الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
كلنا فى الصوم واحد!

كلنا فى الصوم واحد!

 ما مرَّ على مصر، وأقباطها خصوصًا، مرحلة انتشر فيها الرعب والخوف على المصير، مثلما كان عندما خطفت «جماعة الإخوان» مصر، وحكمت، وأفسدت، وأرهبت.. فراح المسيحيون يفكرون بالهجرة والرحيل. 



مسلسل «الاختيار» الاستثنائى، أعاد فى جزئه الثالث التذكير بتلك الأيام السوداء التى عاشها، ليس القبط وحدهم، إنما شريحة كبيرة من المسلمين الذين يعرفون صحيح الدين، ويسعون إلى العيش المتحضر بين فئات الشعب الواحد.

ولا أحلى، هذه السنة، أن يكون المصريون فى الصوم واحدًا، وقد سبق المسيحيون المسلمين إليه. وما أبهى أن يتقاطر المسيحيون على الكنائس، يقيمون الصلاة وقراءة الإنجيل وينشدون ترانيم الصوم الكبير، وليس بعيدًا عن كنائسهم، يقيم المسلمون، شركاء العيش المشترك، العبادات والفرائض وصلاة التراويح.

وما نعاينه ونعيشه، وثقته نيرمين عازر فى بحثها القيم، الذى نشره «مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية».

فنقلت فى بحثها صورًا لتجمّع المسيحيين بجانب المسلمين كأسرة واحدة فى القرى، فتتشارك النسوة طوال أيام رمضان بأعمال الخبيز وصناعة الحلوى الرمضانية . وفى الأعياد المسيحية، تتجمع النساء والفتيات المسلمات لمساعدة جيرانهم المسيحيين فى الإعداد لتلك الأعياد. وطوال ساعات الصيام، يحرص المسيحيون على مشاركة جيرانهم صومهم، فيمتنعون عن تناول الأطعمة والمشروبات حتى موعد الإفطار.  

ومهما حاول أصحاب النفوس المريضة الدعوة إلى عدم مشاركة الأقباط أفراحهم وأتراحهم، نجد المستنيرين من المسلمين يؤكدون على العيش المشترك. فلم يمانع إمام مسجد الحسين أن تقوم المهندسة القبطية جاكلين سمير بترميم وتجديد وتطوير المسجد، فأعطته رونق الفن الإسلامى،  وبهرت كل من دخل يصلى فيه. وجاكلين سمير، على ذلك، أول مهندسة مسيحية تعمل فى ترميم الآثار الإسلامية. وكان وزير الأوقاف قد أسند إليها ترميم مسجدى «الرفاعى» و«الإمام الشافعى» وبعدهما مسجد «الفتح» وتوسيع «ميدان السيدة عائشة»، كما أسند إليها تطوير المركز الثقافى بتنزانيا، الى جانب ترميمها للكنيسة اليونانية المعلقة.

في «الأقصر» تقليد أرسته عائلة رمزى عجايبى مسعود المسيحية، فمنذ 15 سنة وطوال شهر رمضان، تُنصب «موائد الرحمن» لإفطار 1000 شخص، إلى جانب «الوجبات» التى يتم توزيعها على المرضى والمرافقين لهم فى المستشفيات.

ومن ذا الذى لا تهتز مشاعره عندما يسمع المنشدة المسيحية يوستينا سعد فى قرية « أبوسليم» (محافظة «بنى سويف»)، وهى تنشد تواشيح للشيخ سيد النقشبندى،  فتجيد بصوتها وفى تأنق مخارج الكلمات، وتتبعها بالترانيم المسيحية والأناشيد الوطنية.

وقد كرّمت «المنظمة الإسلامية الأزهرية» الطالبة يوستينا سعد، لتميزها فى أداء التواشيح. وفى مدرسة القرية، قام مواطن مسيحى قبطى ببناء مسجد داخل المدرسة لأصدقائه من المسلمين.

كلنا فى الصوم واحد، وكلنا فى الكنائس والمساجد نصلي لتبقى مصر عزيزة مرفوعة الرأس، وأن تظل موئلاً للمحبة والتسامح والعيش المشترك.