الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«رمضان» بنكهة مصرية!

«رمضان» بنكهة مصرية!

عَفا الله عن صلاح جاهين، كم أجادَ وأبدع،نذكره فى كل رمضان، ونتذكر قوافيه:



النور مَلْوَ الشوارع/ ومليون راديو وَالِعْ/ الساعة اتنين صباحًا/ لكين إيه المَوانِعْ/ الخلق رايِحَة جاية/ والدنيا لسه حَيَّة/مليانة بالهأو أو/ وزعيق القهوجي/ ولو طرطقت ودنك/ فى وسط دى العظايم/ تسمع مسحراتي/ بطبلة صوتها واطى بتقول إصحى يا نايم. و«رمضان» شهرنا أيضًا،نشارك فيه إخوتنا بالوطن صيامهم، ونقيم معهم ومن أجلهم «موائد الرحمن»، وبها يترسخ العيش المشترك، وتلك،لعمرى، نكهة مصرية للشهر الفضيل.

فى واحدة من ممتعات نجيب محفوظ،نكهة مصرية أخرى. نقرأ له فى رواية «خان الخليلى»،ما ننقل منه هاهنا:

«وجاء مساء الرؤية،وانتظر الناس بعد الغروب يتساءلون، وعند العشاء أضاءت مأذنة الحسين إيذانًا بشهود الرؤية، وقد استعانوا بالإضاءة على إطلاق المدفع، وزُينت المأذنة بعقود المصابيح مرسِلة على العالمين ضياء،فطاف بالحى وماحوله جماعات مُطبِلة هاتفة «صيام.. صيام»، فقابلها العلماء بالهتاف، والبنات بالزغاريد، وشاع سرور فى الحى كله.» وليالى «رمضان» ينزل وصفها من قلم نجيب محفوظ،مليئًا باللطائف، ومرآة لحياة أهل المحروسة:

«إنه النور والسرور، إنه الليل المنير اليقظان، إنه الليل العامر بالسمار والمنشدين واللهو البريء. وفى أيام الفتوة والصحة، كنت أسرى قبيل السحور بساعة، فى جمع من الإخوان من السكاكينى إلى حيّنا هذا، نتسحر كوارع ولحم الرأس، وندخن البورى فى «مقهى الحسين»، ونستمع إلى أذان الشيخ على محمود ثم نعود فى الصباح الباكر».

ويجمع محمد جبريل فى روايته «مد الموج» خواطر زمن كان ومضى، عن «شقاوة أطفال الإسكندرية فى رمضان»، فيسبح قلمه فى الذكريات:

«كان يقودنا فى حَمْلُ الفوانيس.. نسعى بها بعد صلاة التراويح، نقف أمام كل دكان ونغنى لصاحبه: «الدكان ده كله عمار، وصاحبه ربنا يغنيه»،فإذا وهبنا «العادة»، انصرفنا ونحن نعيد الأغنية، إذا رفض، نغنى فى لهوجة: «الدكان ده كله خراب، وصاحبه ربنا يعميه!»... ثم نجرى».

جمال الغيطانى، ابن «حى الجمالية» والقاهرة القديمة، رمضانه رجل أبيض ملتحٍ ولحيته بيضاء، يلف جسده بجلباب أبيض.

ويمضى فى «متتاليات رمضانية»،الذى هو لون من الأدب ليس لنا به عهد، يكشف عن سبب غريب يدفعه لانتظار شهر رمضان سنويًا، وهو بائع المخلل «البولاقى»، وقد اعتبر اختفاء «بياع المخلل» طوال أشهر السنة لغزًا شغله طوال طفولته. والغيطاني، على عكس الغالبية من الناس الذين يسيل لعابهم للحلويات الشرقية، انتظر شهر رمضان من أجل مخلل البولاقى واعتبره لغزًا وسعى طوال طفولته للكشف عن هويته وأين يختفى طوال العام؟ 

ويحل رمضان، فيجلب بحلوله الفرحة والعبادة، وتعود معه حكاوى القهاوى،وحلقات السهر والسمر، وكل ما لذّ وطاب..

كل عام وأنتم فى فرحين فى رمضان.