السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الأسرة المصرية

الأسرة المصرية

قبل أشهر، انتشر هاشتاج، وفى أقوال أخرى حملة، كلها عبقرية قوامها «بعد إذن الأسرة المصرية». الكلمات رمزية ساخرة. هى تشير إلى أن شأن كل منا الخاص هو شأن كل الآخرين. بمعنى آخر، جزء من ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا تميل إلى التدخل فى شئون بعضنا البعض، سواء بحسن نية حيث الوعظ والإرشاد والنصح، أو التدخل بغرض الحشرية. وسبب اختيار «الأسرة المصرية» هو شيوع وذيوع عبارة مطاطية نلجأ إليها جميعاً حين لا يعجبنا تصرف أو عمل درامى أو صرعة ملابس أو تصريح فنان أو أغنية مطرب أو ما شابه. فأول ما نقوله هو أن هذا التصرف أو هذا المسلسل أو هذا القرار يناقض قيم الأسرة المصرية. 



والحقيقة أنه قبل البحث عن «القيم» المرتكزة عليها الأسرة المصرية فى العقد الثالث من الألفية الثالثة، علينا أن نبحث عن الأسرة المصرية نفسها وما الذى تمثله وتعنيه قبل أن نبحث عن القيم التى يتم خرقها فتجرح أواصر هذه القيم وتؤلم أوصالها. هل هى الأسرة التى تربى الصبية المتحرشين بالإناث؟ أم هى الأسرة التى تعتنق فكراً «ملتزماً» يحقر من المرأة ويسمى التحقير تكريماً وتبجيلاً؟ أم أنها الأسرة التى باتت تتعامل مع العيال باعتبارهم رؤوس أموال وأن الشارع هو خير مربٍّ؟ أم تراها الأسرة التى تتعامل مع الـ«نانى» (المربية) على أنها بديل الأم والحضانة متعددة اللغات على أنها البيئة الأمثل لسنوات ما قبل المدرسة، والمدرسة الإنترناشونال وبعدها الجامعة فى أمريكا أو فرنسا أو ألمانيا أو إسبانيا أو بلغاريا هى الفرصة الأفضل التى يمكن توفيرها لفلذات الأكباد؟ والأسئلة الخاصة بماهية الأسرة المصرية كثيرة. وربما تساعد الإجابة الصريحة عنها فى تشريح مشكلاتنا والوصول إلى حلول جيدة لها. 

فإذا كان هناك عشرات المتبرعين للدفاع عن قيم الأسرة المصرية التى يجرحها ويحرجها ويجرها إلى الرذيلة فتيات على «تيك توك» أو عمل درامى يعرض ظاهرة يعيشها العديد من البيوت المصرية حتى وإن ظل أغلبها فى حالة إنكار، فلماذا لم يظهر أولئك المتبرعون حين ظل «رجل دين» مثلاً يغتصب طفلة على مدار عام كامل بعد انتهاء حصة تحفيظ القرآن الكريم؟ وأين تلك الأسماء التى تستنفر وترتعد مع كل مقطع «تيك توك» لفتاة أو تعبير عن رأى لسيدة أو موقف تتخذه شابة أو فستان تختاره «حبيبة» أو مهنة تختارها امرأة فتهرع إلى تقديم بلاغات تحفل باتهامات هدم الأسرة وازدراء الأديان وتبديد الأخلاق من تبديد الأخلاق الحقيقى الدائر رحاه من حولنا؟! لماذا لا ترتعد أوصالهم لحادث «مهندس الدقهلية» الذى قتله صديقه لمطالبته برد مبلغ اقترضه؟ أو لجريمة قتل شابة على يد صديقتها فى كفر الدوار بغرض السرقة أيضاً؟ أو للفران الذى قتل زوجته وأبناءه الستة؟ أو للزوجة التى قتلت زوجها لأنها تريد أن تتزوج شقيقه؟ أو حتى لحوادث السير التى تحصد آلاف الأرواح وآلاف المصابين مع عدم تطبيق قوانين المرور على متعدى السرعات وعشاق القيادة الجنونية؟ ألا ينتمى كل من سبق ذكرهم إلى الأسرة المصرية وقيمها؟