السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الرُّهَاب والهوس وطالبان

الرُّهَاب والهوس وطالبان

عفوًا! ليست فوبيا! إنها «مانيا» بكل ما تعنى الكلمة من معانٍ وآثار. وكوننا قرّرنا الإغراقَ فى الرفض والإنكار والادّعاء بأن «كله تمام» وأن ما نعتنقه من نسخة مشوّهة من الدين هو غاية مُنَى المؤمن وغاية منتهى المتدين لن يغير من الواقع شيئًا. وحين اختار جزءٌ من العالم الإسلامى أو لم يقاوم وقت تم تسليمه «تسليم أهالى» لنسخة من التدين صنعها بشر يدّعون الألوهية فى سبعينيات القرن الماضى، لم يتوقعوا أن تتحول هذه النسخة إلى الصورة الذهنية الوحيدة للدين لدى ملايين. حين اختار البعضُ صورة مشوّهة من الدين تم طرحُها فى الأسواق قبل نحو خمسة عقود وتم التمهيد لها فى عام 1928 عبر تأسيس جماعة مجرمة اسمها «الإخوان المسلمين»، لم يعرف أن الصورة الذهنية عن الإسلام لدى ملايين سترتبط بالإرهاب والتطرف والبُعد عن العِلْم وانغماس فى العنف والخرافة. ولم يعرف كذلك أن هذه الصورة ستكبر وتتوحش وتتوغل لتهيمن على الواقع. البعض يحلو له أن يسميه «إسلاموفوبيا» أو رُهَاب الإسلام. والمقصود به هو الخوف المَرضى الجماعى من الإسلام. ويعنى كذلك أن هذا الخوف قائم على أسباب غير حقيقية أو بناء على التباس فى الفهم أو سوئه. والحقيقة أننا نجحنا فى أن نحوّل «الإسلاموفوبيا» من رُهَاب قائم على أكاذيب وخيالات إلى رُهَاب قائم على حجة وبرهان. من طالبان إلى داعش إلى جيش النُّصْرَة إلى التكفير والهجرة إلى القاعدة وجماعات السلفيين المنشطرة وبالطبع رأس الأفعى جماعة الإخوان أخذت هذه الجماعات فى النمو والتمدد والتشعب لذلك وصل «العالم الإسلامى» إلى ما هو عليه اليوم. 



ديننا الحنيف الراقى الذى كرّم الإنسان ورجّح العقل وحث على القراءة والعلم أصبح يصارع نسخة مشوهة كريهة فرضت نفسَها حتى أصبحت «فوبيا» لا تطارد غير المسلمين فقط؛ بل جانبًا من المسلمين أنفسهم الذين يجاهدون للاحتفاظ بجانب من العقل والمنطق.

 الإسلاموفوبيا التى تدفعنا منذ ما يزيد على عقدين لنهرع إلى عبارة «هذا العمل (من ذبح أو قتل أو تهجير لغير المسلمين أو تكفير أو تفجير أو تفخيخ أو طعن أو اعتبار الإناث عارًا وعالة خارج إطار ممارسة الجنس وإنجاب العيال) لا يُعَبر عن الإسلام». لقد وقعنا فى الفخ. ولتواتر الأحداث والحوادث، بدأ البعض يتساءل: ماذا إذن يمثل الإسلام؟!» أين علماء الدين المتنورون المواكبون للقرن الـ21 القادرون على رفض فتاوَى القرون الوسطى من نكاح وزواج الـ«بارت تايم» و«الفول أوبشن» وحُكم من وضع قطرة العين فى نهار رمضان؟

أين الثقافة والعلم والبحث والتفكير النقدى واللحاق برَكب القرن الـ20 على سبيل التيسير وليس الـ21؟ أين نحن من الإسلام؟ ما ضرَبَنا ليس تدينًا؛ بل هو «مانيا» mania.

 والـ«مانيا» هوَسٌ وإغراقٌ وتطرفٌ، وهو مرضٌ لا يقل خطورة عن «الفوبيا» إن لم يكن يفوقها ضررًا. نظرة واحدة على الطائرة الأمريكية وهى تحاول الإقلاع بينما مئات الأفغان الواقعين فى قبضة طالبان العائدة بكل قوة خير من ألف كلمة وتحليل وتبرير.