الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«المزرعة الصينية».. أكبر المعارك العسكرية التى أبكت إســـرائيل

أبطال المزرعة الصينية.. وفى الخلف دبابة إسرائيلية إم 60 وعربة إم 113
أبطال المزرعة الصينية.. وفى الخلف دبابة إسرائيلية إم 60 وعربة إم 113

وصفها القادة العسكريون بالمعركة الانتحارية، حيث كبدت الإسرائيليين خسائر تقدر بـ70 دبابة ومئات القتلى من الضباط والجنود، إنها ملحمة معركة الجلاء أو كما اشتهرت بالمزرعة الصينية، تلك المعركة التى أبكت شارون القائد الإسرائيلى آنذاك، فاعتبرت من أكبر المعارك فى تاريخ العسكرية الحديث. كان لنا لقاء مع العميد أ.ح درويش حسن - أحد ضباط قيادة عمليات اللواء 16 الذى كان مسئولا عن معركة المزرعة الصينية.



فيقول: معركة المزرعة الصينية، هى معركة نشبت بين القوات المصرية والإسرائيلية فى 15 أكتوبر 1973 فى الضفة الشرقية لقناة السويس خلال حرب أكتوبر.

والمزرعة الصينية قطعة أرض أجرت الحكومة المصرية عليها عدة اختبارات لاستزراع أراضى سيناء فى الخمسينيات، وحين وقعت تحت أيدى الاحتلال الإسرائيلى، رأى الجنود حروفا على الآلات الزراعية، فظنوا أنها صينية فأطلقوا عليها هذا الاسم.

وخلال حرب أكتوبر، استعيدت المحطة بواسطة الجيش الثانى الميدانى المصرى، ووصفها القادة بـ«المعركة الانتحارية»، حيث تكبد خلالها الإسرائيليون 70 دبابة ومئات القتلى من الجنود والضباط.

وقد بدأت حينما قرر القادة الإسرائيليون تنفيذ اختراق لينفذوا منه إلى غرب القناة‏، فوقع اختيارهم ليكون اتجاه الهجوم الرئيسى فى اتجاه الجانب الأيمن للجيش الثانى الميدانى فى قطاع الفرقة ‏16‏ مشاة وبالتحديد فى اتجاه محور الطاسة والدفرسوار، وهنا كان فى انتظارهم المقدم محمد حسين طنطاوى آنذاك قائد الكتيبة 16.

فقد قرر المشير طنطاوى وقف إطلاق النار تمامًا لإغراء قوات العدو على التقدم عبر المنطقة الواقعة بين الجيش الثانى والجيش الثالث الميدانى على الضفة الشرقية لقناة السويس.

وتقدمت القوات الإسرائيلية حتى أصبحت فى خضم نيران القوات المصرية وفور تقدمها حاصرها المشير طنطاوى بقواته لدرجة أن أرييل شارون فقد معظم مدرعاته.

وفى فيديو للمشير طنطاوى أذاعته القوات المسلحة المصرية حين كان برتبة عميد بعد الحرب، قال إنه ظل مستيقظا 48 ساعة قبل ما يحدث ذلك وعندما ذهب ليخلد إلى النوم ورأى عناصر تحاول عبور الألغام وجه ببدء المعركة وأنّ المواجهة استمرت على مدار ساعتين ونصف الساعة.

 

المشير محمد حسين طنطاوي
المشير محمد حسين طنطاوي

 

(معركة قرية الجلاء)

بدأ العميد أ.ح درويش حسن  أحد ضباط قيادة عمليات اللواء 16 المسئول عن معركة المزرعة الصينية، مصححا اسم المعركة: دارت هذه الملحمة على مسرح اسمه «قرية الجلاء» وهى التسمية المصرية، وكان يجرى عليها مشروعات استصلاح الأراضى  وزراعة مئات الأفدنة شرق القناة عن طريق سحارة سرابيوم وافتتاحها كان  فى أعياد 23 يوليو 67، لكن بعد أحداث النكسة جاء الإسرائيليون ليجدوا المشروعات جاهزة، ووجدوا المعدات والآلات  اليابانية، فظنوا أن هذه الكتابة باللغة الصينية، فأسموا المنطقة «المزرعة الصينية» أو القرية الصينية حسب اعتقادهم، لكنها أبعد ما تكون عن الحقيقة.

وهذه المساحة من الأرض حاكمة لأنها تقع بين الحد الأيمن من الجيش الثانى، ومنطقة البحيرات المرة التى كانت خالية من أى قوات، فكانت مفصلا بين الجيش الثانى والثالث، وبالتالى من يملكها يستأثر بمزايا عن الطرف الآخر. وعندما عبرنا  يوم 6 أكتوبر عام 73، استرجعنا هذه المنطقة التى كانت بها نقطتان من أقوى النقاط الحصينة؛ نقطة الدفرسوار، ونقطة تل سلام المشرفة على البحيرات المرة.

وما حدث أن إسرائيل وضعت كامل مجهودها لاستعادة هذه المساحة من الأرض التى ستؤمن أعمالاً إسرائيلية للعبور من شرق القناة إلى الضفة الغربية، فكان أرييل شارون هو القائد لهذه الخطة التى أطلق عليها «العملية غزالة»  والتى تنص على أنه مادامت القوات المصرية قد عبرت من الغرب إلى الشرق، فالقوات الإسرائيلية ستعبر من الشرق إلى الغرب، ولكن لكى يتم هذا كان لا بد من إزاحة القوات المصرية الموجودة فى هذه المساحة كى يؤمن  عملية عبور الجيش الإسرائيلى من شرق القناة إلى غربها  والذى سيعرف بعد ذلك بثغرة الدفرسوار، ومن هنا نستطيع القول أن معركة المزرعة الصينية بداية  أو أول خطوة فى هدم وتصفية الثغرة.

 

العميد أ. ح درويش حسن
العميد أ. ح درويش حسن

 

وعن دوره فى المعركة أشار العميد أ.ح درويش إلى أن معظم القوات العابرة فى حرب أكتوبر كانت من سلاح المشاة الذى يدير بدوره عددا من الأسلحة المختلفة، بمعنى أن المشاة يكون معه مدرعات ومدفعية وكل التخصصات، وأنا كنت أحد ضباط القيادة فى عمليات اللواء 16 مشاة الذى حارب فى المزرعة الصينية، وهو اللواء الذى كان له شرف العبور على الجانب الأيمن للجيش الثانى، والنقاط الحصينة للدفرسوار، وتل سلام، ورأس كورى بعمق 12-15 كم شرق القناة، كما أننى كنت منوطا بمتابعة أعمال قتال القوات، وتوصيل أوامر قائد اللواء ومتابعة تنفيذها على الأرض، والتنسيق بين القوات لصالح تحقيق المهمة المكلفة للواء،  واللواء 16 هو اللواء الذى قام بتنفيذ عملية المزرعة الصينية التى كبدت الإسرائيليين خسارة فادحة لدرجة بكاء شارون، واستنجاده بقادته، وصنفت من أكبر وأهم المعارك العسكرية فى التاريخ الحديث.