السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لا عـلاقة للأمـراض النفسـية بالعبـادات والانتحار مـش ضعـف إيمانى

علاج لا صلاة؟!

ريشة: جون مراد
ريشة: جون مراد

مع كل حادثة انتحار نجد أنفسنا أمام هذا الطرح «المنتحر كافر» وأن التدين والصلاة تقى من الأمراض النفسية. رغم إثبات العلم الحديث أن كافة الأمراض النفسية لها أسباب عضوية وتحدث نتيجة تغيرات فى الناقلات والمسارات الكيميائية للمخ.



قلة من يتكلمون عن أسباب الانتحار، وقد أثبت العلم أن الاكتئاب مرض عضوى لا علاقة له بالدين، وأنه واحد من أهم أسباب الانتحار، ولا بد من تشخيصه وعلاجه للشفاء منه للوقاية من الانتحار.

هنا سنناقش أسباب الانتحار وكيفية التخلص من الأفكار الانتحارية خاصة فى المراهقين بعيدًا عن المقولة السائدة: روح «اتوضى وصلى ركعتين»، هذا ليس إنكارًا لدور الصلاة والعبادة فى تحسين الحالة النفسية، لكن الصلاة ليست علاجًا لأن مريض الاكتئاب كثيرًا ما يفقد القدرة على الصلاة أو التركيز فى العبادات.

هناك علامات منذرة بالتفكير فى الانتحار تتطلب المساعدة الفورية والعلاج المتخصص. أولى علامات التحذير، التى لا بد أن نأخذها على محمل الحد، تحدث المريض عن الانتحار بعبارات مثل «سأقتل نفسى» أو «أتمنى لو كنت ميتًا» أو «أتمنى لو أننى لم أولد»، ممكن تظهر هذه العبارات على حسابات التواصل الاجتماعى الخاصة بالمنتحر، إضافة إلى محاولاته الحصول على وسيلة قتل مثل تخزين حبوب لأدوية منومة أو مهدئة، الانسحاب من مواقف الاتصال الاجتماعى والرغبة فى العزلة، إضافة إلى المعاناة من التقلبات المزاجية كأن يشعر بالتفاؤل يومًا وبالإحباط اليوم التالى.

والمنتحر فى الغالب مهووس بالموت أو العنف، مع مشاعر باليأس الواضح يؤدى تغيير الروتين الحياتى بما فى ذلك أنماط الأكل والنوم.

فى بعض الحالات يبدأ المخطط للانتحار فى التخلص من المتعلقات الشخصية وعندما لا يوجد تفسير منطقى آخر يبرر القيام بهذا، فهذه علامة مهمة، وعادة ما تصاحب الأفكار الانتحارية تغيرات فى الشخصية مع فرط الإحساس بالقلق أو الغضب.

كثيرًا ما لا تكون العلامات التحذيرية ظاهرة كل الأوقات وتختلف من شخص لآخر، فالبعض يوضح نواياه بينما يكتم آخرون أفكارهم ومشاعرهم.

الموضوع الأهم من وجهة نظرى وهو انتحار المراهقين وماذا يدفع المراهق إلى الانتحار؟

وكيف تعرف أن ابنك أو بنتك لديهما ميول انتحارية؟

أولًا: هناك فرق بين الأفكار الانتحارية وبين السلوك الانتحارى، الفرق أن السلوك الانتحارى انشغال حقيقى أو فعل مؤكد للسبب فى الموت طواعية أو بالفعل المصحوب.

أما عن الأفكار الانتحارية فهى عادة فعل ظاهر بلا إصدار تنتهى بفشل محاولة القتل النفسى.

والمنتحر يمر بعدة مراحل، الأولى الفكرة الانتحارية، ثم تتحول من الفكرة إلى سلوك، ثم يتحول السلوك إلى محاولة تنجح أو تفشل.

سؤالنا المحورى هنا: لماذا ينتحر المراهقون؟

فترة المراهقة تطورية مليئة بالتطورات والتغيرات الكبرى، تغيرات الجسم وتغيرات فى الأفكار، وتغيرات فى المشاعر.

تؤثر هذه المشاعر بقوة على المراهق ويمر بفترة إجهاد نفسى وارتباك وخوف وعدم اليقين، فضلًا عن الضغط من الأهل لتحقيق النجاح، وكلها عوامل تؤثر على حل المشكلات لدى المراهقين فى الأهل وقدراتهم لاتخاذ القرار بالنسبة لبعض المراهقين فإن أى تغييرات فى عائلاتهم مثل طلاق الوالدين أو تغيرات فى الصداقات، أو صعوبات فى المدرسة ويمكن أن تكون مزعجة للغاية، وتبدو صعبة للغاية وقد يبدو الانتحار حلًا.

الانتحار هو السبب الرئيسى الثالث للوفاة بين 15 و24 سنة وفقًا للمعهد الأمريكى الوطنى للصحة العقلية ووجدت الأبحاث العلمية الموثقة أن 25 محاولة انتحار تفشل مقابل واحدة تنجح ونسبة أعلى بين الشباب. وهناك رايات حمراء يجب أن يتعامل الآباء، حددتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال؛ أولًا إذا كان ابنك لا يستحم يمكن أن يكون هذا علامة على الاكتئاب.

الراية الثانية اللافتة هى الجدل بدون سبب، بعض الأطفال يجادلون لعصيان الأوامر وكسر حدود كثيرًا ما يكون هذا مثيرًا للقلق، خصوصًا إذا بدأ هذا السلوك فجأة فى تغير واضح على الشخصية.

الراية الثالثة الحمراء وهى الهروب المتكرر من البيت؛ فى أحيان كثيرة قد يعانى بعض المراهقين فيهربون من أهلهم، فيما يبدو سلوك التخلى عن الهدايا أيضًا مريبًا، فإذا كان ابنك فى سن المراهقة وبدأ التخلى عن ممتلكاته الثمينة فهذا ينذر بالسوء.

أحيانًا تظهر أعراض «سيكوجسمية» على المراهق وقد تكون إشارة خطورة كالسكون الدائم من الصداع، وآلام المعدة وكلها مؤشرات على اضطراب القلق، ويمكن أن تؤدى اضطرابات القلق إلى أفكار انتحارية.

وحتى إذا كان طفلك يتعامل مع حياته بشكل جيد ظاهريًا، فإن ما يهم هو كيف يشعر من الداخل فإذا قال إنه يشعر أنه فاشل، فلابد من التعامل بجدية مع الواقع.

والتغيرات فى أنماط النوم تستحق الانتباه أيضًا إذا كنت تعتقد أن طفلك يعانى من الاكتئاب.

هناك فرق بين عدم الرغبة فى النوم وعدم الحاجة إلى النوم، عدم الحاجة إلى النوم عرض مهم الالتفات إليه لأنه أحد الإشارات للاكتئاب ثنائى القطب، وترتفع احتمالات التفكير فى الانتحار لدى مرضى الاكتئاب ثنائى القطب.

كما يمكن أن يكون الملل واحدًا من أعراض الاكتئاب أيضًا مشاكل التركيز، فإذا لاحظت إحدى أو كل هذه العلامات، فعليك باصطحاب ابنك إلى طبيب نفسى.

غير المشاكل الحياتية، كثيرًا ما تكون أسباب الاكتئاب لدى المراهق وراثية تؤدى إلى اختلال التوازن فى الناقلات العصبية المرتبطة بتنظيم المزاج، وقد يحدث نتيجة عمل الهرمونات خلال السنوات الإنجابية للمرأة، كما قد يحدث فى فترات الحيض والولادة ويتراجع نسبيًا بعد انقطاع الطمث.

والاكتئاب أنواع منها العاطفى الموسمى الناجم عن اضطراب فى الإيقاع الطبيعى اليومى، ومنها ما هو ناتج عن سوء التغذية.

وتسهم الأدوية والكحول فى حدوث اضطرابات اكتئابية.

لا يمكننا بالطبع استبعاد أحداث الحياة المجهدة التى تطغى أحيانًا على قدرة الشخص فى التأقلم، ولا يستبعد الباحثون أن ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، الذى يتم إفرازه خلال فترات التوتر بتأثيرات على الناقل العصبى السيروتونين ما يسهم فى الإصابة بالاكتئاب. وقد يدفع الحزن على فقدان أحد أفراد أسرته إلى الاكتئاب.

أعراض الاكتئاب تفقدك الاستمتاع بالحياة وقد تستمر أسابيع أو شهورًا، وهى سيئة بما فيه الكفاية لإفساد عملك وحياتك الاجتماعية والأسرية.

وقد تقودك شدة الاكتئاب إلى التفكير فى فكرة إيذاء نفسك.