الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قمة التعاون الثلاثى تأكيد جديد على مكانة القاهرة ودورها فى شرق المتوسط والشرق الأوسط

مصــر محـــور الإقلــــيم

ساعات قليلة قضاها الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعاصمة اليونانية أثينا، لكنها كانت كاشفة لمكانة مصر فى الإقليم وكافية للتأكيد على دور مصرى محورى فى جميع قضايا المنطقة. الرئيس، وضمن نشاطه الأسبوع الماضى، كان حاضرا للاجتماع التاسع لقمة آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص، لكن رسائل القمة كانت أشمل وأعم، فلم تترك قضية فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط إلا وتطرقت لها، وكانت نقطة انطلاق جديدة للعلاقات الثلاثية فى جميع المجالات وصولا إلى دور مصرى مرتقب فى شرق ووسط أوروبا.



واستهل الرئيس الزيارة باللقاء مع كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان، حيث تباحثا حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، لاسيما الدعم المتبادل داخل المنظمات الإقليمية والدولية على النحو الذى يعكس قوة ومتانة العلاقات الثنائية المتميزة بينهما، بالإضافة إلى التعاون للتغلب على تداعيات جائحة كورونا، فضلاً عن تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتطوير التعاون فى قطاعات السياحة والزراعة والاستزراع السمكى، إلى جانب مواصلة التعاون والتنسيق فى مجال الطاقة والغاز الطبيعى، خاصة ما يخص منتدى غاز شرق المتوسط.

وتناول اللقاء عدداً من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها جهود مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، ومستجدات الأزمات القائمة فى المنطقة، خاصةً ما يتعلق بالأزمة الليبية، بالإضافة إلى مساعى إحياء عملية السلام بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى، فضلاً عن تطورات قضية سد النهضة.

اللقاء الثانى للرئيس السيسى كان مع الرئيس القبرصى نيكوس أنستاسيادس حيث تناولا بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما فى ظل نتائج الزيارة الأخيرة للرئيس القبرصى للقاهرة فى سبتمبر 2021، بما يعكس مدى تميز تلك العلاقات ذات الطابع الاستراتيجى، حيث أكد الجانبان أهمية متابعة نتائج اللجنة العليا المشتركة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلالها، عن طريق آلية للمتابعة والتقييم على مستوى الوزراء والخبراء المعنيين بالتعاون فى القطاعات المختلفة، خاصةً فى مجال الطاقة، والربط الكهربائى، مع التوافق بشأن أهمية إزالة أية عقبات تواجه الإسراع فى خطوات تنفيذ مشروع خط الأنابيب الذى سيربط حقل «أفروديت» القبرصى بمحطات الإسالة المصرية تمهيداً للتصدير للأسواق الأوروبية.

 

 

وتطرق اللقاء كذلك إلى آخر التطورات على الصعيد الإقليمى وجهود التوصل لتسوية سياسية للأزمات التى تعانى منها بعض دول المنطقة، خاصةً مستجدات الأزمة الليبية وقضية سد النهضة، وتطورات القضية القبرصية، والأوضاع فى منطقة شرق المتوسط.

القمة الثلاثية

ثم عقدت قمة آلية التعاون الثلاثى بين الرئيس عبد الفتاح السيسى، ونيكوس أناستاسيادس رئيس قبرص، وكيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان، حيث تم التأكيد على نجاح آلية التعاون الثلاثى فى تكريس التشاور الدورى والتنسيق الوثيق حول الملفات الإقليمية والدولية التى تؤثر على جميع شعوب المنطقة، كما عكست كذلك التزاماً متبادلاً بترجمة التوافق السياسى إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع فى مختلف القطاعات.

وثمن الرئيس السيسى التقدم المحرز فى إطار آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص، مؤكداً أهمية الانطلاق بالآلية إلى آفاق أرحب وبما يعكس الاهتمام بتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات والموارد التى تؤهل الدول الثلاث نحو تلبية تطلعات شعوبها فى المزيد من الرفاهية والرخاء.

كما تناول الزعماء الثلاثة المشروعات القائمة والمقترحة للتعاون فى قطاعات الطاقة، الغاز، الكهرباء، والسياحة والنقل والزراعة وغيرها، مع التأكيد على وجود آفاق واعدة لتعزيز روابط التعاون بين الدول الثلاث فى عدد آخر من القطاعات الحيوية كالبيئة ومواجهة ظاهرة التغير المناخى.

القمة تطرقت أيضا إلى جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب والفكر المتطرف، حيث أكد الزعماء الثلاثة أهمية مواصلة الجهود المبذولة نحو تحقيق المزيد من التعاون والتنسيق فيما بينهم.

كما تم التباحث حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلبه تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة دول المنطقة وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، فضلاً عن مراعاة مقتضيات الأمن البحرى لكل دولة كونه جزءاً من الأمن الإقليمى. كما تم التأكيد على أهمية التبادل الدورى والمنتظم للرأى والتنسيق الوثيق للمواقف إزاء عدد من القضايا التى ترتبط باستقرار المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبى والوضع فى سوريا وسبل دعم لبنان.

كما تم استعراض التطورات المتعلقة بسد النهضة حيث شدد الرئيس على ما توليه مصر من أولوية قصوى لمسألة الأمن المائى وحقوق مصر فى مياه نهر النيل، باعتبارها قضية مصيرية تستوجب بذل جميع الجهود الممكنة للتوصل لاتفاق قانونى مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

كلمة الرئيس

وألقى الرئيس كلمة خلال المؤتمر الصحفى الذى أعقب القمة أشاد فيها بالتطور النوعى فى العلاقات الثلاثية الذى تمثل فى التوقيع على اتفاق ثلاثى مهم فى مجال الربط الكهربائى، وهو ما يُعد خطوةً تمهيدية تقربنا من الهدف المشترك الذى تطمح إليه دولنا الثلاث؛ ألا وهو الربط الكهربائى مستقبلاً مع بقية أرجاء القارة الأوروبية.

مؤكدا بذل الجهد والزخم فيما يتعلق بمسعى إنشاء خط أنابيب بحرى لنقل الغاز الطبيعى من حقل «أفروديت» القبرصى إلى محطتيّ الإسالة المصريتيّن بدمياط وادكو، تمهيداً لتوريد الغاز المُسال من مصر إلى اليونان ومنها لاحقاً إلى كثير من دول شرق المتوسط، وربما كذلك لدول غرب البلقان ووسط أوروبا، الأمر الذى يتسق مع الطموحات الكبيرة التى ولدت مع تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط وبما يحترم سيادة الدول على أقاليمها ومواردها.

وجدد الرئيس الدعم المصرى لمساعى جمهورية قبرص، وجميع الأطراف الدولية المعنية من أجل إيجاد حل شامل وعادل للقضية القبرصية استناداً لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن، ومؤكدا فى شأن آخر على ضرورة عقد الانتخابات الليبية المقررة فى ديسمبر 2021، وحتمية خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، تنفيذاً للمقررات الدولية، وبما يعيد لليبيا سيادتها ووحدتها ويحفظ سلامة أراضيها ويرسخ قرارها بيد أبنائها.

وبخصوص القضية الفلسطينية؛ قال الرئيس: لا يخفى على أحد أنها لا تزال لُب الصراع فى الشرق الأوسط، على نحو ما تجلى إبان جولة التصعيد الأخيرة بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى؛ وهو التصعيد الذى حرصنا على احتوائه وإيقافه انطلاقاً من مصير مصر ومسئوليتها التاريخية فى الدفع نحو إيجاد حل عادل وشامل للصراع على أساس حل الدولتين، وتمكين الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وفى الشأن السورى قال الرئيس: جددنا دعمنا لجهود المبعوث الأممى بغية التوصل لتسوية سلمية على أساس قرارات مجلس الأمن، والتأكيد على اتساق مواقف دولنا الثلاث من حيث التمسك بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضى السورية وسلامتها الإقليمية، ورفض محاولات بعض الأطراف الإقليمية لفرض الأمر الواقع عبر انتهاك السيادة السورية ومحاولة إجراء تغييرات ديموغرافية قسرية فى بعض مناطق البلاد. كما شددنا على أهمية مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية، وضرورة التصدى لها لكى يستعيد الشعب السورى أمنه واستقراره.

وأشار الرئيس إلى ما تمثله ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف من خطر بسبب التأثير السلبى لمناخ عدم الاستقرار والفوضى على تعطيل جهد الشعوب للحاق بركب التقدم والتنمية، وتوليد أزمات عابرة للحدود مثل ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما يرتبط بها من أنشطة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.

وتطرق الرئيس للمنظور الشامل الذى تتبناه مصر فى مقاربتها لأبعاد قضايا حقوق الإنسان؛ بما فى ذلك ضرورة مراعاة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتركيز على تحقيق نقلة نوعية فى جودة حياة الإنسان وتمكين الدول من توفير المناخ الآمن والمستقر الذى يمارس فيه المواطن جميع حقوقه المقررة بالدستور والقانون، مع ضرورة احترام خصوصية المجتمعات والشعوب.