الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

القمـص رافائيـل نصـر: تغييـر «الملـة» للطـــــلاق تحـايــل علـى الله

 القمص رافائيل نصر كاهن وراعى كنيسة الأنبا كاراس، والأنبا إبرام بالخصوص – إيبارشية شبين القناطر، أحد الكهنة الذين لم يكتفوا بدورهم الرعوى والطقسى وإنما اهتم بالدور النفسى والتنموى  الذى أصبح فى هذا العصر أمرًا حتميًا لعلاج كثير من المشاكل والضغوطات الحياتية ليقدم شكلًا جديدًا لفكر ورؤية الأب الكاهن وأفكاره الطقسية واللاهوتية بالعلوم النفسية والفسيولوجية هنا نص حوار معه .



 

دعنى أبدأ معك بأمر قد نلاحظه بين الحين والآخر وهو اعتياد البعض على انتقاد الكنيسة وقياداتها والهجوم عليها عبر وسائل الاتصال الاجتماعى.. كيف ترى هذا الأمر ؟!

فى حياة سيدنا المسيح كان يتعرض أحيانًا للانتقاد بسبب فعله المعجزات وغيرها من تقاليد الناموس فكان يجيب على منتقديه بكل الحكمة وبطول الأناة.

فمن حقك أن تنتقدنى ولكن لاحظ أن يكون النقد موضوعيًا وضروريًا، وألا يكون النقد للإساءة أو للسخرية ونحن كقادة فى الكنيسة لا نحجر على الرأى الآخر ولكن ليكن كل شيء بلياقة.

وكيف تتعامل الكنيسة مع هؤلاء المعارضين ؟ 

نحن فى الكنيسة لا نميل لاستخدام لفظ «معارضين» فهذا لفظ يستخدم فى السياسة ولكننا نميل لقول الرأى الآخر ونحن نجيبهم بكل الانفتاح والحب والاحتواء. 

هل فقدت الكنيسة تأثيرها على الشباب بسبب ظروف هذا العصر من تقدم وتحكم تكنولوجى على عقولهم؟ 

لم تكن للكنيسة سلطة فى أى وقت سوى سلطة الحب 

فالشباب بطبعه – بصرف النظر عن الانفتاح الحالى – يميل للتمرد والعناد، ولكن من من الشباب يطيعنى؟ من يحبنى ويثق فى حكمتى ومحبتى له. 

ما المخاطر الحقيقية التى تواجهها  الكنيسة فى هذا العصر؟

هى نفسها التى واجهت الكنيسة فى كل عصر ولكن أضيف إليها كثرة الآراء والاتجاهات المنحرفة عقيديًا وأخلاقيًا وسرعة انتشار هذه الآراء بين الشباب. 

غير أن حركة التنوير التى تقدمها الكنيسة للرد على هذه التيارات أيضًا – وبسبب الميديا – تنتشر أيضًا بشدة وبسرعة، فصارت وتيرة الصراع مع الآراء والتيارات المنحرفة أسرع وأشد. 

جيد للأب الكاهن أن يدرس علوم الاجتماع والنفس بجانب العلوم اللاهوتية والطقسية.. بما أنك مرشد روحى ونفسى .. كيف ترى الدور النفسى بالنسبة للكاهن وخاصة فى التعامل مع رعاياه؟

الكاهن يهتم بالإنسان، والإنسان لا يتجزأ بل هو جسد ونفس وروح معًا، غير أن كلا يؤثر فى الآخر، فالنفس تؤثر فى الجسد وفى الروح وهكذا، وعلم النفس فى تاريخه يمتد لقرون طويلة سابقة وإن كان قد تم تحديده كعلم فى القرن الثامن عشر فجذوره تمتد لأيام فلاسفة اليونان.

ولا عجب لو وجدنا أن هناك مواقف وآيات تشير لشيء من طبيعة النفس البشرية.

فالإرشاد الروحى يعتمد أولًا على الروح القدس فى سر الكهنوت ثم على الإنجيل وأقوال الآباء  ثم على العلوم الحديثة كعلم النفس والمشورة وتطوير الذات والإدارة .. وهكذا. 

 فمن المفيد للكاهن لكى يكون مؤثرًا أن يكون ملمًا بهذه العلوم إلى حد ما، فهذه العلوم واسعة ومتشعبة ومتداخلة ومفيدة جدًا .

كثيرًا ما نجد بعض الشباب لجأوا إلى الانتحار.. إلى أى مدى يصل هذا المنتحر من أفكار تجعله يقضى على حياته دون خوف؟

المشكلات الاقتصادية والظروف المعيشية المتعثرة ثم الأسباب العاطفية والتعلق العاطفى وغياب المرشد الذى يرجع إليه الشباب، وهناك الأسباب النفسية كالإصابة بالاكتئاب والخوف والقلق والفصام وهناك أيضًا سبب أجده من أهم الأسباب وهو غياب المعنى والمغزى من الحياة، فالإنسان لا يدرى لم يعيش ولا يعرف رسالته فتضعف عند العزيمة، وينطفئ الحماس ويستسلم  سريعًا لليأس الذى يدفعه بدوره إلى الانتحار،  فمثلًا الفلسفة العدمية تدعو لفكرة عدم جدوى الحياة وتسهل فكرة الانتحار. 

الإنسان أصبح يعانى من أمراض نفسية وضغوطات حياتية أكثر من الأمراض الجسدية .. كيف للإنسان أن يحمى نفسه من كل هذا ؟ 

عندما يحدث زلزال فى مكان ما تنهار الكثير من البنايات غير أن بعضها يظل قائمًا ولا يقوى عليه الزلزال لماذا؟. -لأن الأساس الذى يقوم عليه البناء قوي ومتين، كذلك البناء النفسى والروحى للإنسان كيف هو ؟ كيف تمت التربية ؟ وما المشاكل التى عانها الإنسان فى طفولته المبكرة، وما العوائق التى واجهته؟

فى قائمة الأصدقاء الخاصة بك على فيسبوك  المئات، من منهم تستطيع أن تفتح له قلبك بلا حرج وبلا خوف ؟ البنيان الروحى والنفسى للإنسان ثم الأسرة والأصدقاء ثم العمل والهوايات والرياضة كلها تحمى الإنسان عندما يتعرض للضغوط الحياتية المعتادة . 

أفكار التشدد والتطرف التى نلاحظها بين الحين والآخر.. كيف تتعاملون معها كآباء كهنة؟ 

 - يصيب البعض آفة التشدد والتطرف، ودورنا ككهنة إبراز تعاليم الإنجيل وفكر الآباء الأولين الذى يقاوم التطرف، وهناك قول أحبه للقديس موسى الأسود يقول: «الطريق الوسطى خلصت كثيرين».

فالصلاة والصوم والعبادة كلها مهمة ولكن أين العمل والإنجاز؟ وأين الهوايات والترفيه ؟ وأين العلاقات والأصدقاء ؟ هناك عناصر متعددة للحياة من الضرورى للإنسان أن يهتم بها فيحيا حياة متوازنة متكاملة.

وأما الآخرون المختلفون عنا فى الدين أو فى اللون أو الطبيعة فعندنا مثل السامرى والصالح الذى شرح فيه المسيح كيف يجب علينا أن نقبل كل المختلفين معنا، فالآخر مختلف ولكن رفضه واحتقاره ضد الإيمان المسيحى. 

هناك ظاهرة خطيرة ظهرت فى الآونة الأخيرة تهدد كيان الأسرة.. وهى ظاهرة طلاق الشباب.. حيث إن الإحصائيات الأخيرة تكشف أرقامًا كبيرة عن حدوث  طلاق بين المتزوجين حديثًا.. ما السبب فى  تلك الظاهرة وكيف نتصدى لها؟

فى العصر الحاضر ظهرت قيم – كانت  من البدء ولكنها انتشرت أكثر – مثل المادية والنفعية مما جعل من الحب والتفاهم مفاهيم بالية قديمة لا نسمع عنها سوى فى الأغانى والأفلام، وغابت القيم المهمة كالصدق والوضوح، وانتشرت الإباحية والمعانى المغلوطة عن الجنس، والإرشاد الروحى قليل من يلجأ له، وإن لجأ فهو يلجأ إلى الكنيسة متأخرًا بعدما تتفاقم الأمور. 

لماذا كان أجدادنا وآباؤنا يتمسكون بكيان أسرتهم رغم وجود نفس الظروف الصعبة والضغوطات ؟ ما الذى اختلف؟ 

-رغم أن تعاليم الكنيسة هى نفسها، إلا أن القيم الاجتماعية السائدة وقتها كانت تشد من رابطة الأسرة، كان كل واحد له كبير، والآن كل واحد كبير نفسه.

هناك بعض الأطراف الذين يلجأون إلى تغيير الملة للحصول على الطلاق المدنى؟!

 تغيير الملة لأجل الطلاق إجراء غير مقدس وهو تحايل على الله والقانون.. ممكن نضبط القوانين الأرضية ولكن قوانين الله لا تتغير وثابتة كما هناك آية فى الإنجيل تقول: «لا يشمخ عليه» بمعنى أن ربنا مبيضحكش عليه. 

لماذا يكون الزواج الثانى مهددًا بالفشل؟

 70 % من الزيجات الثانية بعد الطلاق تفشل لأن من يطلق يعتقد أن العيب فى الشريك فلا يهتم بإصلاح نفسه فتتكرر أخطاؤه مع الشريك الجديد بعد الطلاق فيفشل أيضًا. 

ما رسالتك لكل زوجين منفصلين.. لكن متخاصمين ؟ 

فكرا جيدًا ولا تستسلما لخطط إبليس، وإن لم تكونا معًا حتى النهاية، فلتكونا صديقين متحابين من أجل أولادنا. 

بعض رجال الدين ذهبوا إلى أن فيروس كورونا هو غضب من الله على العالم؟ 

- كورونا شأنه شأن الكثير من الحروب والأوبئة التى مرت بالبشرية وليست النهاية ولكنه «قرصة ودن لكل واحد» لكى يتوب إلى الله .