السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الحالة «جيم» فى بريطانيا العظمى!

نقص فى البنزين.. والسائقين والجزارين والأوبير

الحالة «جيم» فى بريطانيا العظمى!

الحالة «جيم»!



هذا هو الوصف العام الذى يمكن إطلاقه على أحوال بريطانيا هذه الأيام..

فمن أزمة نقص فى البترول جعلت شوارع المدن تتحول إلى طوابير لا آخر لها من السيارات حول محطات البنزين، بسبب نقص ملحوظ، لدرجة أن كثيرا من هذه المحطات اضطرت للإغلاق، لعدم توفر أى نوع من الوقود. وأيضا لعدم توفر سائقين بالعدد الكافى لنقله إن وجد، وبينما أنكر وزير النقل وجود أزمة، اضطر رئيس الوزراء إلى الاستعانة بالجيش لحل المشكلة.. التى لم تحل بالكامل رغم قيام الجيش بتغطية العجز فى سائقى شاحنات نقل البترول.

وأزمة أخرى ترتب عليها انتشار ظاهرة «الرفوف الفارغة» فى محلات السوبر ماركت، بحيث لم يعد أحد يجد كل ما يحتاج إليه من مواد غذائية.. واحتياجات أخرى.

وأزمة ثالثة أثارها أصحاب المزارع فى كل أنحاء البلاد، هى عدم توفر العمالة الكافية لجمع المحاصيل، وأيضا عدم وجود العدد الكافى من السائقين لنقل الفواكه والخضر واللحوم والدجاج وغيرها إلى الأسواق.

بعدها ظهرت أزمة أخرى، فليس فى البلد عدد كاف من الجزارين ليقوموا بذبح العجول والخنازير التى تباع لحومها لشركات السوبر ماركت.. حتى إن اتحاد المزارعين أعلن عن أكبر عملية قتل للخنازير التى زادت أعدادها بشكل مخيف يهدد حياة الفلاحين: إعدام 100 ألف خنزير!

وأخيرا.. ظهرت مشكلة جديدة، فبعد أن أمضت العائلات نحو 18 شهرا فى العزل الإجبارى بسبب تفشى كورونا، بدأ تخفيف قيود العزل وبدأت عملية العودة إلى العمل، ومعها جاءت مشكلة لم تكن على البال: 

كيف تذهب الممرضات والعاملات فى الخدمة الصحية وأيضا من يعملن فى البوليس وغيرهن فى كل المجالات، إلى أعمالهن، وبعضها يستمر لساعات عمل طويلة أو ورديات ليلية.. ولمن تترك أولادها؟.. الأزمة الجديدة تمثلت فى النقص الشديد فى مهنة «الأوبير» التى تتولى رعاية الأطفال خلال غياب أهاليهم فى العمل. 

فخلال الـ18 شهرا السابقة كان الجميع فى البيوت، والأمهات مع الأطفال طوال الوقت ولا حاجة لمساعدة من«أوبير».. لكن الآن اختلف الحال.. وأصبح نقص عدد من يقمن بهذا العمل يشكل خطرا على الأطفال.. واضطرت بعض الأمهات إلى تخفيض ساعات عملهن، أو ترك العمل نهائيا للتفرغ لرعاية الأطفال.

وهناك من يقدر عدد العائلات الراغبة فى الحصول على مساعدة منزلية لرعاية الأطفال خلال عمل الأم، بحوال 45 ألف عائلة.. أى مطلوب 45 ألف «أوبير».

أما عدد السائقين المطلوبين لحل مشاكل نقل البترول والمحاصيل فيقدر بأكثر من مئة ألف سائق.

ولم يتم تحديد عدد العمال المؤقتين المطلوبين فى أعمال جمع المحاصيل.. وكذلك الجزارين المطلوبين لذبح العجول والخنازير.

لكن لماذا ظهرت كل هذه الأزمات والمشكلات فى وقت واحد؟

يعود السبب فى رأى الخبراء إلى عدة عوامل أولها «بريكست» أو قرار الحكومة البريطانية الحالية الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبى، وما ترتب عليه من هجرة القوى العاملة القادمة من دول الاتحاد، وخاصة من بلدان أوروبا الشرقية، وهى القوى العاملة الرخيصة والتى تقوم بكل الأعمال اليدوية.

التى لا يقبل على القيام بها المواطن البريطانى.. فالوضع الجديد بعد «بريكست» يمنع دخول هؤلاء العمال.

يضاف إلى ذلك عامل آخر بالطبع هو وباء كورونا، وتأثيره على الاقتصاد والحياة اليومية الطبيعية.. وانخفاض معدلات الدخل وزيادة الضرائب.

وهكذا أصبحت بريطانيا دولة شبيهة ببلاد العالم الثالث فى نواحٍ كثيرة.

وتقول «سينثيا كارى» التى تدير مكتبا لتوظيف «الأوبير» أنها تلقت 300 طلب من عائلات تبحث عمن يرعى أطفالها، منذ يناير الماضى، ومع أنها توفر فى المعتاد نحو 120 «أوبير» إلا أنها لم تجد هذا العام  أكثر من خمسة فقط!

«كارول باين» التى تدير مكتبا آخر يعمل منذ أكثر من 35 عامًا فى هذا المجال، تقول لقد تلقيت اتصالات تليفونية باكية من أمهات تشكو كل منهن من عدم القدرة على الذهاب إلى العمل، لأنها لا تجد من يتولى رعاية أطفالها.

وبعد ضغوط، وافقت الحكومة على توفير فرص عمل لعشرة آلاف سائق أجنبى، مع أن المطلوب 100 ألف.. لكن المفاجأة أن من تقدموا للعمل فى بريطانيا كسائقين، لم يزيدوا على 185فقط!

ومازالت اتحادات المزارعين واتحاد مكاتب رعاية الأطفال تطالب بمنح تصاريح عمل للأجانب لحل هذه الأزمات التى تجتاح بريطانيا العظمى.