الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«ديجافــو» كامــل العــدد

«ديجافــو» كامــل العــدد

مسرحية شبابية انطلقت على مسرح الهناجر للفنون، ولاقت إقبالًا جماهيريًا لافتًا؛ حيث عُدنا لاكتمال المسرح عن آخره ويزيد، فى ظاهرة أقل ما يقال عنها أنها ناجحة واستطاعت أن تستقطب أعمارًا متفاوتة؛ خصوصًا من فئة الشباب. ورُغم أن هذا العنوان يرجع للغة غير عربية وربما لا يعرف كثيرون ماذا يقصد بها، وعليه نوضّح أنها كلمة فرنسية تعنى أن الشىء تمت مشاهدته من قبل، وقد أطلق هذا المُسمى فى القرن التاسع عشر العالم والفيلسوف الفرنسى إيميل بويرك، الذى اهتم فى كثير من أبحاثه بعلاقة الفصَّين الأيمن والأيسر داخل مخ الإنسان، فعادة ما يتقدم جزء على الآخر بجزء من الثانية فيرى الأشياء فى حالة استباقية، وهذا الجزء المتقدم يرسل إشاراته للجزء الآخر حتى يتم الاستيعاب الكامل لكل ما نستقبله من صور وإشارات وأصوات وغيرها، فى تلك اللحظة يشعر المرءُ أنه رأى تلك الأحداث أو المواقف من قبل، ولكن فى الواقع أنه قام بتخزينها فى الذاكرة القصيرة قبل عملية الاستيعاب الكامل والذى يتم فى جزء من الثانية. وفى كتابه مستقبل علم النفس أطلق «بويرك» على هذه العملية (ديجافو) أى الإحساس بالمعرفة المسبقة مع شعور بـالرهبة والغرابة فيما أسماه عالم النفس فرويد بـ«الأمر الخارق للطبيعة». 



والعرض مأخوذ عن النص السويسرى «إثبات العكس» للمؤلف أوليفيه شاشيارى، ورُغم أن الفكرة الأساسية تحمل عمقًا فلسفيًا كما سبق أن أشرنا مع تحوّلات فى بعض شخصيات الأبطال؛ فإن سلاسة الأحداث وارتباطها بالأفكار المعاصرة جعل الجمهور فى حالة تفاعُل، وبالأخص حينما يستشعر أنه جزء من تكوين العرض، فالعالم الافتراضى المصاحب للتطور التكنولوچى يجعلنا فى حيرة بين التصديق وعدمه، وصراع الذات يئن داخليًا ويحدث تورطًا أحيانًا مع المواقف المحيطة، ويمثل نقد الواقع بأسلوب ساخر وأبدعت «رحمة أحمد» فى أدائها التلقائى المُعبر عن الأحداث وتغليفه بكوميديا جاذبة تؤكد إمكانات تمثيلية وأدائية احترافية، أيضًا «رشا جابر» مثلت دورها بإتقان، أمّا عن الأدوار الذكورية للأبطال «حازم العيلى وأحمد المسلكاوى ومحمد يوسف» فتشعر بحالة من التناغم والهارمونى فيما بينهم متعايشًا فى تلك الأجواء.

ناقش العرض قضايا عديدة منها بيع الضمير، الابتزاز، التستر على جرائم القتل، الكذب، ثبوت النسب، علاقة الحب بين الأزواج، التحرُّش وتناوله من منظور معاكس فى إطار كوميدى. فى الواقع الخروج عن المألوف مع التناول السلس للموضوعات التى سلط عليها الضوء كانت أحد الأسباب الرئيسة لنجاح العرض، بجانب توظيف السينوغرافيا بما يخدم الأبعاد الدرامية؛ حيث جاء ديكور العرض متسمًا بالبساطة والقدرة على ملاءمة الأحداث، أيضًا الملابس كانت مناسبة مع السياق الدرامى، والألوان مبهجة تنعكس على المتلقى، حتى توظيف الإضاءة لعب على فكرة التناقض وإثارة حس الجمهور وزيادة انتباهه، أمّا الموسيقى فوظفها كفواصل بين المَشاهد بحرفية بجانب المَشهد الأخير فتعالت الموسيقى عند وصولنا للمشهد الختامى. بالتأكيد ما كان يصل العمل لهذا القدر من النجاح إلا بوجود المخرج المتميز «أحمد فؤاد» باعتباره مايسترو يقود فكرته وكتيبة عمله باحترافية وإيمان بدور المسرح «أبو الفنون».