الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
وادى الجــن

وادى الجــن

مؤسسة ثقافية عريقة عمرها يزيد على نصف قرن، رغم أهميتها فى اكتمال عملية الإبداع الفنى ونضجها وتقييمها، فإنه توارت لعقود وربما لم يسمع عنها إلا فئة قليلة ممن يقارب الفن وبالأخص حينما يلتحق بأكاديمية الفنون باعتبارها منارة للفن والفنانين، أما هذه المؤسسة فتتمثل فى أحد أهم معاهد الأكاديمية والذى يرتكز على الفكر والفلسفة العميقة لبناء عقول نقدية ناضجة واعية تحيى بناء الأعمال الفنية ومبدعيها، إنه معهد النقد الفنى الذى يضم فى بوتقته جميع تخصصات أكاديمية الفنون ويخلق الرؤية النقدية بإلمام علمى وتاريخى وتقنى منفتحاً على ثقافات وفلسفات تصقل عملية الإبداع الفنى فى مجملها للبحث حول الجمال وماهياته من خلال التبصر العميق والتأمل الواعى لكل ما يحمله العمل الفنى من متعة حسية وقيم بصرية جمالية.



ومؤخراً بدأ يستعيد هذا المعهد بريقه وينفتح على السوق الإبداعية، بمزج بين الدراسة العلمية المتخصصة وما نتتبعه من إبداعات فنية مطروحة على الجماهير، وذلك حتى نصل لمضمون العمل الفنى بالوصف والتفسير والتقييم ويحدث المزج والاستفادة الحقيقية للأعمال المعاصرة والآنية التى تلقى رواجاً لدى فئة الشباب، مما يساعد على قراءتها بتأويلات متعددة منفتحة على فنون الحداثة وما بعدها بكل ما تحمله من تجديد وشمولية لإثراء العملية النقدية فيدرك الناقد أهمية دوره، وكذا يتفاعل الفنان المبدع مدركاً لقيمة النقد البناء.

ونظراً للجدل الواسع الذى أحدثه مسلسل «وادى الجن» كأحد مسلسلات الخيال العلمى الحديثة من حيث الأفكار والتقنيات المستخدمة لفنون الجرافيك وما يتبعها من مهارات للمونتاج والديكوباج وغيرهما من الأساليب التكنيكية لخدمة العمل.فجاء اهتمام معهد النقد الفنى بإقامة ندوة استضاف فيها صناعه وفى مقدمتهم المنتجة والفنانة الواعية المثقفة الجميلة بشرى والتى أضفت روح البهجة بتلقائيتها ورشاقة تعبيراتها وخفة ظلها، أما المخرج حسام الجوهرى ابن أكاديمية الفنون فكان متفاعلاً راقياً فى حواره، محللاً لجميع أدواته ورؤيته الإخراجية والإبداعية لخلق خطاب بصرى مغاير واستطاع أن يجذب انتباه الحضور بما أضفاه من معلومات عن تجربة حية مفيدة للحضور، كذلك زميل دراسته فى الأكاديمية مدير التصوير أشرف جابر والذى حفز الطلاب على العمل والممارسة وصقل الدراسة الأكاديمية بالجوانب التقنية من خلال تجاربه الشخصية وخاصة هذه التجربة المثيرة، بجانب رامز عاطف ومحمد طنطاوى وما أضافوه من كيفية تعامل مع هذه التقنيات الحديثة لوصولها للجمهور بشكل جاذب وممتع ومثير.

الحقيقة بداية مبشرة ومثمرة بضخ روح الشباب والعمل على دفع حركة الإبداع للأمام، التفاؤل والأمل أجمل ما يميز هذه الندوة الممتعة. ويظل النقد الفنى أيقونة علمية وفكرية تنضح بعمق خبراته ونوازع شبابه لخلق حالة افتقدناها على مدار سنوات طويلة، لكن حان الوقت بعد انقضاء نصف قرن بنهايات يحيطها الماضى بتاريخه وأحداثه وذكرياته، وما بين بدايات تشرق ضحاها متوقة لكل ما هو جديد هائمة نحو آفاق وآمال ننشدها لصالح الفن والإبداع قاطرت النمو الفكرى لمحاربة الظلام والظلاميين.