السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
فاطمة سعيد السوبرانو العالمية

فاطمة سعيد السوبرانو العالمية

الموسيقى الكلاسيكية عالم من البهجة والمتعة حين تلجه أرواحنا السائلة عن حقها الوجدانى،لكن كثيرين فى مجتمعاتنا العربية لا يدركون قدرها لوضعهم حائل مع هذا النوع من الموسيقى الجادة الرصينة التى تحمل بين طياتها جماليات حسية تداعب آذاننا،إنه عالم شاسع غاية فى الثراء،يخاطب آمالنا وأحلامنا بل أوجاعنا مثله مثل موسيقانا الشرقية ولكن بعناصر أخرى مضافة تزيد هذه الموسيقى فخامة وبهاءاً.



والغناء الأوبرالى أحد أشكال هذه الموسيقى القيمة،يراه البعض عويلاً فى نظرة قاصرة لمن لايدرك قيمته الجمالية والتعبيرية، ومنذ إنشاء دار الأوبرا الخديوية وأصبح لدينا أسماء لمعت فى هذا المضمار على مدار عقود مضت، وفى وقتنا الراهن يبرق اسم السوبرانو المصرية الجميلة فاطمة سعيد فى المحافل والمهرجانات،وقد حصلت مؤخراً على جائزة أوبوس كلاسيك الألمانية العالمية والتى تأتى فى المرتبة الثانية بعد جائزة إيكو كلاسيك التى تمنح لأفضل الاسطوانات المدمجة للموسيقى الكلاسيكية. وفوز فاطمة كأفضل فنانة شابة هذا العام يعد ملمحاً مهماً لقدرات الفنانات المصريات على الإبداع والتألق، وإن كان دعمها بشكل شخصى وليس مؤسسى إلا أنها استطاعت بإيمان أسرتها أن تخطو خطوات جادة وتضع اسمها جنباً إلى جنب أسماء مهمة كالسوبرانو البلغارية سونيا يونشيفا مغنية العام، والتينور البولندى بيوتر بيكزالا مغنى العام،وعازف البيانو الصينى لانج لانج كأفضل تسجيل لتنويعات جولدبيرج لباخ. إن رفع اسم مصر فى مثل هذه المحافل الدولية بمثابة تأكيد على دور القوة الناعمة التى ينبغى أن يكون فى الصدارة، وأن تعود مصر بفنانيها ليتصدروا أكبر القاعات وأشهرها كما كان فى الستينيات من القرن المنصرم.

ليست هذه المرة الأولى التى تحظى فيها فاطمة سعيد على جائزة دولية وإنما بالجد والاجتهاد والمثابرة فازت مسبقاً بثلاث جوائز متمثلة فى جائزة الجمهور وجائزة أفضل أداء آريا لموتسارت ،وجائزة لجنة التحكيم، وذلك فى مسابقة الغناء الأوبرالى «فيرونيكا دن» بمدينة دبلن الأيرلندية عام 2016 مما يعد تأكيداً لبراعتها فى الأداء وقدرتها على استحواذ قبول المتخصصين من أعضاء اللجنة وكذا الجمهور المتذوق لهذا الفن الرفيع ،وقد سبق حصولها على جائزتين أخرتين عام 2012 من اسطنبول. درست فاطمة فى البدايات على يد السوبرانو المصرية الشهيرة نيفين علوبة، ثم تابعت دراساتها الموسيقية فى مدرسة هانس آيسلر المعروفة ببرلين، وبعدها حصلت على منحة دراسية بمسرح لاسكالا بميلانو بإيطاليا لتكون أول مغنية مصرية تدرس بهذه الأكاديمية العريقة. وهنا أتوقف عند مرحلة البدايات والتى وضعت بذورها المثمرة نيفين علوبة التى ساهمت فى تخريج أصوات نفخر بها الآن مثل نسمة محجوب وأخريات فى مصر،فقد كانت ولازالت إحدى أهم مغنيات الأوبرا فى مصر وصاحبة مدرسة متفردة فى التدريس وتقدم كل سبل الدعم لانطلاق طلابها للسوق العالمية مع مزج القواعد الغنائية الرصينة للموسيقى الغربية وموسيقانا الشرقية،فتحية لأستاذة متميزة وتهانينا لمن رفعت اسم بلدنا عالياً وأتمنى أن تكرمها الدولة المصرية فى محفل قريب كتكريم مستحق.