الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

استراتيچية وطنية للحفاظ على التوازن البيئى

مصــر تقــود مســيرة إنقـاذ الأرض

تحتضن مصر فى 2022 النسخة الـ 27 من قمة المناخ برعاية الأمم المتحدة ، ويقام المؤتمر سنوياً بحضور 197 دولة لمناقشة تغير المناخ وجهود الدول المختلفة لمحاربة هذا التغيير ، حيث عقد المؤتمر لأول مرة فى في عام  1994 وتزايدت مؤخرًا تهديدات التغَيُّرات المناخية للكرة الأرضية وبشكل أصبح أكثر خطورة من أى وقت مضى، وامتد هذا التهديد ليشمل الأرض والماء والهواء، وكل مقومات الحياة على سطح الأرض، بتقلبات جوية شديدة التعقيد، ما بين ارتفاع شديد أو انخفاض حاد فى درجات حرارة الجو، والقضاء على مساحات واسعة من الأخضر واليابس، وغرق آلاف الأفدنة من الأراضى.



ولم تكن مصر بمنأى عن تلك التحديات، فبلغت الحرارة فى بعض أيام صيف 2021(45) درجة مئوية، وأولت الدولة اهتمامًا كبيرًا بهذه القضية.

وكان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، قد أعلن عن أهداف الاستراتيچية الوطنية للتغيرات المناخية، والتصدى لآثار تغير المناخ لتحقيق النمو الاقتصادى، والحفاظ على التوازن البيئى، وتعظيم كفاءة الطاقة النظيفة فى مختلف القطاعات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وتخفيف حدة الآثار السلبية الناتجة عن تلك الظاهرة، والحفاظ على المساحات الخضراء؛ للحد من مَخاطر تأثيرات تغير المناخ، وتحقيق استدامة التنمية، وحماية الموارد، من خلال استخدام الطاقة البديلة المتجددة.

وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، على أن مصر تنتهج دائمًا طريق التنسيق والعمل المشترك، وجميع دول العالم وافقت بصورة مبدئية على الانضمام إلى المبادرة القبرصية، التى تستهدف تنسيق عمل المناخ المشترك فى منطقتَىْ الشرق الأوسط وحوض المتوسط، وصولًا إلى تدشين منظمة إقليمية مَعنية بتغير المناخ، تضم عددًا من دول المنطقة المتشابهة فى التحديات البيئية الناجمة عن ظاهرة تغير المناخ.

وأدرجت الحكومة قضية التغَيُّر المناخى وجهود احتوائه على أچندة وزارات البيئة والتعليم، والنقل، والصناعة، والتعاون الدولى؛ لدعم مفهوم «الموازنة الخضراء».

مبادرات مصرية

عملت مصر على تلك الأزمة مبكرًا، واتضح ذلك من خلال الخطاب الذى ألقاه الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى قمة المناخ بباريس عام 2015؛ حيث سلط الضوءَ على تداعيات ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف مئوية، مطالبًا باتفاق واضح فيما يتعلق بمكافحة التغَيُّر المناخى، مع تأكيد ضرورة التوصل لاتفاق دولى يضمن تحقيق هدف عالمى يحد من الانبعاثات الضارة.

وعلى مدار السنوات السبع الماضية، واصلت مصرُ جهودَها لمكافحة التغَيُّر المناخى، من خلال تشكيل المجلس الوطنى للتغيرات المناخية، والذى يهدف إلى رسم السياسات العامة للدولة، وتحديث الاستراتيچيات وفقًا للاتفاقيات الدولية، ربط الخطط الوطنية للمناهج بالتنمية المستدامة، والقيام بدمج البعد البيئى فى قطاعات التنمية؛ من خلال تعزيز التواصُل والتنسيق بين جميع الوزارات والهيئات، باعتبار أن التنمية المستدامة هى محصلة التقدم، ومن الصعب إغفال البعد البيئى، ومعالجة التأثيرات السلبية الناتجة عن النشاطات الاقتصادية، والتى تلقى بظلالها على البيئة والتنوع الإيكولوچى.

وكثفت وزارة البيئة جهودَها على مدار السنوات الماضية، بالتعاون مع جميع الوزارات المَعنية من أجل مكافحة التغَيُّر المناخى، من خلال المبادرات والبرامج والسياسات، ومنها التعاون مع وزارتَىْ المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية؛ لإصدار الطرح الأول للسندات الخضراء لعام 2030 بقيمة 750 مليون دولار؛ لتنفيذ مشروعات بيئية فى مجالات النقل والإسكان والطاقة المتجددة ومنظومة المخلفات الصلبة، والتكيف مع آثار التغَيُّر المناخى على المستوى الوطنى.

كما تم إصدار القانون رقم 202 لسنة 2020، بشأن تنظيم إدارة المخلفات، وقرار مجلس الوزراء رقم 41 لسنة 2019، بشأن تحديد قيمة التعريفة للكهرباء المتولدة من المخلفات، وتوقيع ميثاق إعادة تدوير البلاستيك، مع كبرى الشركات العاملة بمصر، من منطلق المسئولية الممتدة للمنتج، والتخلص الآمن من المنتجات البلاستيكية، وافتتاح أول وحدة للتحول الأخضر بالجامعات المصرية، بكلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، ومشروع جفور لإعادة تدوير المخلفات بالجامعة، وإطلاق العديد من الحملات التوعوية.

جنون كربونى

ويرى الدكتور محمود شاهين، مدير وحدة التنبؤات بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن الدراسات المناخية وقواعد البيانات التى تم رصدها من خلال 30 محطة تابعة للهيئة، تشير إلى تأثر مصر بالتغَيُّرات المناخية بشكل لم يعهده تاريخ الأحوال الجوية منذ عام 1829، وتم رصد ذلك عبر الفصول المناخية المختلفة فى السنوات الأخيرة.

وأضاف: إن شتاء 2020 شهد انخفاض الحرارة إلى 8 و9 درجات مئوية عن المعدلات الطبيعية فى الأعوام السابقة، وأمطارًا غزيرة تسببت فى العديد من الأزمات، منها غلق الطرُق، والصرف الصحى، والسيول فى عدد من المناطق المختلفة، وفضلاً على الأمطار الثلجية التى شهدتها مصرُ فى الوجه البحرى والقاهرة والسواحل الشمالية ووسط سيناء خلال فصل الخريف.

واعتبر الدكتور علاء النهرى، نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، أن من الطبيعى أن تتأثر مصر بالتغَيُّرات المناخية، والتى من أهمها ارتفاع درجات الحرارة، الناتجة عن استخدام الدول الصناعية الكبرى «للوقود الأحفورى» وهو الفحم والبترول والغاز، الذى يساعد فى تصاعُد الغازات الدفيئة مثل غاز ثانى أكسيد الكربون،  وأكسيد النيتروس، والهيدروكلوريك كاربون، وتتصاعد خارج الغلاف الجوى مما يساعد على احتفاظ الأرض بالحرارة ومن ثم حدوث «الاحتباس الحرارى».

وتابع «النهرى»: إن مصر من أكثر الدول اهتمامًا بالتغَيُّرات المناخية، واستخدام الطاقة النظيفة. مشيرًا إلى وجود محطات إنتاج الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح المولدة للكهرباء بنسبة تصل إلى 9 %. مشيدًا بما يقدمه الرئيس «السيسى» فى هذا المجال باعتباره أول رئيس مصرى يشارك فى 6 اجتماعات على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

وأوضح الدكتور مصطفى حسين، وزير البيئة الأسبق، ورئيس مركز بازل الإقليمى، أن هناك حركة ذوبان سريعة للجليد فى القطبين المتجمدين، تنذر بخطر كبير لما تحدثه من فيضانات، وتهديد وجود البطاريق والدببة القطبية؛ نتيجة لتقلص الجليد البحرى عند انكساره، مما يضطر هذه الحيوانات إلى السير لمسافات بعيدة بحثًا عن طعامها، الأمر الذى سيؤدى فى نهاية القرن إلى انقراضها .

فيما شدد الدكتور مجدى علام، رئيس الاتحاد الدولى لخبراء البيئة العرب، على أنه لا بديل للبشر عن توقف حرق وقود الفحم والبترول، واللجوء إلى الطاقة الشمسية والرياح والمياه، قائلاً هو الحل الوحيد من أجل خفض هذه الانبعاثات؛ للقضاء على ظاهرة الاحتباس الحرارى، حتى لا يدفع البشر ثمَن هذا «الجنون الكربونى», كما يسميه.