الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية لـصباح الخير:

تغطية صحية شاملة لكل المصريين

د. أشرف إسماعيل
د. أشرف إسماعيل

تستهدف الدولة رعاية جميع المواطنين صحيًا، وبجودة عالمية، وخدمة كاملة تحقق الرضا للمنتفعين ومقدمى الخدمة على حد سواء بحلول عام 2030، والذى يتزامن مع التطبيق الكامل لمنظومة التأمين الصحى الشامل الجديد. 



ولضمان تنفيذ ذلك، كان لا بُدّ من وجود هيئة رقابية عليا، تتابع الخدمة الصحية، وتضع المعايير العالمية الاسترشادية من الدول الأخرى، لاعتماد المنشآت الصحية من مستشفيات ومستوصفات ومراكز طبية، وأخرى للعلاج الطبيعى، ومراكز للأشعة، ومعامل للمختبرات الطبية، وعيادات خاصة وصيدليات؛ بحيث تكون قادرة على تقديم الخدمة الكاملة والراقية للمواطن المصرى، وهو ما استحدثه قانون التأمين الصحى الشامل. 

 

«صباح الخير» حاورت الدكتور أشرف إسماعيل، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، والتابعة لرئيس الجمهورية، وهى الهيئة المسئولة عن الرقابة والاعتماد فى المنظومة ككل، والذى عرض أهمية الجهود التى تبذلها الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، داخل المنظومة الصحية، والتأمين الصحى الشامل، مؤكدًا على أهمية الدور الذى تقوم به هيئة الاعتماد والرقابة، لضمان جودة مخرجات النظام الصحى المصرى، وخاصة بعد حصولها مؤخرا على الاعتماد الدولى«ISQUA» لـ 107 منشآت طبية، وإلى نص الحوار. 

كيف ترى الاهتمام الرئاسى الكبير بملف الصحة فى مصر؟ 

- الصحة هى أعظم مجالات الاستثمار؛ حيث تعود على المجتمع فى صورة كبيرة من الإبداع والإنتاج، ودعم أساس الأمن القومى المصرى، والقدرة على استيعاب تغيرات العالم الاجتماعية والسياسية، وتعتبر المرحلة الحالية لحظة فارقة فى تاريخ الصحة المصرية، بوضعها على قمة الأولويات، ولأول مرة فى عهد «السيسى». 

التأمين الصحى الشامل هو نظام تكافلى، ما موقعه من خطة مصر 2030، والرؤية المستقبلية؟ 

- فى واقع الأمر إن التأمين الصحى الشامل، هو جزء من استراتيجية مصر للتغطية الصحية الشاملة لجميع المواطنين، والتى تنقسم إلى شقين فى غاية الأهمية، وهما «الوقائى» و«العلاجى»، والأول مسئولية أصيلة تسير عليها الدولة ممثلة فى وزارة الصحة، والمبادرات الرئاسية وتطبقها وفقا للقانون ولائحته التنفيذية. 

وتتمثل أهمية تلك المبادرات، فى التشخيص المبكر للأمراض، ومنع أو تقليل العبء على القطاع العلاجى، والذى تصل إليه بمراحل متقدمة من الأمراض؛ حيث تهتم المبادرات الصحية بكيفية التعامل مع الأوبئة، والاكتشاف المبكر لها وتشخيصها، من أورام الثدى، والأورام السرطانية، وأمراض وإعاقة الأطفال، و100 مليون صحة، ولذلك فهو جزء استراتيجى فى بناء مصر الجديدة 2030، التى تقوم على أسس مستقبلية، وتنمية مستدامة، ولذا فلا بُد من التركيز على الصحة بهذا المفهوم. 

ما هو الدور المختلف الذى يقدمه التأمين الصحى الشامل، عن النظام القديم  للمنظومة نفسها؟ 

- يأتى دور التأمين الصحى بمفهومه الشامل للتأمين ضد جميع الأمراض، وهو الشق الثانى «العلاجى»، ومستهدف تغطية جميع المواطنين المؤمن عليهم، بالتعاقد مع شبكة من مقدمى الخدمات الصحية موزعة على كافة محافظات الجمهورية، خلال الـ 10 سنوات القادمة، بالتوازى مع استراتيجية 2030، وهو مختص بعلاج الأمراض المنتشرة والحادة، والتى قد تستدعى العلاج على أعلى مستوى فى تقديم الخدمة الصحية والمتابعة، وذلك من خلال العيادة المتخصصة، أو المستشفى، وقد تحتاج إلى التأهيل والمتابعة باستمرار. 

فالتأمين الصحى الشامل يغطى كل الأمراض، والمواطنين، ولذلك فهو يختلف عما كان عليه قبل ذلك، وعليه لا بُد من وجود نظام تكافلى، بمشاركة كل فئات الشعب، وتتحمل الدولة اشتراكات غير القادرين. 

هل هناك تفاوت فى تقديم الخدمة بين شخص وآخر، أو تمييز بين المنتفعين؟ 

- لا إطلاقًا.. هذا الكلام غير صحيح، حيث تقدم الخدمة الطبية بشكل واحد لجميع الحالات، وعلى أعلى مستويات الجودة والسلامة، ومن هنا نشأت هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، لوضع معايير تقديم الخدمات الصحية المعتمدة دوليًا، وعلى أعلى مستوى معترف به عالميا، والتأكد من توافر المواصفات القياسية فى جهات تقديم الخدمة للمرضى بصفة دورية. 

ويخلق النظام التكافلى نسيجًا من التعاون والتوازن بين فئات المجتمع، ويشمل التغطية التأمينية بالكامل للأمراض المزمنة، ويقدم الخدمات فى حالات المرض وإصابات العمل بكل مستويات الرعاية الصحية، على أساس العدالة فى تقديمها لجميع المؤمن عليهم. 

ماذا عن التكلفة التى يدفعها المنتفعون لتلقى الخدمة الصحية فى المنظومة الجديدة؟ 

- حساب التكلفة نفسه ليس من اختصاص هيئة الرقابة، ولكن تختص به الهيئة العامة للتأمين الصحى؛ حيث تحدد أسعار الخدمات المقدمة، وتتعامل مع المستشفيات، وجميع المنشآت داخل المنظومة، وتحدد الأسعار بطريقة علمية، وبشكل مستمر، من خلال لجنة خاصة بالتسعير، يشترك فيها كل الأطياف من القطاع الخاص والحكومى، لتحديد أسعار الخدمات للتأكد وضمان تقديم خدمة عالية المستوى وعادلة مبنية على أسس سليمة، تحقق الاستمرارية. 

ما هو شكل الخدمة الصحية فى ضوء المعايير العالمية التى تطبقها الهيئة على المنشآت التى يتم تسجيلها؟ 

- يتمحور تقديم الخدمات الصحية حول المريض؛ حيث يتم الربط بين الحوكمة المؤسسية والإكلينيكية، للتأكيد على حوكمة الهيئة والمنشآت الصحية فى مصر، لتحقيق أفضل معدلات استدامة ممكنة للهيئة، ودعم الرقابة على الأداء، ولذلك وضعت الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، المعايير التى حصلت بها على اعتماد أكبر هيئة دولية للاعتماد الدولى، وهى ISQUA، وتم الحصول على اعتماد المستشفيات بنسبة نجاح غير مسبوقة بلغت 98  %، وهو ما لم تحصل عليه أى دولة، وتم تتويج هذا بتسجيل معايير الرعاية الصحية الأساسية بنسبة 99  %، وهذا فخر لمصر؛ حيث وضعت هذه المعايير العالمية بأيدٍ مصرية خالصة 100 %، من خلال أكثر من 11 لجنة متخصصة تضم الخبراء. 

 وأيضا تسجيل معايير اعتماد مراكز الرعاية الأولية بنسبة 99 % ومعايير معامل التحاليل الطبية بنسبة 98 %، ومعايير اعتماد مراكز العلاج الطبيعى بنسبة 99٫9 % والمراكز الطبية المتخصصة وجراحات اليوم الواحد بنسبة 98 %.

ولايزال العمل مستمرًا للحصول على الاعتماد لباقى المنشآت الطبية، من المعامل، ومراكز الأشعة، والمستشفيات النفسية، والرعاية الممتدة وغيرها. 

وهناك العديد من المراحل التى تمر بها المعايير، وهى شديدة التعقيد، ورغم ذلك تم خلق نظام لإدارة هذه العملية داخل الهيئة، وتم الانتهاء من هذا الإنجاز فى خلال الـ 29 شهرًا الماضية، وبناء على هذه المعايير يتم تسجيل واعتماد المنشآت الصحية بكل أنواعها، ومراكز الرعاية الصحية الأساسية، والمستشفيات، والمختبرات الطبية، ومراكز الأشعة، والمستشفيات المتخصصة، ومراكز التأهيل، والصيدليات، وتتحمل الهيئة مسئولية تسجيل واعتماد هذه المنشآت. 

وخلال الفترة حتى 20 فبراير 2022 تم تسجيل واعتماد 150 منشآة طبية فى مصر منها 39 معتمدة و111 مسجلة، ومستهدف الوصول إلى 1000 منشأة فى خلال الـ 20 شهرًا المقبلة، لتغطية محافظات المرحلتين الأولى والثانية من التأمين الصحى الشامل. 

وآخر المستشفيات التى تم اعتمادها هى هيئة قناة السويس، والمركز الطبى العالمى، وعدد من المستشفيات الخاصة، وجميع مستشفيات محافظة بورسعيد، وفى الأقصر تم تسجيل 4 من 7 مستشفيات بالمحافظة، إضافة إلى 32 مركزًا طبيًا.

ويوجد 256 منشأة متقدمة بطلبات وأوراق للتسجيل وجار فحصها ومراجعة تطبيق المعايير عليها، إضافة إلى 9581 عضوا بالمهن الطبية المختلفة تم تسجيلهم فعليا بهيئة الاعتماد والرقابة الصحية.

إلى أى مدى تم تطبيق معايير الجودة والاعتماد ؟ 

- الخدمة الطبية شديدة التعقيد، لتأسيسها على نظم كثيرة ومختلفة، وتكنولوجيا متقدمة، ومثال لذلك، العلاج بالإشعاع ووسائل التشخيص، فتكنولوجيا هذا المجال لا تقل عن أماكن المفاعلات النووية، وللوقاية من خطر الإشعاع، لا بُد من توافر بنية أساسية وتدريب فائق الجودة، ومعايرة الأجهزة بطريقة صحيحة، لضمان سلامة المريض، ومقدم الخدمة، وكذلك مخرجات المعامل من المواد البيولوجية، وضمان سلامة فحص الأنسجة، وعينات الدم بشكل محكم، ولذلك لا بُد من أمان تلك المنظومة بنسبة 100  %، وكل ذلك فيما يخص المنشآت التشخيصية. 

أما عن غرف العمليات، فتبدأ من الهواء داخل غرفة العمليات والأجهزة، والكهرباء والمولدات ومدى سرعة تشغيلها، حتى لا يحدث أى خلل يؤثر على الغازات التى يتم استخدامها. 

وتم وضع كل هذه الأمور بعين الاعتبار، وشرحها تفصيلًا داخل 16 فصلًا بكتاب المعايير، الذى لم يترك أى شيء. 

كما تم تجهيز فرق متكاملة لمساعدة المنشآت الطبية فى فهم المعايير وكيفية تطبيقها، وقياس الأداء، لتطبيقها بطريقة صحيحة. 

د. أشرف إسماعيل خلال الحوار
د. أشرف إسماعيل خلال الحوار

 

هل هناك تحديات فى تسجيل المنشآت، وتطبيق المعايير والاعتماد، تؤثر على الاستمرارية والتوسع فى النظام؟ 

- نعم.. بدأنا العمل بمحافظة بورسعيد، والآن نواصل الجهود فى 5 محافظات أخرى بالمرحلة الأولى، وخلال 10 سنوات يتم التطبيق فى مراحل مختلفة، وهو تحدٍ كبير يضيف عبئا أكبر بسبب التزايد المستمر فى عدد المرضى، ورغم ذلك يتم مواصلة الجهود فى إطار الخطة الموضوعة سلفًا ودون توقف. 

ويعد استمرار تطبيق المعايير من الأمور المهمة، فى ضوء جهد لا يتوقف، لخدمة جميع المرضى وضمان سلامتهم، ولذلك رفعت الهيئة شعار «الالتزام والتميز»، ولتحقيق هذا الالتزام والتحسن فى الأداء بشكل دورى، كان لا بد من خلق ثقافة بين العاملين بالالتزام الداخلى، ومسئولية الفريق كاملا للحفاظ على سلامة المرضى. 

ويتم وضع المعايير، وتطبيقها وقياسها ومتابعتها بشكل دائم، للتأكد من تحقيق النتائج المرجوة، ويدل على ذلك تحسن النتائج بالأماكن التى تم تطبيق النظام بها، وارتفاع مستوى نجاح العمليات الدقيقة التى تمت للمرضى. 

كما يوجد تحدٍ كبير نتيجة العديد من المتغيرات على الصعيدين المحلى والعالمى، ومنها تباين قدرات وكفاءة البنية التحتية للمنشآت الصحية المصرية، وعليه تم وضع الخطط لمواجهة تلك التحديات، ووضع برامج تدريب تغطى جميع الفئات بالمنشآت الصحية. 

هل توجد آليات لضمان شفافية لمراقبى الهيئة؟ 

- تم بالفعل إنشاء نظام يضمن نزاهة المراقبين والمفتشين، كما تم وضع آليات لجمع المعلومات وتحليلها والتحقق منها، وسياسات للتفتيش، والرقابة على المنشآت الصحية والعاملين، وبرامج تدريبية للمراقبين والمفتشين بالهيئة لزيادة كفاءتهم، إضافة لنظام شكاوى موحد لقياس رضا المرضى، والعاملين بالمجال الصحي. 

وتتحمل الهيئة عبء أمرين مهمين، الأول هو التدقيق المتواصل للتأكد من تطبيق المعايير بصفة مستمرة، والثانى فى حالة الحوادث، لمعرفة الأسباب الرئيسية التى أدت لحدوث ذلك. 

ما هى آليات الهيئة لتفادى وقوع الأخطاء؟ 

- العمل داخل المنظومة الصحية مستمر 24 ساعة يوميا وطوال أيام الأسبوع، ومن المتوقع وقوع أى خطأ تحت أى ظرف، ولذلك لا بُد من الجاهزية 24 ساعة يوميا، 365 يومًا فى السنة، وهى مسئولية يتم توزيعها على جميع الفرق الطبية دون توقف، والتدريب الدائم على تحقيق أفضل أداء إكلينيكى فى تقديم الخدمات. 

ويؤخذ فى الاعتبار محدودية القوى البشرية والكوادر الطبية، أمام العدد الكبير من المرضى، ويعتبر السفر للخارج هو السبب فى فقدان المنظومة الصحية لعدد كبير من الكوادر الطبية من العاملين بالقطاع الصحى، ولذلك تتجه الدولة الآن لتدريب وإعادة تأهيل الكوادر الحالية لرفع كفاءتهم، إضافة إلى حصول البعض على تدريبات عالمية متقدمة، وكذلك هناك دور الجامعات فى تخريج عدد عالٍ من الكوادر تستطيع التعامل مع التحديات، وهناك أيضا جهد كبير لاستعادة العاملين خارج مصر مع تطبيق النظام الجديد. 

ماذا تراعون فى اختيار الكوادر؟ 

- إحدى مهام الهيئة الرئيسية، هى تسجيل واعتماد العاملين فى القطاع الصحى، من مستشفيات ومراكز طبية، وهذا على أساس وجود كوادر مؤهلة ومدربة قادرة على تقديم الخدمة بشكلها الجديد، ولذلك فمن شروط الاعتماد وجود الموارد البشرية الماهرة، من الفريق الطبى كاملا «جراحات وتخدير، وتمريض، وتكنولوجيين»، للتعامل مع الأجهزة الحديثة، لتشكيل فريق متكامل بمواصفات خاصة، وشروط مهمة لتقديم الخدمات الصحية. 

متى يتم سحب الاعتماد من أى منشأة طبية ؟ 

- يتم تسجيل واعتماد المنشآت الطبية المستوفاة لمعايير الجودة، وتكون مدة الاعتماد والتسجيل4 سنوات قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة، ويحق للهيئة إيقاف الاعتماد أو التسجيل حال مخالفة المنشأة الطبية لأى من اشتراطات منح الاعتماد والتسجيل، أو عند حدوث خلل أثناء تطبيق المعايير، أو إذا أصرت المنشأة على عدم الإصلاح، ويتم إيقاف الاعتماد، أو سحبه عند وجود أمر خطير يسبب أضرار بالمرضى أو مقدميها. 

كيف ترى مستقبل الرعاية الصحية فى مصر؟ 

- أرى أننا حاليا فى لحظة فارقة من تاريخ الصحة فى مصر، ولأول مرة يتم وضع الصحة على قمة الأولويات، وهو ما سوف يحقق مردودًا قويًا على صحة المواطن المصرى، ولأول مرة ننظر للصحة بمنظور والتغطية الصحية الشاملة، بشقيها الوقائى والعلاجى، ومتابعة ما بعد العلاج، والتأهيل، وتكامل النظم الرقمية فى خدمة النظام الصحى، ونظم المعلومات، وتطور التكنولوجيا، وأصبح لكل مريض ملف لتسجيل تاريخه المرضى، بداية من ولادته ومتابعته فى مراحل حياته كاملة. 

فهى منظومة متكاملة، تأخذ فى الاعتبار الجوانب البدنية، والذهنية، والنفسية، والاجتماعية، وتقديم الخدمة الطبية التى ترتكز حول المريض، ليصبح مواطنًا قادرًا على الاستمتاع بالحياة، لديه القدرة على العمل والإنتاج يساهم فى تقدم المجتمع. 

ولذلك فإن الاستثمار فى مجال الصحة، هو أعظم أساس يعود على المجتمع فى صور كبيرة من الإبداع والإنتاج، ودعم أسس الأمن القومى، فصحة المواطن هى أساس القدرة على استيعاب العالم بكل تغيراته الاجتماعية والسياسية.