الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«سكرين شوت» الاختلاف

«سكرين شوت» الاختلاف

البقاء على ما نحن عليه من رفض كل طرف سماع الآخر بإنصات قبل أن يهاجم فيه سموم قاتلة. وإصرار كل منا على أنه وحده السائر فى الطريق الصحيح وأن كل من يسير فى طرق مغايرة هو من الخاسرين الخاسئين فيه أضرار بالغة. وهذا ينطبق على كل تفاصيل حياتنا من سياسة ودين واقتصاد وفن وزواج وغيرها. فوجئت بصديقة شابة نابهة «محجبة» وقد وضعت على صفحتها فى «فايسبوك» «سكرين شوت» التقطته من «بوست» كتبته شخصية عامة معروفة على صفحتها على «فايسبوك» أيضاً. البوست يحمل اعتذاراً من صاحبه بأنه لا يقبل طلبات صداقة من محجبات لأن حجاب الرأس يعنى حجاب العقل! مبدئياً رفض الآخر لمجرد الاختلاف ليس أمرًا محمودًا أو لطيفاً، لكن هذا رأيه وهذا موقفه. الغرض من الـ«سكرين شوت» هو التشهير بهذا الشخص. وبالطبع فقد أدى الـ«سكرين شوت» الغرض منه وزيادة حيث نزلت لعنات وشتائم كالأمطار الغزيرة على الرجل الذى كتب ما يفكر فيه على صفحته الخاصة الشخصية ولم يحتفظ به لنفسه. لاحظوا معى أن الرجل قال إنه «يرفض طلبات الصداقة من محجبات» ولم يقل أنه «لا يرسل طلبات صداقة لمحجبات». الغالبية المطلقة صبت الغضب على الرجل دفاعًا عن الحجاب والمحجبات باعتبار هذا الدفاع جهاداً فى سبيل الله ودفاعاً عن الدين وذوداً عن المتدينين. وفى إطار هذا الدفاع قيلت كلمات وعبارات وجمل لا تمت بصلة لدين أو متدينين. قلة قليلة هاجمت الرجل من منطلق أنه «عنصري». لكن ماذا لو قلبنا الآية؟ ماذا لو كتب الرجل «عفواً لا أقبل صداقة غير المحجبات»؟ هل كان سيلقى الكم نفسه من السباب والشتائم والاتهامات بالعنصرية والفجور والفسق والزندقة والديوث (تلك الكلمة التى استوردناها وبتنا نعشقها كثيراً)؟ هل كان سيجرؤ أحدهم على التقاط «سكرين شوت» لما كتب ويعتبر رفضه قبول طلبات صداقة من غير المحجبات عنصرية تجاههن؟ أم كان سيلقى موقفه تهليلاً وتكبيراً وتكريماً واحتراماً؟ الأدهى من ذلك، هل لو كتب هذا الرجل ما كتبه فى خمسينات أو ستينات أو سبعينات القرن الماضى (وقت كان الحجاب هو الاستثناء)، هل كان سيلقى ردود الفعل الصارخة الغاضبة نفسها التى لاقاها فى القرن الـ21؟ الغرض من هذه السطور تركيز الضوء على حجم التربص، وطريقة التعبير عن الغضب، والمعايير المزدوجة فى كل شيء وأى شيء. فإذا كانت العنصرية قبيحة، فهى قبيحة فى كل حالاتها. وإن كان التنمر ذميمًا، فهو ذميم فى كل الأوقات. وإذا كان رفض الآخر معيباً فهو معيب بغض النظر عن هوية الرافض والمرفوض. سب وشتم وصب الغضب على من يختلف معنا لن ينصر قضيتنا سواء كانت سياسية أو فنية أو دينية أو حتى تتعلق بطريقة عمل الملوخية من غير تقلية، بل العكس هو الصحيح. كلمة أخيرة، التقاط «سكرين شوت» من صفحة أحدهم الشخصية ونشرها على منصات التواصل الاجتماعى أمر غير أخلاقي.