الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حكاية ست اسمها نونى

نونى فى الحديقة أو الجونينة كما تسميها
نونى فى الحديقة أو الجونينة كما تسميها

 منى الدغيدى مهندسة مصرية من الزمن الجميل، أم وزوجة، منذ شهور قليلة مضت كانت تحمل لقب مهندسة ميكانيكا، لكن ربما يكون أحد مكاسب فترة الحجر الصحى لفيروس كورونا (الكورانتين quarantine) أنه منح كل واحد فينا الوقت لاكتشاف ذاته والتعبير عنها، وقد منح المهندسة منى الدغيدى الوقت وربما الجرأة للتعبير عن ذاتها والغوص فى ذكريات العمر الجميل للخروج بحكايات وتفاصيل بديعة سردتها بحس ومشاعر الست نونى الأم المصرية والزوجة والجدة.



وكلما زادت أيام الكورانتين كلما زادت بوستاتها التى بدأت على الفيس بوك قبل أن تتحول إلى كتاب بعنوان نونى وحكاويها عن الدار المصرية اللبنانية والذى سرعان ما وصل هذا الكتاب ووسط زخم الإصدارات إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعًا! فهى بقدر ما تعتبر كتابتها سيرة ذاتية لست مصرية فهي أيضًا يمكن أن تندرج تحت مسميات كتب التنمية الذاتية وكذلك يمكن أن تندرج تحت مسمى الكتب الساخرة الذى تبدأ فى القراءة به ولا تعرف أن تتوقف، فحكاية تتصل بحكاية وقصة تتواصل بقصة فى أسلوب رشيق يجذبك للقراءة الممتعة.

 

مع أسرتها فى حديقة  البيت الذى روت قصة بنائه
مع أسرتها فى حديقة البيت الذى روت قصة بنائه

 

الحقيقة أن الست نونى شخصية ثرية وغنية، لها كاريزما خاصة، محبة للحياة والناس، تجيد التعبير عن ذاتها، تتمتع بحس ساخر يبدو واضحًا فى كتاباتها، روحها شابة منطلقة، لديها حس روحانى وربما كل هذا يفسر كثرة عدد صديقاتها على مدى سنوات عمرها والتى تحتفظ بصداقتهن إلى الآن.

حكاية وطن

تسرد الست نونى حكاياتها عن سنوات طويلة مضت لتنقل لنا وتذكرنا بثقافة أزمنة ومراحل عديدة مضت ليس فقط من حياتها لكنها من تاريخ مصر الجميل، حيث الأسرة المصرية المترابطة المتحابة والمجتمع المتصالح مع ذاته، تسرد لنا نونى حكاويها لتغوص بذكاء فى المجتمع الذى عاشت وسطه سواء فى بورسعيد حيث ولدت أو القاهرة أو السويس أو لندن أو اسطنبول، وبكلماتها وحكاياتها التى اختارتها بذكاء نقلت صورة للحياة فى نهاية سنوات من القرن العشرين حيث تمت الهجرة من بورسعيد بعد حرب 1967، وأحداث كثيرة جذابة وكاشفة لحياة الأسر المصرية المتوسطة، التى يكد أبوها الطبيب ليوفر لهم حياة فى طبقة متوسطة ماديًا لكنها طبقة راقية تربويًا وعلميًا وثقافيًا، هكذا كانت الحياة فى القرن العشرين، سنوات الطفولة والهجرة والحب والزواج وتحقيق الأحلام ومواجهة صعاب الحياة ومتعها أيضًا وأهداف تحققت بالعمل وبالثقة فى الله والحمد الكثير لنعمه، كلها دروس ومعان ما أحوجنا إليها الآن، لكنها كلها رسائل تصل بمنتهى العزوبة دون أى مباشرة.

على مدى 276 صفحة تسرد الست نونى الشهيرة بأم آسر والشهيرة بأم إسلام أيام بناء الحياة وتأسيس المستقبل والتى هى رسالة كتبتها لأحفادها ليتعرفوا عليهم أكثر حين يكبروا، لكنها أيضًا رسائل تصلح للجيل الجديد كله، تتعرف فيها على رسائل كثيرة تضىء الطريق وتؤكد بأن هؤلاء الجدود عملوا وتعبوا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، وبأن بالجهد والصبر والإيمان بقدراتك ستصل إلى كل أحلامك.

روعة السرد 

أن تكون شخصًا تلقائيًا فأنت شخص محفوف بالمخاطر، فقد تكون هذه التلقائية سببًا فى وضعك فى مواقف لا تحسد عليها، والكاتبة تجيد السرد، وتجيد توظيف كل لفظ وكل إيماءه، كما أنها تجيد تضفير المواقف مع بعضها البعض لتنجح فى توصيل فكرتها إليك، وأفكار الكاتبة تحمل الكثير من الحب والإنسانية والثقافة والتى سردتها بكل بساطة دون أى تكلف أو مغالاة. بدأت الست نونى تكتب على الفيس بوك بوستاتها التى جذبت إليها قراء كثيرين، والتفت إلى صدق كتاباتها الكثيرون ومنهم دار النشر التى تواصلت معها، ولكن المهندسة حين وجدت أن كلماتها ستكون بين دفتى كتاب أعادت النظر فى كل ما كتبته ليخرج بهذه الصورة التى هى عليه الآن، فالست نونى لا تقبل إلا كل ما هو فى غاية الدقة.

 

..والأحفاد
..والأحفاد

 

جمال اللغة العامية

كثيرون لا يجيدون التعبير بلغة عامية جميلة وجذابة، وترتكز جمال كتاباتهم على روعة وثراء الفصحى، لكن أن تكتب سيرة ذاتية وتتناول موضوعات متنوعة وتسرد تفاصيل بلغة عامية رشيقة وموحية وتضع هذا بين دفتى كتاب فهذه لياقة أدبية نجحت فيها المهندسة المشاغبة التى اقتحمت مفردات اللغة وعزلتها بمحبة وشغف بما تفعله، فالذى تكتشفه وتتعلمه من تجربة هذه الست المصرية الشهيرة بنونى هو حب ما تفعل دائمًا واخلص له حتى إذا كنت تفعل صينية كيك أو تخطط لمستقبل أولادك، والرضا والحمد دائمًا أبدًا كنز السعادة بكل خطوة تخطوها فى الحياة.

 

مع الزميلة بسنت الزيتونى
مع الزميلة بسنت الزيتونى

 

أم آسر ياسين

أثناء قراءتى للكتاب تردد فى ذهنى سؤال هل كانت هناك رقابة أسرية خاصة أن الست نونى أم لنجمنا المحبوب آسر ياسين، وللنجومية أحكام، وحين سألتها جاوبتنى على الفور أن أسرتها تعرف جيدًا أنها لا تقبل أى تدخل، وسردت قصة أن فى أول ظهور لها هى وزوجها المهندس أشرف ياسين مع ابنهما آسر فى برنامج منى الشاذلى وهما فى طريقهم إلى مدينة الإنتاج فى عربية البرنامج وكانت سيارتهم مع السواق خلفهما فقال لها ابنها: (بلاش بقى تحكى حكاية كذا) فردت عليه على الفور: أنا راجعة البيت فى العربية التانية فأنا لا أعرف أن أجلس ومعى قائمة من الممنوعات وأسرتى كلها تعرف ذلك.. وهو ما يدل أن الست نونى ست مصرية أصيلة تتحدث من قلبها فيصل كلامها للقلب وكذلك كتاباتها من القلب وتصل للقلب وتثرى العقل والشخصية بنضج سنين جميلة مفعمة بالخبرات والتجارب والمحبة. والجميل الذى تتمسك به هو أولادها وأحفادها والذى تدعوك للتمسك بهم بلمستها البسيطة، فحين ذهبت لها بكتابى ليحظى بتوقيعها وأخبرتها باسمى فكتبته وسألتنى أم مين قلت لها أم بهاء وفارس، أحببت لفتتها اللطيفة التى وقعت بها الكتب لكل الحضور ووقعت اسمها منى الدغيدى الشهيرة بأم آسر وإسلام.