الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

دلال عبد العزيز.. رحيل ممثلة كبيرة وسيدة عظيمة!

ستمر الأيام، وينسحب الحزن من الملامح والوجوه ويستقر فى مكانه الأثير «القلب»، بعدها ستنتعش الذاكرة لتعطى لممثلة من طراز فريد حقها، الممثلة هى «دلال عبد العزيز» التى رحلت عن عالمنا السبت الماضى بعد معاناة مع المرض، رحلت وسط أحزان ودموع وآلام بسبب فقد سيدة بسطت محبتها على الجميع، أسرتها وصديقاتها وزملاءها وأناسًا لا نعرفهم هى تعرفهم، غادرت وهى لا تعلم أن زوجها رفيق مشوار الحياة الكوميديان المتفرد قد رحل قبلها بثمانين يومًا، رافقها حياتها ولحقته هى فى مماته،



 

 كل هذا الحزن لم يوف للممثلة دلال عبد العزيز حقها فى أن تصنف كواحدة من الممثلات البارزات فى العقود الأخيرة، خصوصًا على مستوى الدراما، الكل ركز على أننا نودع سيدة غاية فى الرقة والطيبة والجمال، لكننا فى السطور المقبلة سنودع ممثلة غاية فى التمكن والقدرة والإتقان. 

«لحظة ميلاد الفرح كان فى حبيب رايح» كلمات فؤاد حجاج الشهيرة من تتر مسلسل «حديث الصباح والمساء» استخدمها البعض لوداع دلال عبد العزيز دون انتباه إلى أن وجود دلال فى هذا المسلسل، من أبرز العلامات على كونها ممثلة من طراز خاص، المسلسل الذى مضى على عرضه قرابة 20 عامًا قدمت فيه دلال بامتياز شخصية «نعمة المراكيبي» وهى فى عز نضجها الفنى كممثلة، قبل أن تبدأ أدوار الأمومة التى حققت لها شعبية كبيرة، لكن لأن الأعمال التليفزيونية فى تلك الفترة كانت تعتمد على اسم النجم الرئيسى أو على شهرة العمل نفسه لم يكن النقد وقتها يتوقف أمام المستوى الذى تظهر عليه كل ممثلة  أو ممثل على حدة، دلال بدأت مشوارها الفنى بسلسلة من الأدوار الخفيفة، سواء فى السينما نهاية سبعينات القرن الماضي، أو على المسرح مع سمير غانم وجورج سيدهم فى مسرحية «أهلًًا يا دكتور» أدوار الفتاة الجميلة البسيطة على الشاشة أو الفتاة التى تأتى ثالثة فى الأهمية بعد الكوميديانات الكبار على المسرح لا تسمح للممثلة بأن تظهر كل ما لديها مبكرًا، وبعد تشكيل الدويتو مع سمير غانم فى سلسلة من الأفلام التى لم تحظ أيضًا بتقدير نقدى وظلت قرابة 20 عامًا محصورة فى هذا الإطار، ممثلة معروفة زوجة نجم كوميدى شهير، وأم لطفلتين بمجرد أن كبرا قليلًا عادت للتألق لكن من خلال شاشة التليفزيون. 

مع الزعيم والفخرانى 

 سرعان ما تحررت  دلال من هذا الأمر أو لنقل سارت فى اتجاهين متوازيين، تتواجد مع سمير على المسرح تؤدى دور الفتاة التى يحبها بطل العمل باستمرار، لكن عندما يأتيها دور متميز تؤديه كما ينبغى دون أن تنتظر لقب النجمة أو تحلم بشباك التذاكر، ولأن السينما كانت لها معايير مختلفة دائمًا ظل التليفزيون ومن بعده المسرح الملاذ الآمن لدلال عبد العزيز، وقبل «حديث الصباح والمساء» بعدة سنوات قدمت واحدًا من أهم أدوارها على الإطلاق، فى مسلسل «لا» الشهير أمام يحيى الفخرانى حيث الممثلة التى تتمتع بشهرة كبيرة فى الأربعينيات وتلتقى الرجل الذى خسر كل شيء وتحبه رغم أى شيء وتظل إلى جواره ليستعيد اسمه وكرامته وكذلك زوجته، مشاعر متناقضة لا تؤديها إلا ممثلة متمكنة، ومع الفخرانى أيضًا برعت دلال عبد العزيز فى الفيلم التليفزيونى الشهير «مبروك وبلبل» أول أعمال المخرجة ساندرا نشأت . 

مع عادل إمام قدمت الفيلم الشهير «النوم فى العسل» عام 1996، دور غير رئيسى لكن مشاهدها فى الفيلم لا ينساها الجمهور وكلها كانت مع الزعيم الذى عادت للوقوف أمامه مجددًا فى آخر مسلسلاته قبل عامين «فلانتينو» وقدمت شخصية مديرة المدرسة الحازمة المسيطرة بتمكن كبير، وصلت من خلاله دلال عبد العزيز إلى الدرجة التى تدفعها لأن تعكس الشخصية كما تريد دون النظر لباقى عناصر العمل، وهى درجة يحصل عليها فقط الممثل المجتهد الراغب فى تطوير نفسه والمنعزل عن منغصات النجومية والتترات والأفيشات وغير ذلك من مسببات تشتت انتباه أى فنان . 

الأم والأخت والجدة 

دراميًا أيضًا لا يمكن تجاهل مسلسل ذائع الصيت قدمت فيه شخصية الأم والشقيقة والجارة هو «سابع جار» وكان من الأعمال التى لمع من خلالها اسم دلال فى السنوات الخمس الأخيرة وقدم جيلًا جديدًا من الممثلين، وأنهت مشوارها مع التليفزيون أيضًا فى شخصية الأم لعمرو سعد فى «ملوك الجدعنة» مع مصطفى شعبان وياسمين رئيس، بينما جسدت «الجدة» فى آخر أفلامها «أعز الولد» والذى عُرض عبر إحدى المنصات قبل عدة أشهر. 

وفى أعمال كوميدية لا تقوم هى فيها بشكل مباشر بمهمة الإضحاك، نجحت دلال عبد العزيز بسبب البساطة التى تعاملت بها مع الشخصيات التى تؤديها وحكاية العمل ككل جعلت وجودها على الشاشة محببًا أيًا كانت المساحة وجعلتها دافعًا لبطل العمل فى أن يخرج أفضل ما عنده، فعلى سبيل المثال لا يمكن المرور على تجربة أحمد مكى فى أول ظهور لشخصية حزلقوم دون الالتفات لكون والدته فى الأحداث هى دلال عبد العزيز، نتكلم طبعًا عن فيلم «لا تراجع ولا استسلام ..القبضة الدامية» وشخصية «سميرة سمير» فى فيلم «سمير وشهير وبهير»،  ومع صعود نجومية دنيا وإيمى سمير غانم كان منطقيًا أن تكون هى الأم الأكثر تكرارًا فى أعمالهما دون أن يعترض الجمهور على هذا التكرار وكأن حالة «الارتياح» الموجودة فى البلاتوه قد وصلت للجمهور فى منازلهم، واللافت أن دلال عبد العزيز توفيت عن عمر 61 عامًا ليكتشف البعض أنها تؤدى شخصية الأم بانتظام ربما قبل أن تصل للخمسين ودون أن تعترض على كونها «لسة صغيرة» على هذه الأدوار، ما أهلها لتكون خليفة شرعية لكريمة مختار لولا أن كورونا لم يمهلها طويلًا أو ربما اشتاقت سريعًا لسمير غانم الذى سبقها للسماء دون أن يخبرها أولًا عكس عادته طوال 35 عامًا جمعت بينهما فى منزل الزوجية.