الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
صناعة الرأى العام!

عصر القلق 3

صناعة الرأى العام!

أقعدتنا جائحة «كورونا» أسْرَى فى منازلنا،  فلم يبقَ لنا للتخاطب مع العالم الخارجى سوى «وسائل التواصل الاجتماعى»، فعَظُم دورُها وتزايَد خطرُها فى تشكيل «الرأى العام»،  وتوليد آراء ملتوية فى الكثير من القضايا لا يمكن إغفالها لجمهور بفئات وأعمار ومستويات مختلفة.



منشور واحد مشبوه فى ولائه، وملتوٍ فى توجّهاته، يمكن أن ينشر الكراهية ويُحرّض على العنف من المُغرضين الذين يستخدمون الإلكترونيات الحديثة لغزو الساحة السياسية عبر هذه المواقع. وقد استسهل الإرهابيون اختراقها لغسل أدمغة الأجيال الطالعة،  بعد أن وصل عدد مستخدمى مواقع التواصل لـ 274 مليون مستخدم فى المنطقة العربية وتفوّقوا على الدول المتقدمة فى مدة استخدام «شبكة إنترنت» بأكثر من ساعة ونصف يوميًا على الأقل. كما أمسى التطور التكنولوچى المتسارع أداة طيّعة لاستخدام الخدع والحيل البصرية،  فى توليف  وتظهير الصورة حسب المراد، وغالبًا ما يكون المراد هو الكذب والتضليل وإشاعة البَلبَلة.

وراحت «المدوّنات الإلكترونية» تنبت مثل الفطر، فهى تتيح نشــر المعلومات فى مجالات المعرفة كافة، فتضاعفت أهميتها فى التأثير على الرأى العام. تقول الإحصائيات إن 409 ملايين شخص، على الأقل،  يشاهدون أكثر من عشرين مليار مدوّنة شهريًا، وإن المستخدمين ينشرون 70 مليون منشور و77 مليون تعليق جديد كل شهر... وفى إحصائية أخرى،  إنه من بين 1.7 مليار موقع فى العالم، هناك نحو 500 مليون مدونة.

إن «وسائل التواصل الاجتماعى» تسهم فى نقل الأفكار والآراء المتعلقة بقضية محددة، لعدد كبير من الأشخاص فى مناطق مختلفة من العالم،  وهى سيف ذو حدين، فكما أنها تسمح فى بلورة رأى عام دولى مساند لبعض القضايا المحقة،  فهى أيضًا  يمكن استخدامها لتغيير قناعات أفراد المجتمع فى دولة ما فى اتجاه مُعين. ولعل ما أُثير عن تدخل روسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية سنة 2016 يُعد أحد مَظاهر ونتائج هذا التأثير. فقد قامت شركة «كامبريدچ أناليتيكا» باستغلال بيانات 50 مليون مستخدم لموقع «فيس بوك» لصالح شركات روسية لغرض التأثير فى الانتخابات الرئاسة الأمريكية، كما تعاونت شركة «كامبريدچ أناليتيكا» مع شركة «إجريجت آى كيو» الكندية فى التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى؛ حيث ساعدت الشركتان تيار الانفصال فى الفوز بالاستفتاء الذى حُسِم بأقل من 2 % من الأصوات، كما أسهمت وسائل التواصل الاجتماعى بدور مهم فيما يسمى «أحداث الربيع العربى»،  التى اندلعت فى خواتيم سنة 2010 فى تونس، وانتقلت إلى مصر،  ثم ليبيا  واليمن وسوريا.. سواء من خلال التنسيق بين الشباب لتنظيم حركة التظاهرات والاحتجاجات، أو من خلال التحريض ضد الحكومات، ودعوات الإطاحة بها باستخدام شعارات تجذب الجماهير. وهذا ما يؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعى باتت أهم الفاعلين المؤثرين فى التطورات التى يشهدها العالم حاضرًا ومستقبلاً.