الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مسرح الساحل الشمالى.. شكرا أشرف عبدالباقى

نجاحات مسرح مصر مستمرة
نجاحات مسرح مصر مستمرة

بعض النجوم حققوا نجاحات جيدة على مدار مسيرتهم الفنية، لكن فى الوقت ذاته لم يهتموا بمدى تصدُّرهم للأفيشات السينمائية من عدمه، رغم أنهم ممثلون من العيار الثقيل بشهادة الجميع، لكن يبدو أنهم فضَّلوا التفكير خارج صندوق «نجومية السينما»، واختاروا التعامل مع معطيات المنحة الإلهية لموهبتهم بالإصرار على النجاح بطرق خاصة ومختلفة.



 

الفنان أشرف عبدالباقى يعد أبرز مثال على النموذج السابق ذكره،فهو أحد أهم أبناء جيله الآن، ليس فقط بسبب ما يقدمه من أداء تمثيلى جيد، لكن فيما يصنعه من تجارب فنية والكشف عن مواهب جديدة سرعان ما تجد طريقها للنجومية.

أزمة حمو بيكا

منذ بداية الموسم الصيفى، وبالتحديد فى مطلع يوليو الماضى، افتتح أشرف عبدالباقى مسرحه بالساحل الشمالى بعرض «جريمة فى المعادى»، لمدة شهر تقريبا. ثم فى الأسبوع الأول من أغسطس الجارى، عرض مسرحية جديدة بعنوان «شمسية و٤ كراسى»، يشاركه فيها مجموعة من الممثلين الشباب الموهوبين، من بينهم محمد أسامة «أوس أوس» ومحمد أنور ومحمد عبدالرحمن، بالإضافة للفنانة ميريهان حسين فى أول تجاربها المسرحية.

بدلاً من تهنئة «عبدالباقى»، تعرض لهجوم قاسٍ قبل افتتاح مسرحية «شمسية و٤ كراسى»، بسبب تضمن البوستر الدعائى للمسرحية لصورة حمو بيكا مطرب المهرجانات الشهير، أى أنه قبل مشاهدة العرض قال البعض إن هناك دوراً بالمسرحية تم إسناده لحمو بيكا، فى الوقت الذى لا يجد فيه خريجو معهد فنون مسرحية أى فرص عمل.

بعد مشاهدتى للمسرحية، التى هى بالمناسبة عبارة عن ساعتين من الضحك من خلال رواية خفيفة ملائمة لأجواء الصيف، بلا ألفاظ خارجة، تعجبت لأننى لم أجد «حمو بيكا» يمثل دورًا بالمسرحية ولا حتى يقوم بالغناء، فأحداث المسرحية تتحدث عن «طرد» وصل بالخطأ لأحد مُلاك الشاليهات بالساحل الشمالى، ونرى الصراع بين أسرتين لمعرفة الشخص الذى من حقه استلام «الطرد»، وتتخلل الأحداث صراعات بين مُستأجرى الشاليهات والمُلاك بالقرى السياحية، واستغلال بائعى الفريسكا والجمبرى لثراء المُلاك، وخناقات ضيوف القُرى مع أفراد الأمن، وهى بالمناسبة أمور تحدث فى الواقع. المهم أن حمو بيكا ظهر بشخصيته الحقيقية كضيف شرف لمدة لا تتعدى الثلاث دقائق على المسرح، وهو يقول «بيضربونى على البوابة خبونى منهم»، وهو ما حصد رد فعل جيد من الجمهور لم يكن سيحققه أى ممثل آخر.

إنجازات مسرحية

من حق أشرف عبدالباقي بصفته مُنتجا للمسرحية ومُخرجها فى الوقت ذاته، الاستعانة بأى عنصر يدعم من خلاله عرضه المسرحى، لكن الأهم من ذلك أن التجربة أكبر من حصرها فى مشاركة مطرب لم يمثل أو يغنى مثلما توهم البعض، بل التجربة الحقيقية تعكس عبقرية فنان لا يعنيه سوى العمل فقط، فنان صنع مسرحا على قطعة أرض تابعة لفندق تحت الإنشاء، وترجم جُزءا من أفكاره وأحلامه الفنية على أرض الواقع حتى أبهر رواد المسرح من جمهور وفنانين وصحفيين ونقاد، بفكرة بنائه لمسرح مُغلق على أعلى مستوى،استقدمه من الصين بكافة تفاصيله التى تجعلك تشعر أنك فى مسرح حقيقى وليس مُجرد «خيمة». أيضا استفاد من الموهوبات فى كلية فنون جميلة، لتنفيذ تماثيل لوجوه فنانى المسرح الكُبار ليضيف الجمال لمسرحه المُتنقل.

لذلك سعى عدد من الرُعاة للتعاون معه لعلمهم بحجم جمهور عروضه المسرحية، مثل شركة أثاث شهيرة وشركة بن معروفة أيضا. وقد حكى لى «عبدالباقى» سبب إقدامه على شراء مسرح مُتنقل مُنذ عامين عندما استلم قرارا رسميا فى يوم افتتاح أحد عروضه على مسرح «بيرم التونسي» بالإسكندرية،يلزمه بعدم العرض، لعدم توفر الحماية المدنية، رغم أنه كان قد دفع الإيجار كاملا للدولة بصفتها مالكة المسرح، بخلاف تحمله مصاريف إقامة العاملين بالمسرحية، ولم يستطع استرداد أمواله إلا بعد 8 أشهر.

أشرف عبدالباقى من أوائل المُمثلين الذين خاضوا تجربة تقديم «البرامج» و«السيت كوم»، بجانب أعماله السينمائية والتليفزيونية إلا أنه اختار التركيز فى المسرح. ففى الوقت الذى تراجعت فيه المسارح بشكل كامل تقريبا، كان هناك مشروع مسرحى كبير حمله أشرف عبدالباقى على أكتافه وهو «مسرح مصر»، وقدم فيه مسرحيات بشكل مُختلف عن السائد لسنوات. ورغم الهجوم الذى شنه عليه كثيرون بدعوى تقديمه لعروض مسرحية قائمة على «الاسكتشات»، وبعيدا تماماً عن الرسالة التى يقدمها المسرح، إلا أنه نجح فى استعادة جمهور المسرح، من خلال 130 مسرحية بدون لفظ خارج، منها 20 مسرحية تم تقديمها فى السعودية، ومسرحية للأطفال بعنوان «على بابا» لفرقة «مسرح مصر تينز» التى كونها أشرف عبدالباقى، بخلاف مسرح العرائس الذى استقدم فيه عرائس تم تصميمها فى التشيك، واستعان أيضاً بمُدربين أجانب لتدريب 15 شابا على تحريكها.

هذا بالإضافة لمسرحية «جريمة فى المعادي» التى شاهدها أشرف عبدالباقى فى لندن، ثُم تواصل مع أصحابها وحصل على موافقتهم بإعادة عرضها، وبالفعل حققت نجاحا كبيرا داخل وخارج مصر، بمشاركة 40 وجها جديدا. أين البديل؟

بعد كل هذا، إذا سألت من هاجموا أشرف عبدالباقى، سواء مُنتجين أو فنانين، ماذا قدمتم أنتم فى هذه السنوات؟ أو ما هو البديل لديكم؟! ستجد الإجابة لا شىء. هذا الهجوم يرد عليه أشرف عبدالباقى بالصمت والاكتفاء بالعمل وتطوير أفكاره وآلياته، لأنه إذا التفت لكل هجوم لأغلق عروضه المسرحية وتفرّغ للرد فقط.

لذلك.. شكراً أشرف عبدالباقى لأنك جذبت الجمهور للمسرح مرة أخرى، ودفعته للبحث عن عروض أخرى سواء بمسرح الدولة أو غيره. شكراً لأنك وفرت وظائف لكثيرين من خلال عروضك على مسارح مصر المختلفة.شكراً لأنك تصدر طاقة إيجابية لكل شخص يتعرض لإحباطات وانتقادات من المحيطين به، بأن الحل يكمن فى عدم الرد.. إلا بالعمل.