السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

متى يكون نجاحها سبب المشاكل

غيرة رجالى.. ولا «افترا» حريمى؟!

نزلت المرأة لسوق العمل ونافست الرجل بقوة، حققت نجاحات فى شتى المجالات.



ولأن لكل شىء فى الحياة ثمنا وقد يكون ثمن نجاح المرأة مشاكل فى حياتها الزوجية أو على صعيد علاقتها بابن الحلال، حيث تشغل الكثير من قلبه بمشاعر من تأثير نجاحها على رجولته.

لكن ابن الحلال نفسه كثيرا ما يبنى رأيا يقول إن المرأة عندما تحقق نجاحا فهى تبدأ فى الاستقواء والتعالى وقد يتسبب نجاحها فى تدمير أسرتها.

 

مجلة «صباح الخير» طرحت القضية أمام المختصين وقالت د. ثريا عبدالجواد أستاذ علم النفس: «سبب غيرة الرجل من المرأة الناجحة مرتبط بالثقافة العامة فى المجتمع، فهناك ثقافة سائدة بأن «الرجل دائما هو الأساس» وكثيرا ما يكون الرجل أقل نجاحا لكنه بحكم الثقافة السائدة يظل السيد «صاحب القرار الفصل» وهو القادر على المرأة من يملك زمامها، فيرى نفسه أنه الأفضل والأصوب».

وتابعت عبدالجواد: «عندما تستطيع المرأة أن تحصل على مكانة أكبر وتحقق نجاحا وتصبح قادرة على اتخاذ القرار والإنفاق فإن الرجل يشعر بعدم توازن فى العلاقة، ومن هنا تتولد الغيرة، خصوصا عندما يشعر بأن الزوجة يمكنها أن تنتزع منه المكانة من داخل الأسرة، فيحدث نوع من الصدام».

حسب عبدالجواد فإن بعض الرجال فى مجتمعاتنا يريدون مكانة مرموقة «مجانا» بسبب الثقافة السائدة التى تعطيه الحق فى التحكم وتولد شعورا بالدونية للمرأة.

واستكملت: عندما تحقق المرأة نجاحا ويبدأ فى الرد بالعنف، فالرجل يجد مبررا اجتماعيا لقهرها فى صراع على مكانات، بعض الرجال يشعرون بأن نجاح المرأة يبعدهم عن المكانة التى يتربعون عليها.

وعن اتهام بعض الرجال لبعض النساء بأن زيادة نجاحها تترجمه هى إلى زيادة نفوذ ما يدفع ببعضهن للتعالى، ردت عبدالجواد: أصحاب هذه الخطابات يبررون لأنفسهم الممارسات الذكورية وأساليب السيطرة على المرأة الناجحة. 

من جانبه قال د. مدحت عبدالهادى استشارى العلاقات الأسرية والزوجية، إن وجود امرأة تتعالى على زوجها بعد نجاحها، أو رجل يغير من زوجته بسبب نجاحها نموذجان موجودان، فأحيانا بعض السيدات عندما تحقق ذاتها فى عملها ويكون لها دخل ثابت يشتد عودها، وتشعر بالاستقلالية الزائدة، وتشعر وكأنها من الممكن أن تنفرد بقراراتها وبحياتها وأنها ليست فى احتياج نهائيا للرجل. ويكمل: هذا النوع موجود بالفعل، لكن هذا لا يعنى أن مفهومه عن الحياة الزوجية صحيح، فالحياة لا تستقيم نهائيا بالمال أو المادة فقط.

وتابع عبدالهادى: هناك نوعية أخرى من السيدات التى تنجح بالفعل فى عملها لأنها تستحق النجاح، وتساعد فى مصروفات المنزل، وتتعامل مع زوجها بطريقة مناسبة ولائقة به، لكن الزوج هو من يبدأ فى التقليل من شأنها ومن طموحها ومن إنجازاتها، خوفًا من نجاحها وأنصح هؤلاء السيدات بضرورة تفادى الصدام مع زوجها، فـ«الزوجة الشاطرة» تعى جيدا أن نجاحها وتفوقها على شريك حياتها يسير عكس التكوين الخاص بالرجل الشرقى، لذلك يجب أن تتفادى الصدام من الأساس ولا تحاول أن تتجاهل تلك المفاهيم أو تغض النظر عنها، فالرجل الشرقى هو المسئول عن البيت، وهذه ثقافة لا يمكن إنكارها، حتى بين الأب ونجلته، فالأب يريد دوما أن يشعر أن ابنته فى حاجة إليه باستمرار.

وتابع عبدالهادى: «السيدة الناجحة فى مثل هذه الحالات لا بد أن تشعر زوجها بقيمته وأنها لا تستطيع الاستغناء عنه،يعنى عليها أن تحافظ على نجاحها بطريقة سلسة».

فالزوج والزوجة شركاء فى بيت واحد، وعلى الزوجة أن تحتوى الزوج، فـ«الاحتواء» «كلمة السر» فى تفاديها الصدامات.

يكمل: الاحتواء هنا ليس ضعفا إنما يؤكد شخصية امرأة  ناجحة وذكية.

وعن تمادى بعض الأزواج فى غيرتهم من نجاح الزوجة ومحاولة تعطيلها رغم محاولاتها فى الاحتواء وتجنب الصدام، يجيب عبدالهادى: «هذا النوع هو الآخر موجود، ولكن هذا يعود بنا إلى النقطة الأولى وهى «الاختيار» من الأساس، علينا أن ندقق ونحسن الاختيار».

لابد من اختيار شريك حياة مناسب مع تكوينها وطموحها، خصوصا أن معرفة التناسق بين المقبلين على الزواج أصبح متاحا الآن من خلال الاختبارات النفسية السلوكية قبل الزواج، فهى تكشف وتوضح كل شىء، وفرضا إذا لم تتوصل الفتاة لهذه الجزئية فى شريك حياتها وتزوجت وكونا أسرة فليس عليها إلا «الإصلاح»، بالتعامل لأن الطلاق ليس الحل الأمثل دائمًا أو لا يجب أن يكون الاختيار الأول فجميع المشاكل لها حلول.

وعن اتهام المرأة الناجحة دوما بالافتراء والقوة، فترى د.إيمان سرور استشارى الصحة النفسية، أن المرأة الناجحة ليست دائمًا «مفترية»، فالنجاح الذى تحققه المرأة العاملة دفعت ثمنه من حياتها، ومن غير المقبول المقارنة بين سيدة متفرغة للبيت والأسرة، وسيدة أخرى عاملة ناجحة فى حياتها الأسرية والعملية على حد سواء، «فالمرأة العاملة تفرض عليها ظروف نجاحها أن تكون دائما قوية ولديها شخصية واستعداد، وهى لاتعرف تضييع الوقت أو الاستسلام، فهى مطالبة طوال الوقت بمواجهة التحديات والصعوبات لذلك غالبا ما لا يكون أمامها طريق القوة، ووقتها من ذهب، فهى تقوم بمهام وأعباء اكثر من الرجل، لذلك قوة الشخصية لايجب أبدًا تفسيرها بأنها «افتراء».

وتابعت سرور: الرجل الناجح ناجح فى عمله فقط، وعطاؤه لأسرته وأولاده ليس مثل الزوجة العاملة الناجحة.

وعن اتهام البعض للمرأة باستقوائها بعد نجاحها، فقالت سرور: الافتراء الذى يحدث بعد تحقيق نجاح العمل غير مرتبط بالنوع بالشخصية نفسها، فهناك رجال يتغيرون عقب النجاح حتى ولو كان بسيطا، ويرون نفسهم أعلى من الزوجة التى يرون أنها لم تعد مناسبة.

وقالت سرور: ليس بالضرورة أن تحدث الغيرة بسبب العمل فهناك ربة منزل لا تعمل وزوجها يغير منها، وقد يرجع ذلك إلى انها قد تكون أقوى منه فى تكوين العلاقات الاجتماعية، فبالتالى تبدأ الغيرة.

يكمل: أحيانا يكون كلاهما فى نفس المستوى من النجاح، لكن الزوج يغير بسبب ميزات أخرى فى زوجته وخصوصا إن كانا يعملان فى نفس المهنة، كأن تكون الزوجة محبوبة بصورة أكثر من زملائها بالعمل ويمكن أن تتفادى هى هذه الغيرة من خلال إشراك الزوج فى حياتها العملية دون أن يتسبب فى تهميشها.

أحيانًا - حسب سرور - تكون الزوجات سببًا فى زيادة الغيرة عند زوجها سواء بقصد أو دون قصد، فمثلا نجد أنها تسعى إلى أن تأخذ الكادر كاملا أثناء تواجدهما فى مكان، فيكون رد فعله تعمد إحراجها أو التقليل منها أمام الآخرين، لذلك أؤكد على أن سيطرة المرأة الناجحة على غيرة الرجل تعتمد على ذكائها.

سألنا د.وليد هندى استشارى الصحة النفسية فقال: «تفادى دوافع السلوك مهم وهناك روشته تمكن الزوجة من التغلب على الغيرة بالتجاهل وأن تتعلم أن تقفز فوق مستوى الحدث، فهناك مواقف يجب أن تصطنع فيها المرأة عدم الرؤية أو عدم السمع هذه مهارة مهمة.

يضيف: على المرأة أن تعمل على تعزيز ثقة الرجل بنفسه بالإشادة به وبمجهوده واتباع سياسة الإلهاء بإيجاد مواقف ناشئة يستطيع من خلالها أن يحقق فيها نجاحات حتى لو كانت بسيطة وتسليط الضوء عليه والإشادة به.

حسب هندى قد تأخذ الغيرة أشكالا أخرى مثل أحلام السيطرة على أموال الزوجة أو إدخالها فى ديون أو أقساط أو تحميلها مصروفات الأولاد، أو استخدام العنف أو الاستهزاء أو محاولات التحقير من شأنها التقليل من نجاحها وإنجازاتها.

كل هذا ناتج عن ضعف ثقة الرجل ونظرته نحو ذاته أو عدم شعور الرجل بالكفاءة النفسية حتى ولو كان تعليمه وظروفه المادية أعلى من زوجته الناجحة. من أسباب الغيرة أنماط التنشئة أو التكوين الاجتماعى، فإذا تربى الرجل فى بيئة بها سيدات ناجحات وحصلن على مركز مرموق فى العائلة لم يحصل هو عليها فيبدأ فى التقليل من شأن المرأة ويسقط فيها جميع المشاعر السلبية التى عاشها، مشيرا إلى أن هناك أيضا ضمن الأسباب التغيير فى كيمياء أجسامهم لتفوق أى شخص عليهم دائما إضافة إلى أن الموروث الثقافى يلعب دورًا كبيرًا، فهناك من يرى أن المرأة هى الكائن الأضعف.

ويجدد هندى التحذير من مغالاة المرأة الناجحة فى استعراض نجاحها وإمكانياها أمام الآخرين مشيرا إلى أن هناك سيدات يتصفن بالنرجسية، كما أن عدم فصل الزوجة بين دورها كعاملة وكزوجة ومحاولتها فرض شخصيتها على الرجل يجعلها محل غيرة منه، فيجب على المرأة الناجحة فى عملها كما تبحث عن طرق نجاح العمل أن تبحث أيضا عن أسباب نجاح الأسرة.