السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

العبور الجنسى فى «المحكمة» بين الرفض والتأييد

بوستر الفيلم
بوستر الفيلم

أثار فيلم «المحكمة» الجدل منذ بداية الإعلان عنه بسبب طبيعة القصص التى يناقشها، وبجرأة كبيرة يطرح الفيلم الذى يعرض فى السينمات يوم 24 نوفمبر الجارى، قضية «العبور الجنسى» ضمن ثمانى قصص تناقش أزمات مجتمعية حساسة أبرزها إلى جانب الأخيرة «الاغتصاب» و«التحرش».



قضية العبور أو التحول الجنسى، ليست جديدة فى الطرح على الساحة الفنية، فقد سبقها عدة تجارب متنوعة بين طريقة عرض كوميدية مثل فيلم «السادة الرجال» للنجمين محمود عبدالعزيز ومعالى زايد، تراجيدية كما طرح مسلسل «صرخة أنثى» للفنانة داليا البحيرى أو حتى على طريقة الفانتازيا مثلما حدث فى فيلم «بنات العم» للثلاثى شيكو وأحمد فهمى وهشام ماجد، كما تم عرض بعض التجارب حول العبور الجنسى فى أفلام وثائقية روت قصص أصحابها الحقيقيين.

فيلم «المحكمة» الذى يشارك فى بطولته عدد من نجوم الفن، أبرزهم غادة عادل ومحمود عبدالمغنى وفتحى عبدالوهاب ونجلاء بدر وجميلة عوض وأحمد خالد صالح، يناقش فى إحدى قصصه قضية ذكر يرغب فى التحول إلى أنثى بسبب المشاعر الأنثوية التى تسيطر عليه، إلا إنه يواجه رفضًا مجتمعيًا قويا، فتبدأ رحلته مع المعاناة بسبب ذلك.

فكرة جريئة

قال الناقد الفنى كمال رمزى فى تصريحات خاصة لـ«صباح الخير» إن تناول فكرة التحول الجنسى من شاب إلى فتاة، هى فكرة جريئة وصادمة، ولكنها ليست بجديدة على السينما سواءً المحلية أو العالمية.

تابع أنه لا يوجد فكرة من الممنوع على الفن مناقشتها، فجميع الأفكار قابلة للمناقشة والمعالجة الدرامية، موضحًا أنه على سبيل المثال فيلم «الآنسة حنفى» للفنان إسماعيل ياسين والذى عُرض عام 1954 كان من أوائل الأعمال المصرية التى طرحت هذه القضية بصورة كوميدية، وهو عمل فنى ممتاز ولا يزال يلاقى قبولًا جماهيريًا إلى الآن، لذلك فلا يوجد تحفظات على طرح أى نوع من القضايا للعرض.

أكد أن الحُكم على العمل الفنى، لا يمكن أن يحجر على مناقشة قضايا معينة أو يلغيها، ولكن المعيار السليم للحُكم يجب أن يكون على طريقة طرح القضية دراميًا وعلى الأداء التمثيلى للفنانين، مشددًا على أن فكرة التحول الجنسى فكرة واقعية ومتواجدة فى المجتمع، لذلك فإن طرحها لا يخلو من شجاعة.

أضاف الناقد الفنى كمال رمزى أن هناك فارقًا كبيرًا بين الشخص الذى يجرى جراحة للتحول الجنسى لأنه فى حاجة طبية وعضوية لهذا التحول، وبين شخص شاذ ليس لديه دافع عضوى لأنه شتان بين الحالتين، فالأول يجب طرح قضيته للنقاش والاهتمام بها، بينما الثانى يحتاج إلى تعديل سلوكى وعلاج نفسى وليس عملية تحويل جنس. الفن يتحدى

وأضاف رمزى: إن المجتمع يرفض طرح مثل هذه القضايا لأنه يعانى من مناطق قاسية ومُظلمة، ولديه تعتيم ورفض غير مبرر مبنى على أُسس غير إنسانية، وإلا لماذا قد يرفض حق أُنثى حقيقية فى العيش كما يجب لمجرد أنها وُلدت فى جسد كان أقرب للذكورة؟ مشيرًا إلى أنه يخص بالذكر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الهوية الجنسية وعدم توافق هويتهم الجنسية مع نوع الجنس المسجل لدى الولادة، ولا يتحدث مطلقًا عن أى حالة تتطلب علاجًا نفسيًا فهذا شأن آخر.

اختتم كمال رمزى تصريحاته أن الفن من شأنه نشر الوعى لإضاءة الأماكن المظلمة، التى يصر المجتمع على تجاهلها ورفضها، لافتًا إلى أن هناك العديد من الأفلام التى أثرت فى المجتمع من خلال طرح بعض القضايا، فالفن جزء من المجتمع قد يسهم فى التغيير، ولكنه غير معنى بالأمر وحده.

من ناحيتها أكدت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس لـ«صباح الخير» أن الفن دوره تهذيبى، ومن الخطأ الشديد التركيز على مثل هذه القضايا وعرضها على الملأ، لأنه لو أراد الفنانون الارتقاء بمستوى المجتمع ثقافيًا وفنيًا، فإن ذلك يتطلب التركيز على النماذج الإيجابية والجيدة، بدلًا من التعرض للسلبيات التى تلتصق بالوعى الجمعى للمجتمع ما يزيد من حالة الأمية الثقافية وتدنى الأخلاق التى أصبحت منتشرة بصورة كبيرة.

أوضحت أن الفن فى الماضى قدم نماذج عظيمة، وهو ما كان يؤثر بالإيجاب فى وعى المجتمع من ناحية الخُلُق والثقافة والتوعية، وحتى فى بناء الأسرة، لذلك فإن كثرة التركيز على القضايا الشائكة وخاصة تلك القضايا غير المنتشرة، لا يفيد المجتمع، ولكن يضره.

 

كمال رمزى
كمال رمزى

 

 

 

رفض المجتمع

قالت الدكتورة سامية خصر صالح: إن المجتمع الشرقى والمصرى، يعتبر مجتمعًا محافظًا بطبعه، وفكرة تقبل الاختلاف بصورة مرنة وواسعة لا تزال بعيدة إلى حد كبير، خاصة فى القضايا التى تخص الأمور الحساسة والتى تتعارض مع رؤية المجتمع وموروثاته.

أشارت أستاذ علم الاجتماع أن الفن المصرى كان دائمًا ما يهتم بعرض النماذج الإيجابية، وهو ما جعل لدى السينما المصرية تاريخًا غنيًا تمت كتابة مؤلفات عنه فى أوروبا وفرنسا، للإشادة بعظمته، ذاكرة أنها قرأت فى أحد الكتب الأجنبية التى ناقشت عظمة الفن المصرى، أن المجتمع المصرى يرفض عرض الموضوعات الجنسية فى الفن ويستشعر الغرابة نحوها، بينما يحب طرح القضايا التى تناسب ثقافته.

أوضحت أن كل هذه العوامل تجعل من عرض مثل هذه القضايا شيئًا غريبًا ودخيلًا على المجتمع، لأن قضية مثل التحول الجنسى تحتاج لعلاج بداخل مستشفيات متخصصة وليس حديثًا عامًا قد يؤثر بالسلب على قطاع عريض من الشباب والأطفال الذين يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع المصرى حاليًا، مشيرة إلى أن الفن دوره تهذيبى وتنويرى فى المقام الأول.