الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عصر القلق (4)

عصر القلق (4)

يحصل أن ننسى الهاتف الخلوي فى المنزل أو فى المكتب، وقد ننساه فى السيارة أيضاً... فنصاب بالرُّهاب وتغير المزاج، واضطراب السلوك والقلق، والذعر والوحدة، هذه الحالة يسميها علماء النفس «نوموفوبيا»، تحدث عندما يخشى الناس الانفصال عن هواتفهم المحمولة، ففكرة عدم القدرة على استخدام الهاتف الذكى تُصيب بعض الناس بالقلق والتوتر، فهم تعودوا على متابعة أهم التطورات بشكل مستمر، فيشعر المرأ وكأن «الحياة ستنتهى»، والشعور بالانفصال عن العالم قد يدفع إلى الجنون. 



فى السنة المنصرمة، بلغ إدمان استخدام الهواتف الذكية  مستويات غير مسبوقة، فوصل عدد مستخدمى موقع «فيس بوك» الناشطين إلى  2.8 مليار مستخدم، أى أكثر من ثلث سكان العالم، فبات يُطلق على هذا النوع من القلق اسم «القلق الرقمى». إن وجود مشاعر سلبية على المدى البعيد تجاه الاستخدام الشخصى لوسائل «التواصل الاجتماعى»، والفشل فى التوقف عن التعلق بها، يُعّزز مشاعر الاكتئاب، كما أن الأشخاص الذين يشعرون بخيبة أمل بسبب عدم قدرتهم على الاستغناء عن تلك الوسائل يمكن أن تنتابهم مشاعر الحزن والأسى. 

لكن حتى لو عزمنا على عدم الخوض فى نقاشات على موقع «فيس بوك» أثناء العمل، أو عدم الانشغال بالهواتف المحمولة على مائدة الطعام، سيشعر كثيرون منا بالقلق عند محاولة التخلى عن هذه العادات.  

يقول ستيفان هوفمان، أستاذ علم النفس فى «جامعة بوستن» والخبير فى دراسة المشاعر الإنسانية: إن البعض قد تنتابه حالة من القلق عند الابتعاد عن مواقع «التواصل الاجتماعى»، ويشعر هؤلاء برغبة ملحة فى العودة إليها. 

لقد عاينت حالات  نفسانية مقلقة لمقربين منىّ، عندما فقدوا هواتفهم ومعها أدوات التواصل، لمدة يوم واحد فقط، فكل أرقام التواصل والبيانات  مخزنة فى ذاكرة الأجهزة ، والذاكرة البشرية بعافية، فأصيبوا بالذعر والقلق، كأن فى ذلك اليوم نهاية العالم، وقد عرفت العديد من الأزواج والزوجات الذين «أدمنوا» التعاطى المستمر مع تلك الآلة، التى تنقلهم إلى عوالم أدمنوا عليها، فالطفرة التكنولوجية طفرة انفجارية حملت معها المشاكل الأسرية، فقد دلّت الدراسات أن مواقع «التواصل الاجتماعى» وراء ثلث حالات الطلاق.. وفى الولايات المتحدة 66 % من حالات الطلاق سببها مواقع التواصل الاجتماعى.  إن قضاء ساعات عدّة يوميًا لتبادل الرسائل النصية والدردشة، باستخدام الهاتف المحمول، بدلا من التواصل وجها لوجه، وإدمان شبكة «إنترنت»، أمر محزن للغاية، ويخلق مسافة كبيرة بين الناس، تفككت الأسرة، وتدمرت العلاقات الإنسانية، وقلّ التحاور، وتبادل المشاعر والخبرات، واستبدلت صلات الرحم بالرسائل القصيرة، وزاد الشعور بالأنانية، وأُهملت الهوايات المختلفة، و حلّت الأجهزة الإلكترونية بالنسبة إلى الأبناء مكان الأبوين، وتفشت أمراض الإدمان.