الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بعـد الجـواز لا كرامة ولا شغل ولا صديقات.. وبيتها أولى بيها

.. وقالك مافيش؟!

ريشة: بهاء خاطر
ريشة: بهاء خاطر

«مفيش كرامة بين السِّت وجُوزها».. عبارة مستفزة تتردد كثيرًا فى أى خلاف زوجى؛ خصوصًا إذا كان الرجل هو المخطئ، لتنتهى القصة باقتضاب دون تمييز أو محاولة للفهم وحل الخلاف أيًا كان الطرف المخطئ؛ حيث الاعتذار هو السلوك الراقى المفترَض فى التعبير عن الأسف وتدارُك الخطأ لتجنّبه بدلًا من المكابرة والعناد.



ومن تمويع لمفهوم الكرامة بين الزوجين إلى محاولة فرض سيطرة ذكورية غير مبررة على الزوجة يبدأ الرجل بمحاولات جس النبض لفصلها تدريجيًا عن العالم المحيط من أصدقاء وعمل ليصل الأمر أحيانًا إلى محاولة إبعادها عن الأهل بدعوى أنها الآن زوجة مسؤلة عن بيت وأسرة وأولادها أولى باهتمامها ورعايتها .

دكتورة هنا محمود؛ إخصائية علاج طبيعى، تحكى عن أزمتها فى ظل الضغوط التى أصبحت تواجه معظم الأسر بما يضطر الزوجة للعمل أحيانًا فوق طاقتها لكى توفى بالتزاماتها وتحمل التزامات من المفترض أنها مسئولية الطرف الآخر، ورُغم ذلك يحاول الرجل السطو على كرامتها ليعتبرها هى وكرامتها وكل ما يخصها مِلْكًا له ليفعل بها ما يشاء!.

 فتقول: متطلبات الحياة صعبة وفى حاجة لتكاتف الزوجين، وكثير من الزوجات ليس لديهن مشكلة فى أن يفنين أنفسهن من أجل بيوتهن وأبنائهن، ولكن يجب أن تكون هناك شحنة دعم نفسى لتستطيع الزوجة أن تستمر فى هذا العطاء المضاعف.

تقول: هذه الشحنة التى تحتاجها نفسية فى المقام الأول إمّا بالكلمة الطيبة أو الابتسامة والحنو عليها. تضيف: هذا القليل هو ما تريده المرأة لكى تستمر وتشعر أنها إنسانة لها إحساس يقدره من تقوم على رعايتهم، فغالبًا ما لا يكون لدى المرأة مزيد من طاقة لتحمل أعباء رفاهية الرجل ومشكلاته النفسية وممارسته طقوسه الرجولية عليها بلا سبب فيضع قواعد وحدودًا لا لشىء إلا للتضييق وممارسته رُغم حُسن أخلاقها وسيرتها فيمنعها عن أهلها أو صديقاتها أو الخروج معهم ليشعر فقط أنه الرجل وصاحب الأمر والنهى.

تقول: لا أنسى فى إحدى مرّات خلافى مع زوجى وتطاوله علىَّ وتصميمى على الذهاب لأهلى لرفضى هذه المعاملة جاءت والدته لتهدّئَ الأمورَ بيننا وتنصحنى بأنه لا كرامة بين المرأة وزوجها وأننى بذلك أسمح للشيطان بدخول حياتنا، فتعجبت من حديثها بالسكوت بدلاً من حساب الطرف المخطئ و تهذيب ابنها، وإذا كنت سأفتح باب الشيطان عندما أطلب المشورة والسَّنَد من أهلى فأين كان الشيطان وابنها يقوم بإهانتى!

الرجل سيد امرأته

ويعترض سامى عبدالرحيم «مُدرس» على مناقشة مثل هذه الأمور باعتبارها تفتح عيون الزوجات؛ خصوصًا أن الزواج فى رأيه قائم على طاعة الزوج فى كل شىء إلا ما يغضب الله. ويكمل قائلاً: «تعلمنا من آبائنا وأمهاتنا الحياة الزوجية الصحيحة، والدليل أنه لم تكن هناك نسب الطلاق الموجودة الآن مع انتشار مفاهيم ندية المرأة للرجل وغيرها من المفاهيم التى هدمت الأسرة، فأمهاتنا كن لا يستطعن رفع أعينهن فى أزواجهن ولا الاعتراض ولا حتى المناقشة لذلك كانت الحياة دون معوقات.

 بسؤاله عن موقف الزوجة إذا تعرضت لإهانة زوجها قال سامى: «عادى، يعنى الكلمة مش هتموّتها، وأكيد الزوج كان متعصب أو مضغوط ولازم تستحمله». وبعكس السؤال إذا تطاولت الزوجة على زوجها لأى سبب رد قائلاً: «حقه يربيها طبعًا»!

بين مؤيّد ومُعارض لترسيخ مبدأ الاحترام بين الزوجين، الذى لا يعنى كما يفهمه البعض خطأ أنه يجعل المرأة فى ندّيّة مع الرجل أو يجعل التعامل بين الزوجين رسميًا «بالشوكة والسكينة»؛ إنما الكرامة التى تعنى الاحترام القائم على تقدير كل طرف للآخر والكرامة التى تحفظ لكل منهما إنسانيته.

نصائح للقهر

الدكتور عبدالعزيز آدم، إخصائى علم النفس السلوكى وعضو الاتحاد العالمى للصحة النفسية، أكد أن العلاقة الزوجية يجب أن تبنى على أساس سليم قَبل الزواج من خلال توعية المقبلين على الزواج بمفاهيم وأسُس الزواج المتزن والسّوى.

فمثلا فيما يتعلق بقضية عمل الزوجة أو رفضه لا بُدّ من الاتفاق عليه قبل الزواج ما دام العمل شريفًا ولا يتعارَض مع بيتها وحياتها الأسرية.

أمّا الإخلال بما تم الاتفاق عليه فترة الخطوبة كإكمال الزوجة لتعليمها أو استمرارها بالعمل وتحقيق ذاتها وطموحها أو قطع علاقتها بصديقاتها والمحيطين بدعوى حمايتها مثلاً؛ فالرجل الذى يمارس كل تلك الأفعال شخصية سيكوباتية تصر على إلغاء شخصية الطرف الآخر.

يكمل: «الزوج الذى يرفض أن يكون لزوجته كيان وظيفى مستقل ويتخذ هذه الأمور كنوع من التسيُّد باعتباره المُهيمن والمسيطر على مقاليد الأمور سيكوباتى؛ لأنه يريد أن يرى المرأة الأضعف حتى لا تكون منافسًا له ولو بقدر قليل، فيرفض ظهورها بشكل يطغى أو يؤثر على وجوده وشخصيته كصاحب اليد العليا والكلمة الأخيرة فيشعر بالتالى أنها عنصر تهديد لمركزه ورجولته، وهذا نوع خطيرٌ من الأزواج لأنه يفتقد الثقة بنفسه».

الحل - كما يرى الدكتور عبدالعزيز- فى حوار وتنازل من الطرفين وإيجاد صيغة وسطية لسَيْر العلاقة الزوجة، وعلى الزوجة؛ خصوصًا فى التعامل مع الزوج صاحب هذه الشخصية، أن تعامله كطفل، بمعنى أن تنسب إليه أى نجاح واعتباره شريكًا فى كل ما تحققه، وإن لم يكن داعمًا لها فى الواقع، لأن هذا هو الحل مع هذه الشخصية، ولا يقلل من شأنها أن تفعل ذلك؛ لأن الزوج الذى يقهر زوجته ويريد تحجيمها أو تجحيم نجاحها للأسف فى حاجة إلى من يعيد لنفسه الثقة، فالزوجة العاقلة هى من تبنى تلك الثقة فيه من خلالها بأنهما شركاء النجاح والحياة معًا.

أمّا عن مبدأ البعض بأنه مفيش كرامة بين الزوجين فالمعنى الحقيقى لهذه العبارة هو «تخلى عن كرامتك لتستمر الحياة»!.

هى فى الواقع جملة خطيرة اخترعها البعض ممن تَعَوَّدوا على امتهان الآخرين؛ خصوصًا بعض الرجال الأزواج الذين يتخذون من هذه الجملة مدخلاً وذريعة لتطاولهم على زوجاتهم أو منعهن من حقوقها.

حتى الأم أو المقربون الذين ينصحون الزوجة بمثل هذه الكلمات فمؤكد أنهم للأسف عانوا من ويل هذه الوصايا الخادعة.

لكن السؤال هنا: «كيف يمكن أن تستمر علاقة مقدسة مفترض أن أساسها الاحترام والمودة.. بلا كرامة»؟!