السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

تعرف إيه عن المسئولية؟

نستخدم أحيانًا كلمات، نأخذها على ظاهرها دون النظر لما تحمله من معانٍ وقيم، مثلًا نستخدم كلمة مسئولية كثيرًا، مع أن المسئولية تشمل قيمًا كبيرة، ولو نفذناها بما تحمله من معانٍ، لعرف كل منا ما له وما عليه. ولكانت الحقوق والواجبات أصبحت واضحة، وكانت الكثير من المشاكل فى الحياة اختفت!



ما معنى مسئولية؟ المعنى الحرفى ليس ما نستخدمه فى حياتنا الدارجة.

ما هى المسئولية ؟ ومن هو ذلك الشخص الذى لا يتحمل المسئولية؟

هل المسئولية تعلم على كبر؟ هل ممكن أن يكون الشخص مسئولاً جزئيًا؟

أسئلة كثيرة تحت كلمة مسئولية التى نتعامل معها فى المطلق.. والسطور التالية يجيب فيها المختصون عن تلك الأسئلة.

مفهوم المسئولية 

شرحت دكتور ثريا عبدالجواد أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب مفهوم المسئولية بوجه عام، حيث أكدت على أن هناك العديد من المفاهيم والمصطلحات التى نقوم باستخدامها، تبدو وكأنها واضحة أمام الناس على الرغم من عدم تحديدها وتفسيرها.

فمثلاً مفهوم العطف هو مصطلح واسع ومطاط وله أوجه كثيرة، هكذا مفهوم المسئولية التى كثيرًا ما نستخدمها فى كلامنا مثل «هذا شخص متحمل المسئولية» أو ذاك شخص غير مسئول، فيما تبدو الجملة واضحة ومفهومة، ولكن إذا وقفنا لنسأل ما المضمون المفهوم منها، فتجد أننا نحتاج مزيدًا من الشرح والتحليل.

تضيف الدكتورة ثريا: لأن المسئولية لها أوجه عديدة، فهذه الكلمة ليست لها صياغة واحدة متفق عليها، لأنها قيمة عليا يتحلى بها الفرد عندما يشعر بضرورة واجبه تجاه الآخرين وهى مظلة كبيرة تشمل تحت طائلتها المساندة، المؤازرة، أداء الواجب، الرعاية، الحماية وتضم العديد من المعانى، وهنا أود أن أشدد أن الإحساس بالمسئولية لا يمكن أن يتولد لدى الشخص دون أن يقابلها الإحساس بالحقوق والواجبات.

المسئولية ليست فى جزئية محددة، إنما تمتد لتشمل جميع مجالات الحياة، ولا تتمثل فقط فى الأداء المهنى، أو المسئولية الاجتماعية، وهنا نستطيع أن نقول المعنى الحرفى للمسئولية هو شغل الشخص لمكانة معينة يترتب عليه مسئوليات يحددها القانون.

ونستطيع أن نطبق هذا التعريف على مسئولية الأب مثلاً، فهو شغله لمكانة الأبوة يترتب عليه الإنفاق على الأسرة، وتعليمهم القيم، ومشاركة أسرته كل شىء، وهكذا الأم، يترتب على مسئوليتها تربية أطفالها وإطعامهم والالتزام، قس على ذلك كل شىء فى الحياة، فشغلك لمكانة معينة يحتم عليك أداء واجباتك على أكمل وجه.

تخلى الأشخاص عن مسئوليتهم سبب فى ضياع الأمة، لذلك الالتزام بالمسئوليات كل حسب موقعه يؤدى إلى نهضة الأمة وتطورها. 

أنماط شخصية

طرحنا على دكتور عبدالله مكى أستاذ مساعد الطب النفسى بجامعة الأزهر الشريف السؤال: لماذا يتحمل أحدهم المسئولية ولا يتحملها آخر؟! هل من الممكن أن نجد شخصًا مسئولاً فى عمله وناجحًا فيه، ولكن ليس مسئولاً فى أسرته أو على مستوى العلاقات العاطفية والاجتماعية؟

أجاب دكتور عبدالله قائلاً: لدينا أنماط مختلفة كثيرة فى الشخصية، فمثلا الشخصية الاعتمادية هو شخص غير مسئول بالمرة يعتمد على والدته منذ صغره فى كل شىء، أكله، ملابسه، دراسته، ثم تبحث والدته له على عروس وعلى منزل إلى آخره.

هذا النوع من الشخصيات يصبح غير قادر على اتخاذ القرارات لأنه اتكالى واعتمادى.

وهذا نوع من الشخصيات مرضى يحتاج إلى علاج وتغير فى الشخصية والمفاهيم المكتسبة.

وهناك من هو ناجح فى عمله، ولكن على الصعيد العاطفى أو الإنسانى غير  ناجح مطلقًا، ولا نستطيع أن نقول إنه مسئول تجاه عمله وليس مسئولاً عن زوجته أو علاقاته العاطفيه أو الأسرية، وإنما هو يمكن وصف حالته بالفاشلة اجتماعيًا، لذلك يبحث عن نجاح فى العمل يعوض فيه هذا الإخفاق يعنى ينجح فى عمله تعويضًا عن فشله فى الحياة الاجتماعية.

والشخصية السوية هى التى تستطيع الموازنة بين المسئولية الوظيفية، والمسئولية الاجتماعية والعاطفية، وللأسف نحن الآباء والأمهات سبب وعامل رئيسى فى إخراج جيل غير متحمل للمسئولية لأننا نركض وراء أبنائنا فى كل شىء ليفعلوه، عكس الغرب تمامًا يتركون أولادهم يتعلمون ويتحملون مسئولية كل شىء منذ الصغر، أما نحن فنركض منذ طفولة أبنائنا وراءهم بالأكل والمذاكرة إلى آخره، والمسئولية ليست لها سنًا معينة ليتعلمها الشخص وإنما هى مسئولية تدريجية يتحملها الفرد منذ نعومة أظافره ابتداءً من احترامه لمواعيد الرضعات ومواعيد الحمام وغيرها. 

المسئولية الاجتماعية

دكتور سهير عبدالسلام عميدة كلية الآداب بجامعة حلوان سابقًا، وعضو مجلس الشيوخ، تحدثت عن مفهوم المسئولية بشكلها العام، حيث ذكرت أن أبسط وأشمل تعريف للمسئولية هو تخطى الذات إلى الآخر، والاهتمام بالمحيط، تحمل أعباءهم وهمومهم، وحفاظ الشخص على الحريات وحقوق الآخرين، إلى جانب حقوقه وحريته الشخصية.

والمسئولية تشمل كل شىء فى حياتنا حتى فى العمل وهو ما يسمى بالمسئولية الاجتماعية.

ونظرية المسئولية الاجتماعية ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى، نتيجة بعض الممارسات الصحفية فى ذاك الوقت، حيث إن الصحف كانت تنشر أخبارًا قد تضر بالمجتمع، من حيث سلامته النفسية، وأمنه وأمانه، ومعنى المسئولية الاجتماعية هو الحرص على ما يكتبه الصحفى فى صحيفته، ومدى أهمية وصحة ما يكتبه، وتأثر المجتمع بذلك، لأن كل ما يكتب أو يذاع له آثار على المجتمع والأمن القومى والوطنى.. هناك حينها من رأى أن المسئولية الاجتماعية تعد تقييدًا للحرية، ولكنها فى الواقع ليس تقيدًا للحرية وإنما هى عبارة عن معايير للعمل الجماعى الإعلامى، وتلك المعايير يضعها القائمون على العمل، كميثاق ونهج لا بد أن يتبع، وبذلك يلتزمون بمواثيق الشرف من خلال وسائلهم، فنستطيع القول أن المسئولية الاجتماعية بدأت بمهنة الصحافة، ومن ثم اتسعت لتشمل كل أصحاب المهن وذلك بهدف سيادة الأمان فى المجتمع.. وبالتالى هذه ملامح مسئوليتنا فى العمل كل فى مجاله وتخصصه لمجتمعه.