الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الجمهورية الجديدة للجميع

الجمهورية الجديدة للجميع

مضى وقت الشعارات. مضى وقت الكلام ابن عم الحديث.



زمن الجمهورية الجديدة هو عصر الأفعال لا الكلام.. هو عصر للمفردات فيه معانٍ ودلالات ..  ليس كلامًا والسلام.

جمهورية جديدة يعنى عصرًا جديدًا فى زمن جديد.. بدأ باستعادة الدولة.. وبالاستقرار فى الطريق للبناء. 

لم يكن متصورًا أن تكون للجمهورية الجديدة قائمة، دون استعادة الدولة لنفسها، فيما لم يكن الطريق لاستعادة المصريين للوطن ممهدًا.. ولا مفروشًا بالورود.

لكن الإرادة قدرة. والوطنية سمة أولى من سمات رجال صَدَقوا ما عاهدوا الله. قدّم خيرة أبناء هذا البلد أزكى دماء فى أكبر ملامح الفداء لاستعادة وطن، وانتشاله من أيدى زبانية الإرهاب.. وتجار الدِّين وتجار الشعوب. 

(1)

 عاش أبناءُ هذا الوطن أقسَى السنوات بعد 2011؛ حيث مارَس رءوس الخراب حيلاً أفعوانية للهدم بالشعارات تارةً.. وبالقنابل الصناعة محلية تارةً أخرى.

فى أجواء تعيسة، ضمن محاولات اختطاف وطن ممتد التاريخ، لاك رءوس الشيطان كلامًا خدّاعًا بحجج التغيير مرّات.. ومارسوا حيلاً شيطانية بحجج ديمقراطية وهمية مرّات أخرى. 

فى كل مناسبة يرسّخ عبدالفتاح السيسى مزيدًا من معانٍ بدلالات عدة لجمهورية جديدة تسرع الخُطى نحو تنمية حقيقية، تحفظ للمواطن حقوقه، وتحفظ للدولة قدراتها. 

يرسّخ عبدالفتاح السيسى مع كل مناسبة، مفهومَ الآفاق الواسعة لجمهورية جديدة فى زمن جديد.. يتسع للجميع؛ ليشارك فيه الجميع.

فى الجمهورية الجديدة، لا إقصاء ولا استبعاد.. الحقوق مكفولة للجميع، والمشاركة مطروحة للجميع. 

استعادت الدولة نفسها، وفْقَ أولويات حتّمتها مراحل وأحداث امتدت على أرض هذا البلد منذ أحداث بدأت فى 25 يناير 2011. 

كانت 2011 فتنة وقّى الله شرها.

تلك الأحداث وما تلاها من حبكات دراما الشيطان، كما لو أنها كانت اختبارًا إلهيًا.. لقدرة شعب، وصمود مؤسّسات وطنية لم تنم أعينُها يومًا عن حراسة وطن.. وتلبية مَطالب شعب من أطيب شعوب خَلقها الله على هذا الكوكب.  صحيح كانت 2011 فتنة وقّى الله شرها، لكن آثار الأزمات لا تتقادم.. وترسبات الحوادث التاريخية الكبرى لا تسقط بالتقادم ايضاً.

فى أحوال الشعوب، عندما تترامى الاضطرابات على نطاقات واسعة على مَحاور مختلفة؛ فإن أكثر ما يكون مهددًا فى النفسية الجمعية.. هو الاستقرار. 

فى سياقات مختلفة، هددت 2011، وصولاً إلى وصول إخوان الشيطان إلى الحُكم فى سَنة سوداء، كل مَحاور ومعانى الاستقرار فى هذا البلد. 

ضربت سيولة الشارع، وسيولة السياسة، وتخرصات بعض الساسة الاستقرار الجمعى للشارع المصرى.. كما هددت الاستقرار الاستراتيچى للدولة المصرية. 

كانت دولة على المَحك.. وكان وطنًا على الحافة. وقتها كان استعادة الاستقرار أولويات.. واستعادة قدرات الدولة وسطوتها على رأس الحتميات .

خلال وقت قياسى على مقياس تجارب الشعوب فى العصر الحديث، استوت الدولة المصرية على عرش القدرة.. فى معركة لم تكن سهلة. 

توازت مع معارك الدولة ضد إرهاب الشيطان، جهود سابقت الزمن للتنمية. كانت يد تحمل السلاح.. ويد تبنى.

عمل عبدالفتاح السيسى على عدة محاور وفْق استراتيچية وضعت المواطن فى خانة أول الخيارات.. جنبًا إلى جنب مع معارك ضارية ضد إرهاب داخلى، مع مرونة فائقة فى التعامل مع محاولات إقليمية حاولت استغلال ما مرت به مصر من أحداث لإعادة تغيير الخرائط.. أو توهمًا بإمكانية فرض الأمر الواقع.

بعد فترة من أشد وأعقد الفترات فى التاريخ المصرى الحديث.. استعادت مصر العافية، ودخلت عصر جمهورية جديدة، يبقى فيها الاستقرار معاملاً أول.. وتبقى فيها التنمية، بسياقاتها المختلفة.. خيارًا وحيدًا.. بمشاركة الجميع.

 

 
 
الرئيس على مائدة إفطار الاسرة المصرية
الرئيس على مائدة إفطار الاسرة المصرية

 

(2)

دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لحوار وطنى لها دلالاتها.

هى دعوة صادقة من زعيم وطنى أوقف كرة النار، فى زمن من الأزمنة عندما تدحرجت.

ولّى زمن اقتربت فيه بنا الشعارات إلى طرُق إمّا مسدودة أو إلى طرُق أخرى فى الاتجاه للهاوية.

جاء زمن الجمهورية الجديدة. استوت فيها مصر الدولة. استوت من يستوى استواء. وفى اللغة الاستواء مرادف لهيمنة الدولة وسطوتها.

فى علوم السياسة لا تنمية، ولا استقرار بلا هيمنة دولة أو قدرة إدارة. لا تنمية بلا قدرة دولة على ضبط حدودها، داخل نطاقها الجغرافى، ودون قدرة الدولة على إعلان إرادتها، ودون قدرة الدولة على حرية القرار وفْق ما تراه من مَصالح.

لا تنمية حقيقية مستدامة؛ بلا قدرة الدولة على تأمين حدودها، وترسيخ مكانتها فى محيطها الإقليمى والدولى. ولا تنمية، بلا قدرة الدولة على التمتع بثرواتها، وفْق ما يراه الشعب، ووفْق ما تجلبه تلك الثروات من حقوق للمواطن البسيط فى أقصى قرية فى صعيد مصر.

لا تتأتى التنمية، إلا بالاستقرار.

وفى معادلات الاستقرار، تبقى سطوة الدولة هى السطوة الوحيدة المباحة فى علوم السياسة، بما تشير إليه تلك السطوة من هيبة مستعادة، فى كل مؤسّسة من مؤسّسات الوطن، وفْق ما يقره الدستور.. ووفْق ما يقتضيه القانون.  واحدة من أكبر خطايا 2011 كانت محاولات زرع قنابل زمنية مُعدة للانفجار فى العقلية الجمعية لدى بعض فئات الشارع المصرى، بمفاهيم غير خالصة النية، أدخلت فى تلك الذهنيات أنه كلما كان الانتقاص من سطوة الدولة ناجحًا.. كلما كان الطريق إلى الديمقراطية قريبًا! 

أثرت هذه التخرصات، بكل أسف، فى ذهنية البعض دون وعى، وكانت فى ذهنية آخرين حيلة شيطانية، لوضع المواطن فى وجه مؤسّسات دولته.. وصولاً إلى معادلة الطريق إلى ستين داهية! 

دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لحوار وطنى دعوة لها دلالتها ولها ألف معنى. قدّمت الدولة ما عليها من مسئوليات تجاه وطن كان مُسجَى على الأرض جريحًا، بعد أن تلاعب به مَن تلاعب، وحاول من حاول عرضه بحاله ومحتاله للبيع فى المزاد.

بقى أن يشارك كل مواطن وطنى مصرى بأداء ما عليه من واجبات والتزامات .  

دعوة الرئيس لحوار وطنى، مع دلالتها فإنها حملت سمات تفردها؛ حيث كلف الرئيس بعرض نتائج الحوار عليه شخصيًا، على أن تنتقل مخرجات الحوار إلى البرلمان، فى الطريق لأن تتحول لتشريعات وصولاً إلى بلورة إجراءات حقيقة على الأرض من الجميع.. وللجميع.

تبقى دعوة رئيس الدولة للحوار الوطنى، إرادة سياسية خالصة وإشارة مؤكدة على أن الدولة تطرح مشاركة الجميع، وهو أمْرٌ لا بُدّ أن يلقى فى المقابل، سعيًا من كل القوى الوطنية؛ لتقديم أفكار، وابتكارات، وآليات على الأرض فى مشاركة فعالة لمواجهة كثير من التحديات التى خاضت فيها الدولة معارك ناجحة، وحققت فيها أعلى مقاييس النجاحات والقدرة فى إقليم مضطرب بتشابكات شديدة التعقيد. 

الكرة فى ملعب القوى السياسية، والأحزاب، والتكتلات السياسية، وكل من لم تتلوث يداه بدماء المصريين.

معنى أن الكرة فى ملعب القوى السياسية أن على كل القوى السياسية والوطنية، عبء تقديم وجهات نظر مدروسة، وتقديم حلول قائمة على الفهم الجيد للأوضاع على مستويات عدة.. من أول الوضع الاقتصادى، بمتغيراته، وبانعكاسات الأزمات العالمية الأخيرة عليه وعلى خرائطه.. بدءًا من تداعيات فيروس أوقف الزمن وأوقف كوكبنا عن الدوران فترة.. وانتهاءً بالأزمة «الروسية- الأوكرانية» وتداعياتها على المحيط.. وعلى الإقليم.. وعلى دول العالم منها مصر. 

 

دولة للجميع وجمهورية جديدة لكل أبناء الوطن
دولة للجميع وجمهورية جديدة لكل أبناء الوطن

 

متصور- وهذا رأى شخصى من مواطن مصرى- أن تبنى كل القوى السياسية، من خلال الحوار الوطنى على ما سبق، من قفزات حققتها الدولة على المسارات المختلفة.. من مسار الاقتصاد إلى برامج الحماية الاجتماعية غير المسبوقة.

 من مبادرات الرعاية الصحية، مرورًا بإجراءات تمكين المرأة، ودعم صحة المصريين، إضافة إلى ما وصلت إليه الدولة المصرية بإرادة سياسية داعمة لمزيد من التمكين بالتشريع لمعالجة جميع قضايا المجتمع.. وحماية قيمه ومكتسباته بعد ثورة 30 يونيو. 

(3)

خلال 7 سنوات، تخطت الدولة المصرية اختبارات شديدة القسوة.. لمعالجة آثار أكبر من صعبة، وأكثر من مهولة لما سبق. 

تكفى مواريث خسائر وخطايا أحداث 2011 وما بَعدها. 

تكفى آثار أعوام اقتربت فيها الدولة من حافة الخراب، خسرت فيها مصر مليارات فى أشهُر، ووصل فيها احتياطى النقد الأجنبى فى البنك المركزى إلى أقل من 4 مليارات دولار، وتكلفت فيها القوات المسلحة مليار جنيه شهريًا فى مواجهة الإرهاب.. وسقط فيها 3277 شهيدًا، و12 ألفًا و280 مصابًا من أبناء هذا البلد.

بالمقاييس العادية كان ما حققته دولة 30 يونيو فى السنوات السبع الماضية، فى حاجة إلى أكثر من 50 عامًا، كى يتحقق .

إذا كان عبدالفتاح السيسى قد انحاز لإرادة الشعب فى مواجهة غول إخوان الإرهاب؛ فإن الخطة البديلة لدى إدارة الشر فى الإقليم، كانت محاولة غمس دولة 30 يونيو فى معارك مستمرة مع الإرهاب، توقف فترة ما، وربما طويلة أى محاولة للتنمية على مسارات البناء والاقتصاد والاجتماع. 

فى إفطار الأسرة المصرية، أشار الرئيس السيسى إلى هذا. 

كانت الدولة تعرف هذا، لذلك كان القرار هو اعتماد التنمية الشاملة بالتوازى مع حرب ضروس ضد الإرهاب.  نجحت الدولة وتفوقت. 

قضت الدولة على الإرهاب، كما قضت على العشوائيات. قضت الدولة على رءوس الشر، كما قضت على فيروس سى. أحبطت الدولة محاولات تثوير الشارع، وتأليب الرأى العام بالخرافات والشائعات ومحاولات التشكيك فى النجاحات .. كما أنهت أزمة الإسكان.

فتحت الدولة لأول مرّة ملفات التعليم وفْق استراتيچيات غير مسبوقة، أول أهدافها ربط التعليم بسوق العمل، وتأهيل الشباب لمَطالب السوق، وتغيير أفكار اجتماعية استقرت فى الأذهان لأسباب مختلفة.. جعلت من الشهادة الجامعية بروازًا على الحيط.. لا سَندًا مؤهلاً للعمل.

فتحت الدولة ملف المدن الجديدة، وغيرت شكل الخرائط على الأرض، بالتوازى مع جهود ملموسة لزيادة رقعة زراعية كانت قد تآكلت على مَرّ سنوات عديدة، أضيف ذلك التآكل إلى قلة أولية فى التناسب بين الأراضى الصالحة للزراعة فى مصر.. وبين النمو السكانى المتزايد.. القادر على التهام آثار أى تنمية.. مَهما كانت الجهود التنموية متسارعة.. ومتقافزة على كل مسار.

تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة بمؤتمر صحفى عالمى،يلقى على الحكومة مسئولية مزيد من إبراز ما استطاعته تلك الدولة، بتلك الإرادة السياسية من تحقيق أكبر مما كان متوقعًا فى ظروف كانت شديدة الصعوبة.. وفى أحوال اجتماعية كانت شديدة السيولة، ووسط تغيرات إقليمية كانت شديدة التشابك.. إضافة إلى المحاولات المستمرة من قوى إقليمية ودولية لمنع هذا البلد من البناء.. ودفعه بسُبُل كثيرة للانصراف عن بديل التنمية.

فى المؤتمر الصحفى الذى دعا إليه الرئيس، يقع على  الحكومة عبء عرض  تفاصيل دقيقة عن تدابيرها وإجراءاتها للتعامل مع أزمة عالمية، تأثر بها العالم كله، وارتفعت نتيجتها أسعار السلع، واختفت بعضها من الأسواق.. ليس فى الدول النامية فقط، أو دول الجنوب وحدها؛ إنما فى أكبر الدول وأعتى الاقتصاديات.

 

تحية رئاسية لأهالى سيناء وتواجد شيوخ القبائل فى حفل إفطار الأسرة المصرية
تحية رئاسية لأهالى سيناء وتواجد شيوخ القبائل فى حفل إفطار الأسرة المصرية

 

فيما نجحت الدولة المصرية فى توفير السلع وضمان المخزون الاستراتيجى من الأساسيات ، والتخفيف على المواطن المصرى فيما لايزال العالم يعانى من أثار ممتدة شديدة الصعوبة حتى كتابة هذه السطور .

آثار الأزمات لا تسقط بالتقادم.. هذا مؤكد مائة فى المائة. وتبقى قرارات عبدالفتاح السيسى الشجاعة، فى التوقيت السليم، وفى الوقت المناسب، بالبدء فى سياسات الإصلاح الاقتصادى، واحدة من أهم النقاط التى لا بُدّ من الإشارة إليها فى دعم قدرة الدولة على مواجهات آثار فجائية عالمية، بدأت بإغلاق كورونا، وانتهت الآن بالأزمة «الروسية- الأوكرانية»، وتداعيات تلك الأزمة.. المستمرة على موارد الاقتصاد، وخرائط المال والغذاء فى العالم. 

لا تدار الدول بالكلام، كما أن المَشاكل التى تواجهها الدول فى الطريق للتنمية، لا تتأتى حلولها من على مواقع التواصل فى كلام فض مجالس من بعضهم، أو بفلسفات عابرة.. أو كلام والسلام من آخرين.

تُبنَى الدولُ بالعمل.. والرغبة فى العمل.. والقدرة على التنفيذ على الأرض. تُبنَى الدول وفْق معادلات الواقع.. وخرائط السياسة.

لا تتحقق التنمية بالأمانى..  ولا بالكلام ابن عم الحديث.