الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
زمن الخصوصية المفقودة!

عصر القلق 6

زمن الخصوصية المفقودة!

العيون الزجاجية فى الشوارع والمفارق، فى المؤسسات التجارية الكبرى، وفى المكاتب، يحركها دماغ إلكترونى مبرمج ليراقبك، ليلتقط صورتك ويحفظها، ويسجل تحركاتك وتصرفاتك. كل يوم وفى أى لحظة، تُنتهك خصوصيتك وتستباح.



مع دخول شبكة «إنترنت» إلى حياتنا، وسيطرة وسائل «التواصل الاجتماعى» علينا، تغير كل شىء، وأصبح من العسير على الإنسان أن يحافظ على خصوصيته... فالخصوصية التى كنا نتحصن بها انتهت، على رضا منا، من أجل التأكد من «سلامة الأمن القومى»، فحاولنا تحسين حياتنا باستخدام وسائل التكنولوجيا، مع الإصرار على حد أدنى من الخصوصية. 

ألكسندر دى مونتجوى، الذى صرف سنوات فى دراسة «خصوصية «إنترنت»، توصل إلى حقيقة مرعبة. قال:

«من خلال أقرب برج خليوى، يمكن تحليل قاعدة بيانات الهاتف المحمول، من الموقع الجغرافى الخاص بالمستخدم وهذه البيانات تعتبر بصمة الإصبع، وجزء من المعلومات التى يحتمل أن تكون موجودة عبر كَمٍ هائل من مجموعات البيانات».

وعند آنا جونستون، مديرة « شركة سالينجر» المتخصصة فى مجال الخصوصية، ما تزيده:

«أنت تنتقل من منزلك إلى مكان عملك، وتعود منه إلى منزلك، بشكل روتينى، ولكن هذا يكشف الكثير عنك وعن بيتك، وعملك من خلال البيانات التى تتجمع عنك». 

وتستدرك موضحة: «حتى إذا لم تكشف بيانات الموقع عن هوية أحد الأفراد، فلا يزال بإمكانها تعريض مجموعات من الأشخاص للخطر. على سبيل المثال، ما حدث عندما أصبحت خريطة عامة صادرة عن تطبيق اللياقة البدنية «سترافا» Strava عن غير قصد خطرًا على الأمن القومى، حيث كشفت عن موقع وتحركات الأشخاص فى قواعد عسكرية سرية.

ويمضى ألكسندر دى مونتجوى فى إدهاشنا، من خلال اختبار قام به، فقد تمكن من التعرف على 94 % من الأشخاص من خلال النظر إلى ثلاث عمليات شراء فقط. وكان له ذلك بالتعرف على مالكى «بطاقات ائتمان» من بين ملايين الرسوم مجهولة المصدر، وتمكن من الوقوف على بعض مشتريات هؤلاء الأشخاص، بعد حصوله على أسماء ومواقع المحلات التجارية التى تمت فيها عمليات الشراء، والتواريخ التقريبية، والمبالغ التى أُنفقت. 

ويقوم المعلنون باقتفاء أثر عادات استخدامك «إنترنت» فى كل الأجهزة الخاصة بك، من هاتف، و«جهاز لوحى» Tablet، وكمبيوتر شخصى، للوقوف على تحركاتك: أين تذهب فى العادة، وأين تتسوق، وأى نوع من المواقع الإلكترونية تزور. وهناك جدل كبير حول ما ينبغى أن يُسمح لشركات الإنترنت بتتبعه وبيعه لطرف ثالث من معلومات شخصية عنك.

إننا نعيش عصر المراقبة والتتبع وعصر اختراقات الأمن الإلكترونى والخدمات الرقمية التى تجعل معلوماتك المصرفية وعناوينك مكشوفة ومستباحة، ومن الصعب للغاية أن تكون عصيا على المراقبة هذه الأيام.