الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الغفلة وحرارة الكوكب

الغفلة وحرارة الكوكب

ربما لا تغير «قمة المناخ» قرار الجن بأن يفتح الثلاجة ويسرق اللحمة أو يمد يده على كردان الحاجة. وربما أيضاً لن تلتفت لإذا ما كانت الاستعانة بالموسيقى فى الإعلانات حلالاً أم حراماً. وقد لا يؤثر القول الفصل للعلماء فى حكم خروج المرأة الوزيرة من منزلها للذهاب إلى وزارتها لتدير شئون البلاد والعباد دون إذن زوجها من مصير العالم. لكنها «قمة المناخ» ستغير حياة مليارات البشر وقراراتهم.



ستكون السيارات كلها  كهربائية وستراعى الطاقة البيئة أكثر وستكون المنازل كلها صديقة لها وسيضاف بند إلى ميزانيات البشر خاص بالتكلفة المضافة لانبعاثات الكربون. 

نحن فى عالمنا الخاص بنا وكوكبنا المتفرد بأولوياتنا ومعاركنا التى تستهلك طاقتنا وتستنفد قوتنا فى مكان آخر. تقول للأب أن ابنه يشتم بأقبح الألفاظ ويشرب سجائر فى بئر السلم ويتحرش بفتيات الشارع، فيباغتك بالقول: «ابنى ما بيفوتش فرض، وهذا هو المهم»! يتحدث إبراهيم عيسى عن التعليم الجامعى وأولوياته الهزلية ومحتواه الذى لا يليق ببلد يريد أن ينهض ويذكر على سبيل المثال قراءة صيدلى للقرآن وابتعاده عن القراءات العلمية والبحثية، فيتحول عيسى بين يوم وليلة إلى كاره للدين محارب للمتدينين.

حتى النقلة العظيمة التى حدثت على مستوى البنية التحتية من طرق وكبارى ومحاور، وهى نقلة لم تحدث منذ عشرات، وربما مئات السنوات، تجد الحوار محتدماً حول إذا ما كان بناء محور أهم أم إطعام السبعة عيال الذى قرر فلان أن ينجبهم وهو غير قادر على إطعام نفسه أهم. 

المهم هو أن العالم الآخر فى حالة هلع بالمعنى الحرفى للكلمة لا من سرقات الجن لمحتويات الثلاجة أو غضب الزوج على زوجته التى تصرف عليه وعلى أبنائه وأمه لأنه مرابط فى المقهى ويعيش فى وهم دخول مشروع دائماً ينتهى بفشل ذريع وإفلاس رهيب، وذلك لأنها لم تأخذ إذنه قبل أن تذهب لعملها، ولكن لأن درجات حرارة الكوكب تهددنا جميعاً. «جميعاً» بمعنى أن التهديد يطال الباحثين عن حلول بيئية والغارقين حتى الثمالة فى قضايا هزلية. الأكثر هزلاً من ذلك أن حرارة الكوكب وقضايا البيئة والمناخ تمثل تهديداً أكبر لنا من غيرنا، رغم أن غيرنا هم الأكثر تسبباً لها. ليس هذا عدلاً؟ بالطبع، لكم من قال أن الدنيا عادلة؟ ولأنها ليست عادلة، فالواجب هو التذكرة الدائمة ومحاولة إيقاظ من يغطون فى نوم عميق وغيبوبة شبه كاملة. 

فآثار تغير المناخ لم يسبق لها مثيل  بدءاً من تغير أنماط الطقس المهددة للإنتاج الغذائي، إلى ارتفاع منسوب مياه البحار الذى يلوح بأهوال  الفيضانات الكارثية وانتهاء بالكوارث المفجعة التى ستنتج فى حال تخطى معدل زيادة درجة حرارة الكوكب 1،5 درجة. هذه الآثار لن تستأذن الجن حرامى اللحمة قبل أن يفتح باب الثلاجة، أو يستفتى رأى هؤلاء، أو ترأف بحال أولئك أكثر من غيرهم قبل أن تدق رؤوس الجميع. 

غاية القول هو أنه فى حال أردنا أن نلحق بالقرن الـ20 – كخطة مبدئية ربما تساعدنا على اللحاق بالقرن الـ21- فعلينا الخروج من غفلتنا التى يصر على افتعالها بعضنا.