الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
قرصان إلكترونى .. ومتوحد؟!

قرصان إلكترونى .. ومتوحد؟!

هذه واقعة لا تُصَدَّق.. لكنها حدثت ومسجلة فى أوراق البوليس البريطانى.



فكيف لنا أن نصدّق أن صبيًا انجليزيًا مراهقًا عمره 16سنة يمتلك الآن 10ملايين جنيه؟!

كان علينا أن نتابع تفاصيل القصة المثيرة من عدة مصادر؛ لنعرف أن الصبى- الذى لم تذع سُلطات البوليس اسمَه حتى الآن لأسباب قانونية- يعانى من أعراض شديدة لمرض «التوحُّد» وأنه يعيش مع أمه بالقرب من جامعة أوكسفورد..

 

وأنه مغرم بألعاب الكمبيوتر.. ويحب الذهاب مع أبيه وعَمّه فى رحلاتهما الأسبوعية لصيد السمك..وأنه ملتحق بمدرسة مخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة.. ولأنه مصاب بمرض «التوحد» يَلقَى مضايقات من أقرانه فى المدارس الأخرى. 

حكاية الملايين العشرة

لكن ما حكاية أنه يمتلك ما يساوى أكثر من 10 ملايين جنيه استرلينى؟..

المعلومات تقول إن هوايته لألعاب الكمبيوتر، أخذته إلى عالم «القرصنة الإلكترونية»؛ حيث أبدى تفوقًا فى القدرة على اقتحام مواقع كبريات شركات «وادى السايبر» الأمريكية وعلى رأسها شركة «مايكروسوفت» عملاقة البرمجة الإلكترونية العالمية، التى نجح فى التسلل إلى بياناتها وبيع ما يحصل عليه من معلومات لجهات أخرى مقابل تسديدها أموالاً طائلة له فى حساب فتحه باسم مصطنع، على أن يكون التسديد بالعملات المشفرة.. وترصد تحريات قوة بوليس لندن أن مجموع ما جمعه من هذه النشاطات بلغ ما يساوى10ملايين و600 ألف جنيه استرلينى. 

مسرح الجريمة

وأين كان يقوم بجرائمه السايبرانية هذه؟

فى بيت أمّه.. التى ظنت أنه يستمتع بمتابعة ألعاب الكمبيوتر، فكانت تتركه وحده بالساعات حتى يبقى بعيدًا عن مضايقات أقرانه، وإهاناتهم المتكررة له بسبب أعراض مرضه.

لكن البوليس توصّل إلى أن هذا الصبى قد يكون يتزعم عصابة من المراهقين تضم سبعة أفراد من أعمار تبدأ من 16 سنة وتصل إلى 21سنة. وهى عصابة تقوم بأعمال القرصنة الإلكترونية وتنتهك بيانات سرية إلكترونية لشركات كمبيوتر عملاقة وتسرق هذه البيانات والحسابات والمعلومات وتبيعها لمن يستفيد منها من عصابات أخرى. وقام هؤلاء «الهاكزر»- كما يسميهم البوليس ـ بقرصنة شركات عملاقة هى «مايكروسوفت» الأمريكية و«سامسونج» الكورية الجنوبية.

 

 

 

«خناقة حرامية»

لكن.. كيف تم التعرُّف على هذه العصابة وزعيمها، ونشاطها الإجرامى؟

تَبيَّن أن كل ذلك تم بسبب «خناقة حرامية».. جرت بين أفراد من العصابة وعصابة أخرى منافسة، بعد خلافات بينهما، ونشروا عبر وسائل الاتصال على الإنترنت بيانات وصورًا عنه وعن بيته وأهله وما قام به من عمليات إجرامية.. بما فى ذلك عنوانه ورقم تليفون البيت، وموقع لهم على «السوشيال ميديا» وأيضًا صورًا لأفراد آخرين من العائلة.

وقال البوليس إنه تم القبض على أفراد العصابة السبعة، دون التأكيد على أن المراهق مريض التوحد، هو زعيم العصابة. وقال والده لتليفزيون «بى بى سى» إنه طوال الوقت كان يعتقد أن ابنه متميز فى الكمبيوتر وأنه كان يشجعه، دون أن يعلم أنه يمارس أى نشاط إجرامى أونلاين، وإن ابنه لم يشر أبدًا إلى أى أعمال قرصنة إلكترونية، وإنه يمضى وقتًا طويلاً أمام الكمبيوتر.. «كنت دائمًا أظن أنه يهوى ألعاب الكمبيوتر، لكننى سأحاول الآن أن أبعده عن الكمبيوتر».

عصابة مراهقين

ولأنها عصابة من المراهقين فلم يكن لدى أعضائها حرص كافٍ على إخفاء بياناتهم الشخصية؛ بل إن بعضهم كان يفاخر عبر مواقع الإنترنت بما قاموا به من عمليات قرصنة إلكترونية. فلم يكن المال هو دافعهم الأول بقدر رغبتهم كمراهقين فى التعبير عن التميز والذكاء.

ويقول «بريت كالوو» خبير مطاردة عصابات القرصنة أونلاين، فى مكتب «إمسيسوفت»، فى تحليله للواقعة: إن هواة القرصنة من المراهقين، هم جماعات من الصعب فى كثير من الحالات أن تتعامل معهم، فأنت لا تستطيع توقع الخطوة المقبلة منهم، على عكس العصابات الإلكترونية المنظمة التى سهل توقع خطواتها التالية لأن هدفها واضح وهو تحصيل أكبر قدر من المال، ولذا فيمكن للشركات التى ستتعرض لجرائمهم وقرصنتهم أن تضع مخططات بديلة معاكسة لأساليبهم فى سيناريوهات عدة، أمّا هؤلاء المراهقين؛ فلا حدود لمحاولاتهم وألعابهم وتجاربهم.. كما أن هدفهم الأول فى معظم الحالات هو الاستعراض وإثبات المهارة والتفوق، وليس المال فقط!  وقال متحدث باسم قوة بوليس لندن، إن التحريات مستمرة.