإلكترونى لوزارة التربية والتعليم، ولم تحرك الزوجة ساكنًا لفترة محددة من الدراسة داخل إحدى المدارس الخاصة، وتقدم دعوى مصاريف دراسية ليحكم القضاء بالمصاريف بأثر رجعى على الأب بآلاف الجنيهات، وهو فى غير استطاعته، ويكون الحل هو الحبس فى حال لم يقبل الاستئناف. 

ولفت إلى إحدى ثغرات القانون، التى تستخدمها  بعض النساء، مثل رفع دعوى نفقة بنوعيها، رغم كون النفقة 3 أنواع وهى «مأكل وملبس ومسكن»، ولكن تقوم بعمل محضر منفصل؛ للتمكين من مسكن الزوجية وإخراج الزوج منه بعد الطلاق. 

وأضاف: إن كثرة حالات الطلاق، من الأمور المرهقة لخزينة الدولة؛ حيث تقدم المرأة لأخذ معاش والدها، بعد أن كانت فى كنف زوجها.

طرف ضعيف

ومن جانبه قال خالد فرج، المحامى بالنقض: لا يزال هناك الكثير من ثغرات قانون الأحوال الشخصية، لا يستطيع الرجل من خلالها الحصول على حقه، ويقع تحت طائلة الحكم القضائى. مشيرًا إلى أن هناك أيضا بعض النساء يرهقن فى رحلة الوصول لبعض حقوقهن، ولذلك فليس هناك توازن بين الطرفين أثناء الحصول على حقوقهم مع تدخّل القضاء.

وأضاف: بين كل زوجين هناك طرف منهم ضعيف. ضاربًا المثل بدعوى أمام المحاكم لزوجين مطلقين منذ 8 سنوات، ولديهما بنتان تؤول حضانتهما للأم، وتم عمل تسوية داخل المحكمة بالاتفاق بين الطرفين، على تحديد مبلغ النفقة الشهرية، ومصاريف التعليم، وغيرهما وكان يتم التنفيذ على مدار 6 أعوام، إلى أن تزوج طليقها بأخرى، وتضاعفت الأعباء الاقتصادية عليه، ولم يستطع تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وكان البديل هو رفع دعوى نفقة والتى حكم لها فيها بمبلغ بسيط، وهو 25 % من دخله الحالى باعتباره المحدد الأساسى. 

مشيرًا إلى أهمية الوضع فى الاعتبار، الظروف التى تعيشها الأسرة المصرية الآن، والتفاوت فى مستويات الدخل، والتعليم، وأماكن الإقامة أيضًا سواء الوجه البحرى أو القبلى، ولكل منهم خصائصه ولذلك من الصعب التعميم فى تلك القضايا، وهذا ما يوقع ظلم لأحد الطرفين وهو غالبًا الضعيف.  

لافتًا إلى ضرورة الوصول لمشروع قانون عادل للأحوال الشخصية، يحترم كل الأسر المصرية؛ ليغلق الباب أمام كل ثغرات القانون الحالى، ويتفق مع الشريعة الإسلامية، ويكون هناك حل حاسم لطول فترة التقاضى بين الزوجين، على النفقات، ودعوى الحضانة، والرؤية، والاستضافة، والولاية التعليمية، وما يحدث بهم من تلاعب لكيد الطرف المتضرر.

موضحًا أن ما يحدث على سبيل المثال فى دعوى الرؤية، وتعنت من معه الحضانة فى عدم إحضار الأبناء فى موعدهم؛ للتقابل مع الطرف الآخر مرتين متتابعتين وإحضارهم الثالثة حتى لا تسحب منه الدعوى، وكذلك الحضانة التى تتمكن منها الزوجة، ففى حالة زواجها تؤول لأم الأم «الجدة» وليس للأب فى حال عدم زواجه، وغيرها من أمور كثيرة تدور داخل ساحة القضاء.