الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عصر الصناعة المصرية 100 ٪

اهتمام رئاسى بتعميق التصنيع المحلى بدلا من الاعتماد على الإستيراد
اهتمام رئاسى بتعميق التصنيع المحلى بدلا من الاعتماد على الإستيراد

وضعت الأزمة الروسية-الأوكرانية قضية تعميق التصنيع المحلى وتحقيق هدف وجود صناعة مصرية 100 % على رأس أولويات الحكومة، خاصة مع الآثار المترتبة عليها بالنسبة للاقتصاد المصرى، وضرورة توفير مكونات الإنتاج فى حالة تعطل أو تأخر سلاسل الإمداد العالمية.  



 قبل ذلك، أيقظت «جائحة كورونا» مفاهيم الأمن الغذائى والدوائى والصحى، وهو ما منح اهتمامًا أكبر لتنمية الصناعات الغذائية والدوائية وصناعة الأجهزة والمستلزمات الطبية، وأكد على ضرورة الاعتماد على الذات.

 

 ويهدف تعميق التصنيع والإنتاج المحلى إلى تقليل التبعية الاقتصادية والتكنولوجية ورفع مستوى الأمن القومى، من خلال الحد من الاعتماد على الاستيراد وزيادة الصادرات من المكونات المصنعة محليًا، وتقوية قطاع الصناعة بإكسابه درجة عالية من التشابكات بين مكوناته.  

 

توجه حكومى بإحلال الواردات بالتصنيع المحلى
توجه حكومى بإحلال الواردات بالتصنيع المحلى

 

 بالإضافة إلى توسيع قاعدة الصناعات الثقيلة وخاصة صناعة الآلات والمعدات، وإتاحة فرصة لإعادة هيكلة القطاع الصناعى فى اتجاه التصنيع الأخضر والاقتصاد الدائرى، وتقوية التكامل الإقليمى بإنشاء مشروعات مشتركة عربية وأفريقية لإنتاج مكونات صناعية.  

التصنيع المحلي

 وبدأ حلم تعميق التصنيع المحلى فى مصر منذ الخمسينيات والستينيات من خلال وزارة الصناعة، والمصانع الحربية، وصولًا لعام 2016 فى رؤية مصر 2030، التى نصت على تعميق المكون المحلى فى السلع الصناعية والارتقاء فى سلاسل القيمة، ثم إطلاق البرنامج الوطنى لتعميق التصنيع المحلى فى أكتوبر 2018، من خلال وزارة التجارة والصناعة.  

 البرنامج عمل على إحلال الواردات فى 5 صناعات: الغذائية، والهندسية، والكيماوية، ومواد البناء، والغزل والنسيج، وفى صيف 2020، أطلق معهد التخطيط القومى التابع لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية مشروعًا علميًا لتعميق التصنيع المحلى.  

 ويشارك فى هذا التوجه الحكومى، الهيئة العربية للتصنيع، ووزارة الإنتاج الحربى، ووزارة التجارة والصناعة من خلال مركز تحديث الصناعة التابع لها، ووافقت الحكومة فى نوفمبر الماضى على تشكيل المجلس التنفيذى لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلى برئاسة وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع.  

وعملت مشاركة مركز تحديث الصناعة فى برنامج تعميق التصنيع المحلى على توفير مكون صناعى محلى كبديل للمكون المستورد، من خلال تطوير قاعدة صناعية متنوعة من الموردين المحليين، توفر منتجًا بسعر منافس وبجودة عالمية.  

ويعمل البرنامج على محورين أساسيين: التكامل الرأسى بواسطة تكوين شراكات مستدامة بين المنشآت الصناعية والموردين المحليين، والتكامل الأفقى بواسطة دعم العمل الجماعى بين الموردين المحليين لتلبية احتياجات المنشآت الصناعية.  

 وجمع المركز بيانات 210 منشأة صناعية، و53 منشأة صناعية تم التعاون معها فى مجال التشبيك، و110 موردين محليين تم إدراجهم بالبرنامج، و74 موردًا تم التعاون معهم فى عمليات التشبيك، وهناك 60 عملية تشبيك جارية بين الموردين والمنشآت الصناعية، للعمل على توريد 500 مدخل محليًا.  

التخطيط القومى  

 ويمتد تنفيذ مشروع معهد التخطيط القومى من يوليو 2020 حتى يوليو المقبل، ويشارك فى أعماله أعضاء الجهاز العلمى للمعهد، وأساتذة وخبراء من خارج المعهد، ويعتمد على أنشطة متعددة منها: سلسلة أوراق بحثية، وندوات وورش عمل، وتقارير لزيارات ميدانية للمصانع، ومقابلات مع ممثلى الصناع مثل اتحاد الصناعات واتحاد المستثمرين.  

ويمثل ذلك مدخلات للتقرير العام الذى سينتهى إليه المشروع من نتائج وتوصيات، للسير على طريق تعميق التصنيع المحلى.  

 

السيارات.. إحدى صناعات المرحلة الأولى لتعميق التصنيع المحلى
السيارات.. إحدى صناعات المرحلة الأولى لتعميق التصنيع المحلى

 

 ويدير المشروع لجنة برئاسة رئيس المعهد، وعضوية الدكتور إبراهيم العيسوى أستاذ الاقتصاد بالمعهد ومدير المشروع، والدكتورة أمانى الريس نائب رئيس المعهد، والدكتور خالد عطية نائب رئيس المعهد، والدكتورة سميحة فوزي أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ووزيرة التجارة والصناعة سابقا، والدكتور على البجلاتى مدير المكتب الفنى لرئيس المعهد.  

 ويقول الدكتور إبراهيم العيسوى - مدير المشروع، إن تعميق التصنيع المحلى يمكن أن يتحقق بوسيلة أو أكثر، منها تطوير صناعات قائمة بإضافة أنشطة جديدة مثل توسيع قائمة منتجات شركات الحديد والصلب، ومنتجات الصناعات المغذية لصناعة السيارات.  

 وأيضا إضافة أنشطة لصناعات قائمة تنتج منتجات وسيطة أو نهائية للتزود ذاتيًا ببعض مستلزمات إنتاجها كما حدث فى شركة السكر والصناعات التكاملية منذ سبعينيات القرن العشرين بإضافة ورش ثم مصانع لآلات ومعدات لإنتاج السكر وقطع الغيار للوفاء باحتياجات الشركة وللغير.  

 أما الوسيلة الثالثة فهى إنشاء صناعات جديدة تزود الصناعات القائمة وما قد يستجد من صناعات مستقبلا ببعض احتياجاتها من السلع الوسيطة والسلع الرأسمالية، مثل منتج البروبلين فى مجال البتروكيماويات، والذى تخطط مجموعة «النساجون الشرقيون» لإنشاء مجمع لصناعته فى العين السخنة.  

 بجانب تطوير الاستفادة من المواد الأولية الزراعية والخامات المعدنية وغير المعدنية، بما يمكن من تزويد الصناعات المختلفة بنسبة أكبر من احتياجاتها من المواد الخام التى يجرى استيرادها من الخارج، فمثلا عدم تصدير الرخام إلى الصين ثم إعادة استيراده.  

وأخيرًا تطوير مراكز للتصميم والبحث والابتكار ومواءمة التكنولوجيا الوافدة أو بالتعاون مع مراكز قائمة مثل معهد بحوث وتطوير الفلزات.  

وأنتجت المرحلة الأولى من مشروع تعميق التصنيع المحلى 18 ورقة عمل، تناولت قضايا تعميق صناعة ألواح الطاقة الشمسية، وسيارات الركوب، والصناعات الدوائية، وصناعة البلاستيك.  

 

10 صناعات مرشحة لدخول قائمة تعميق التصنيع المحلى
10 صناعات مرشحة لدخول قائمة تعميق التصنيع المحلى

 

 وأشارت الأوراق  إلى أن هناك 10 صناعات مرشحة للتعميق المحلى وهى:  الصناعات المعدنية، والكيماوية، والبتروكيماوية، والهندسية، والإلكترونية،  والدوائية، والغذائية، والغزل والنسيج، والأجهزة والمستلزمات الطبية، وقاطرات وعربات السكك الحديدية ومترو الأنفاق.  

 ومن المقرر أن تنتهى المرحلة الثانية من المشروع من إصدار 8 أوراق عمل، وإعداد مسودة للتقرير العام للمشروع، ووفقًا لسلسلة أوراق العمل الخاصة بالمشروع هناك عدة صناعات لها أولوية فى تعميق الإنتاج المحلى لها، ومنها الصناعات الغذائية، وصناعة المعادن، والمنسوجات.  

الصناعات الغذائية  

 تشير الدكتورة سهير أبوالعينين الأستاذ بمركز السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومى، إلى أن الصناعات الغذائية تعتمد بقدر غير قليل على الواردات فى مدخلاتها الوسيطة بنسبة 26 % مثل القمح واللحوم والذرة والزيوت المكررة مضيفة أن هناك مؤشرًا يوضح أن نسبة الطاقة العاطلة فيها تزيد على 12 %.  

 وهو ما يشكل مجالا للتدخل والعمل على زيادة الناتج باستغلال هذه الطاقات المعطلة، خاصة أن هناك منتجات تشكل وزنًا معقولًا فى هيكل الصادرات المصرية مثل العجائن والمحضرات الغذائية والخضر المجمدة، وبالتالى فإن تعميقها له أهمية فى زيادة حصيلة النقد الأجنبى وتحقيق توازن بين التوجه للاستعاضة عن الواردات والتوجه للتصدير.

وحددت دراسة للأستاذين عبدالقادر دياب وبركات الفرا بمركز التخطيط والتنمية الزراعية بمعهد التخطيط القومى، عدة آليات وسياسات تفصيلية لتعميق التصنيع المحلى لزيوت الطعام النباتية، حيث يتم استيراد نسبة 97 % من الاستهلاك المحلى لها، وعلى رأسها توفير البيئة المناسبة لتركز زراعات المحاصيل الزيتية فى المناطق الأكثر تكثيفًا لهذه الزراعات.  

أما الآلية الثانية فهى زيادة وعى المزارعين بمواصفات جودة بذور التقاوى ومصادر الحصول عليها، وزيادة الإنتاج من البذور وإعادة النظر فى التعريفة الجمركية لهذه الصناعة، وتأسيس اتحاد لمنتجى البذور الزيتية، ووجود منظومة متكاملة لتخزين وحفظ البذور والثمار الزيتية.  

 بالإضافة إلى تطبيق نظام الزراعة التعاقدية بين منتجى البذور والمنشآت المصنعة، وقدمت الدراسة ثلاثة سيناريوهات لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى عام 2030، أولها إمكانية رفع نسبة زيوت الطعام من حوالى 3 % فى السنوات الأخيرة إلى 14.4 % فى السيناريو الأول، و11.7 % فى السيناريو الثانى، و24 % فى السيناريو الثالث.

ولا يغطى إنتاج مصر من تقاوى محاصيل الخضار سوى 2 % من الاحتياجات السنوية، ويتم استيراد الباقى من الخارج، وتقدر قيمة تلك التقاوى بما يزيد على 2.3 مليار جنيه، واقترحت دراسة للدكتورة هدى النمر الأستاذ بمركز التخطيط والتنمية الزراعية والدكتورة حنان رجائى مدير المركز بمعهد التخطيط القومى، مجموعة آليات وإجراءات وسياسات لتعميق الإنتاج المحلى من الخضار، ومنها الحصول على التقنيات الحديثة لاستنباط التقاوى، وتوافر التمويل والكوادر البشرية المدربة فى مجال التهجين، وتعديل قانون الزراعة الموحد الحالى، وبناء شبكة بيانات ومعلومات خاصة بصناعة التقاوى، وتقديم حوافز لدعم القطاع الخاص.  

 

تطوير مراكز التصميم والبحث والابتكار
تطوير مراكز التصميم والبحث والابتكار

 

صناعة المنسوجات  

 تشكل صناعة الملابس الجاهزة الوزن الأكبر فى الصادرات الصناعية، ولذلك هناك أهمية خاصة لصناعة المنسوجات التى تعتمد عليها هذه الصناعة، وتحتاج إلى استيراد 21 % من مدخلاتها الوسيطة مثل القطن والغزول والخيوط والمواد الكيميائية ومنتجات البترول، مع تعطل 21 % من طاقتها الإنتاجية.  

 بينما ترتكز صناعة المعادن على الحديد والصلب، ويستورد 50 % من مستلزماتها الوسيطة (الخامات) من الخارج، وهو ما يؤكد على أهمية التوسع فى إنتاج تلك الخامات التى يوفرها نشاط التعدين.  

 وتشكل هذه الصناعة أحد أهم مدخلات صناعة الآلآت والصناعات الهندسية الأخرى،ويوضح هيكل الواردات أن سيارات الركوب تشكل ثانى أكثر السلع أهمية بعد القمح.