الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

تفاصيل 45 دقيقة من اقتحام مركز القيادة الإســـرائيلية فـى ســيناء

السادات
السادات

حين بنت إسرائيل خط بارليف، لم تكتف بالساتر الترابى، بل قامت ببناء مواقع حصينة لتكون مراكز قوى تستطيع من خلالها كشف مياه القناة بأكملها، ومن أهم هذه النقاط كانت «تبة الشجرة» التى كانت إسرائيل تطلق عليها«رأس الأفعى المدمرة» حيث ترتفع عن سطح القناة بـ74 مترا، وتتباهى بصعوبة اقتحامها، لكن فى يوم 8 أكتوبر 73 سقطت فى أيدى المصريين بعد معركة دامية استمرت 45 دقيقة، بعدها فرت القوات الإسرائيلية وانسحبت، فكانت من أول المواقع التى زارها الرئيس الراحل أنور السادات عقب النصر مباشرة، وخلدت مزارا سياحيا.



التقينا النقيب محمد شمس- قائد سرية الرشاشات التى اقتحمت تبة الشجرة، وتحدث عن تفاصيل الـ45 دقيقة التى استطاعوا فيها الاستيلاء على مركز قيادة القوات الإسرائيلية فى سيناء.

 

لوحة شرف أبطال عملية تبة الشجرة
لوحة شرف أبطال عملية تبة الشجرة

 

 يقع موقع «تبة الشجرة» أو «الأفعى» كما أطلق الإسرائيليون عليه على بعد 10 كم من مدينة الإسماعيلية، بارتفاع 74 مترا عن سطح قناة السويس، وأطلق عليه تبة الشجرة لأن ممراته كانت على شكل شجرة ذات 15 أو 19 فرعا، وقد حوله العدو إلى مكان له دق فيه الخنادق وأنشأ غرف معيشة وغرف قيادة وأخرى للتحكم فى المعركة، وساعده فى ذلك مميزات الموقع الاستراتيجية الأمر الذى وصل إلى أن تطلق القوات المعادية اسم «نقطة رأس الأفعى المدمرة».

وكانت تلك النقطة من أهم نقاط القيادة للجيش الإسرائيلى وتتحكم فيه 8 نقاط حصينة من 18 نقطة على طول خط بارليف من منطقة البلّاح شمالاً، حتى الدفرسوار جنوباً.

فى يوم 8 أكتوبر 1973 أثناء حرب السادس من أكتوبر، تقدمت قوات الكتيبة 12مشاة من الجيش المصرى، للسيطرة على الموقع، وبعد قتال عنيف مع القوات الإسرائيلية، استطاعت القوات المصرية الاستيلاء على الموقع، وتدمير عدد كبير من الدبابات الإسرائيلية.

 

النقيب محمد شمس و الشهيد ملازم أول سعيد عبدالوهاب
النقيب محمد شمس و الشهيد ملازم أول سعيد عبدالوهاب

 

(بطولة أجدادنا)

يروى لنا النقيب محمد شمس قائد سرية الرشاشات فى الكتيبة 12مشاة التى كلفت بمهمة اقتحام موقع تبة الشجرة؛ تفاصيل الـ45 دقيقة التى سيطروا فيها على أقوى نقطة محصنة على طول خط بارليف، ودمروا قيادة القوات الإسرائيلية فى سيناء: كانت المهمة المباشرة للكتيبة 12 مشاة يوم 6أكتوبر 1973 هى اقتحام «تبة السبعات» الساعة 2 ونصف والتى كانت تبعد كيلو ونصف من قناة السويس.

وبعد أن نجحنا فى المهمة الموكلة إلينا، ووصلنا تبة السبعات وسيطرنا عليها، دمرنا خمس دبابات للعدو ومنعناه من الوصول إلى قوات المشاة المصرية التى تعبر القناة.

وفى يوم 8 أكتوبر جاءت لنا الأوامر بالتحرك إلى موقع تبة الشجرة التى تبعد 12 كم عن القيادة، وتعتبر مقر القيادة للقوات الإسرائيلية داخل سيناء، وهى تبة حصينة  مبنية بصخور بلاستيكية، وهنا كانت المعضلة، فكلما تضربها كلما تزداد صلابة لأن البلاستيك ينصهر، ولذا لم يكن ضربها من الطيران أو بالصواريخ هو الحل، فكان لا بد من قوات مشاة تحتلها.

تحركنا يوم 8 أكتوبر مساء بكامل أفراد الكتيبة 12 مشاة التى كانت تسمى «كتيبة المجهود الرئيسي»، وهنا لا بد أن أنوه على نقطة فى غاية الأهمية وهى أن معظم العمليات الصعبة التى كنا نقوم بها كانت فى الليل؛ نظرا لأن العدو الإسرائيلى لا يجيد التعامل أو الحرب ليلا، وهذه ميزة من أهم ميزات القوات المسلحة المصرية.

وصلنا قبل الفجر إلى موقع التبة على الطريق الأوسط المؤدى مباشرة إلى تل أبيب، ولذا سميت بكتيبة «المجهود الرئيسي»، وقسمنا إلى تسعة فصائل تم توزيعها ميمنة وميسرة، وفصائل هجوم مباشر لاحتلال التبة بقيادة الرائد حمدى البندارى- رئيس عمليات الكتيبة، وكانت مهمتى كقائد فصيلة الرشاشات الثقيلة هى التعامل مع المدرعات والمصفحات والجنود حتى أعطلهم وأقضى عليهم.

 

صورة النقيب محمد شمس أمام المزار السياحى
صورة النقيب محمد شمس أمام المزار السياحى

 

وفى خلال 45 دقيقة على الأكثر، سيطرنا على تبة الشجرة، وحررناها من الإسرائيليين الذين فروا من شدة ضغط الضرب عليهم، بعدما اشتبكوا معنا بضراوة لأنها مركز قيادة وبها كل التجهيزات والمعدات التكنولوجية واللاسلكية التى يديرون بها مركز عمليات سيناء كلها، فلم يكن من السهل تركها لنا، لكننا نجحنا بفضل الله فى الاستيلاء على التبة كلها، فلم تكن صغيرة على الإطلاق، بل كانت متفرعة كالشجرة ولها عدة مداخل، ومحفورة فى الجبل.

يؤكد النقيب محمد شمس أن القوات الإسرائيلية ظلت طوال يوم 9 أكتوبر بكل أنواعها طيران، مدفعيات، صواريخ، دبابات محاولة استعادة التبة ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل أمام صمود واستبسال أبطال الكتيبة 12 مشاة. 

ترتب على سقوط تبة الشجرة التى كانت مركزا حصينا لقيادة القوات الإسرائيلية لوسط سيناء تخبط القوات الإسرائيلية وفقدها السيطرة أو التحكم فى قواتها البرية والدبابات ما أدى إلى هزيمتهم وسقوطهم أسرى فى أيدى قواتنا.