الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فنانات تائبـات فـى جحيـم «الإخــوان»

 مع بداية فترة  السبعينيات من القرن الماضي، أُتيحت الفرصة لعودة التيارات الإسلامية للعمل مرة أخرى فى مصر، وانتشرت جماعات الإخوان والسلفيين بصفة  خاصة داخل المجتمع، وتمكنت من نشر ثقافتها وتعاليمها المتشددة. واستغلت الجماعات الإسلامية وقادتها الحرية التى وفرها لهم الرئيس أنور السادات، فى محاولات بث أفكارهم تجاه المرأة المصرية وفق منهجهم وكونت جماعة الإخوان ما عُرفت  بفرق الـ«أخوات» واستهدفوا سيدات المجتمع الشهيرات، وركزوا على استقطاب الفنانات ليكن رموزًا  لهن وداعيات لقيادة العمل النسائى بالجماعة، وليقمن بتجنيد الفتيات الجدد.



 

وتولت الأخوات إقامة دورات معسكرات نسائية وأخرى تثقيفية لإرشاد ووعظ الفنانات لحثهن على الاعتزال واتباع الجماعة، أو استقطاب المعتزلات بالفعل للانضمام إلى صفوفهم بهدف العمل على صبغ المجتمع بالصبغة الإخوانية، وكسب الأنصار والمساهمة فى إعداد الداعيات.

وكان مركز «مرام»، من أهم المراكز الإخوانية التى تولت مهمة استقطاب الفنانات المعتزلات، وتولت مسئوليته المغربية كبيرة ناجى صالح، زوجة الإخوانى محمد الزمر، وضم عددًًا من زوجات القيادات الإخوانية وبناتهن، وكانت من بينهن خديجة الشاطر ابنة خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة الإرهابية، التى تقربت من  الممثلة حلا شيحة وضمتها إلى قسم الأخوات. ووفرت الأخوات  للفنانات  التائبات شهرة مماثلة فى مجال الدعوة الإسلامية، وبطولة فى قيادة الأسر الإخوانية بديلًا للبطولات السينمائية، ليصبح لهن جمهور آخر غير محبى السينما والتليفزيون والفنون وهو جمهور الجماعة وشباب وفتيات التيارات الإسلامية.

 كانت تلك هى الطريقة المتبعة فى جذب فنانات مثل شمس البارودى وشادية وهالة فؤاد وشهيرة ومديحة كامل ونورا وسهير البابلى وسهير رمزى وحنان ترك وحلا شيحة، منهن من استمرت فى  البعد عن الفن وأخريات عدن مرة أخرى.

توبة حلا!   

كانت حلا شيحة، أبرز الفنانات اللاتى أثرن جدلًا واسعًا فى الفترة الأخيرة بشأن الاعتزال والتوبة، والتذبذب بين  تحريم الفن والعودة إليه، فكانت دائمة التقلب  بين محطات الزواج والحجاب ثم الاعتزال والنقاب، إلى خلع الحجاب والعودة إلى الفن ثم التراجع والتبرؤ من أعمالها الفنية !

وفى الواقعة الأخيرة، المتعلقة بالخلاف حول مَشاهدها مع تامر حسنى فى فيلم «مش أنا»، وإعلانها تحريم ما عرض على الشاشات من مشاهد رومانسية تبرأت منها حلا وأعلنت توبتها، وخاطبت تامر بمنشور علنى عبر «فيسبوك»، تستنكر فيه عرض تلك المشاهد وتذكره برغبته فى التوبة قبل وفاته.

كانت فترة الاعتزال الأول لحلا، والتى امتدت لـ 12 عامًا، كافية لنسف شخصيتها وإعادة بنائها وفق المنهج الإخواني، فعاشت بين قيادات الإخوان فى كندا بلد زوجها  الأول؛  حيث يتسع نشاطهم فكانت حلا بمثابة ثمار الغزو الفكرى الذى شنته التيارات الإسلامية على أهل الليبرالية ودعاة الحرية.

 وتولت خديجة خيرت الشاطر مهمة الاعتناء بحلا، فكانت كما ذكرت «توأم روحها»، وصنعت منها قيادية وداعية إخوانية، وازدحمت ندوات وجلسات الشيخة حلا بفتيات الجماعة، فرغم افتقارها للمعرفة الدينية وجهلها بأمور الفقه والشريعة،  فإن  الأخوات سمحن لها بتقديم درس ديني بأحد المراكز لمدة ساعتين أسبوعيًا، تشرح فيه كيفية التقرب إلى الله تحت عنوان «فى حب الله»، ثم أثارت الجدل حينما خرجت بالنقاب والملحفة السوداء، رافعة يديها أمام عينيها لإخفائها، وأعلنت أن هذا هو رداء الجنة، ولباس الطهارة والعفة.

ولكن سرعان ما عادت حلا للشعور بالوحدة والتهميش، وفشلت محاولات خديجة فى ملء الفراغ الذى شعرت به حلا جراء انحسار الأضواء عنها وابتعادها عن أسرتها، وحاولت معها خديجة كثيرًا لكن ذلك لم يكف ففشلت  مساعي  خديجة الشاطر وخلعت حلا الحجاب وعادت للفن مرة أخرى.

وحين خلعت النقاب ثم الحجاب وتحوّلت إلى أكثر الفنانات نشاطًا، كانت تشارك معظم لحظاتها اليومية والفنية فى المجال العام، وأثارت عودتها بكائيات متواصلة من عناصر السلفيين والإخوان، والدوائر الإسلامية، الذين أصيبوا بالصدمة حينما انتشرت صور حلا دون حجاب.

كتبت خديجة  الشاطر رسالة طويلة تتوسل فيها لحلا للعودة للحجاب قائلة: «حبيبة القلب وصديقتى وتوأم  روحى، أحباب الرحمن يبكون ينفطر قلبهم حزنا ويقتلهم الأنين، أستحلفك بالله لا تكونى كما يقولون، لا تكثرى سوادهم، فما أكثر الهالكين، دعيهم فى ظلمات التيه.. اللهم لا تشمت بنا الأعداء.. لقد حاولوا بكل الطرق أن يقضوا على الإسلام والمسلمين.. حاولوا أن يذبحونا بكل التنكيل فما استطاعوا.. واليوم ذبحنى خلع حجابك بسكين بارد».

 وكشفت حالة الحزن الهيستيرية التى أصابت الإخوان، أن حلا لم تكن مجرد امرأة أو فنانة ارتدت الحجاب ثم خلعته، ولكن بكاء القيادات الإخوانية عليها يدل على فقدانهم لأداة مهمة فى  مهمة التأثير على عقول الضعفاء والمشتتين الذين تستقطبهم الجماعة لصفوفها.

وبعد أن عادت حلا مؤخرًا لإثارة الجدل بإعلان التوبة وارتداء الحجاب المودرن، وتحريم عدد  من الأعمال الفنية، كانت خديجة أول المهنئين والداعمين لحلا فى أزمتها مع تامر حسني، فكتبت منشورًا على صفحتها بالفيسبوك قائلة: «الله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه أفلا نفرح نحن بها».

وقد لعبت خديجة نجلة نائب مرشد جماعة الإخوان الإرهابية خيرت الشاطر، المسجون على ذمة عدد من القضايا، دورًا مهمًا فى أنشطة الجماعة، والتجارة بالدين، ولاحقتها اتهامات بالتحريض على العنف ونشر الشائعات والأكاذيب. وفى 6 فبراير 2017، تم التحقيق مع خديجة وأمها وأختها فى قضية تمويل الإخوان، ونفت خديجة علاقتها بالجماعة، مدعية انتماءها للتيار السلفى فقط، فقررت النيابة إخلاء سبيلها.

 

 

 

 الداعشية أميرة عزت 

ولم تكن خديجة الشاطر وحدها هى العنصر المؤثر فى فترة اعتزال حلا؛ وإنما كان هناك عنصر أخطر وهو أميرة عزت، زوجة الداعية السلفى محمود المصري، وهى داعية إخوانية، تناصر تنظيم داعش الإرهابي، وتنشر على صفحتها على «فيسبوك» شعار داعش «تعيش الأمة الإسلامية».

وكانت أميرة صديقة مقربة لحلا، دربتها على اتباع تعاليم الجماعة والطاعة للقيادات الإخوانية، وحينما خلعت حلا الحجاب، هاجمتها بسبب عدم ولائها للجماعة، وقالت إنها ارتدت النقاب بهدف الشهرة والاشتياق لتصفيق الجمهور وانتقدتها لعدم اقتناعها بمبدأ «توحيد الحاكمية»!

وقد روجت أميرة تلميذة القيادى الإخوانى صلاح الصاوى، لمنهج سيد قطب الدموي، من خلال محاضراتها لتدريب التكفيريين فى لندن،  حتى أنها تكفر الجيش المصرى وتدعو لقتال الجنود البواسل، وإهدار دمائهم.

  شمس البارودى 

ولم تكن حلا الأولى فى هذا المضمار، فسبقها فى طريق الاعتزال فنانات كنّ أشهر وأجمل، مثل شمس البارودى وهى أولى الفنانات اللاتى قررن ترك الفن، وأعلنت اعتزال التمثيل وارتداء الحجاب عام 1982.

وأثر عدد من القيادات الإخوانية فى شخصية «الحاجة شمس» كما تسمى نفسها الآن، فكان يوسف القرضاوى مفتى الدم محل الثقة  لدى شمس  وأفتى لها بخلع النقاب، وكذلك تأثرت شمس بتعاليم وآراء السلفى المتشدد محمد حسان، لكنها صُدمت فيه حينما حرض على قتل الشيعة، ونشرت كتابًا يحمل اسم «رحلتى من الظلمات إلى النور» حكت فيه قصة توبتها.

وكان لشمس دور فى اعتزال بعض الفنانات؛ حيث دفعها الشيخ محمد متولى  الشعراوى للعمل فى مجال الدعوة، فتواصلت معها الفنانة شادية حينما فكرت فى الاعتزال، بناء على توصية الشعراوى.

وكانت شمس تعطى دروسًا دينية  للفنانات  ومنهن هناء ثروت، بعد أن تحدثت مع الشعراوى وكان سببًا فى اعتزالها وعدد من  الفنانات الأخريات، ومنهن الراحلتان هالة فؤاد، ومديحة كامل.

وبعد 32 عامًا من إعلان شمس الاعتزال، خرجت هى وزوجها الفنان حسن يوسف، لأول مرة يهاجمان الإخوان ويعلنان صدمتهما فيهم منتقدين ما وصفاه بالمشروع الإسلامي، وشاركا فى مظاهرات 30 يونيو اعتراضا منهما على ممارسات الجماعة وإساءتهم للدين الإسلامي، وإهانتهم للشعب والدولة.

وتعرضت شمس  لهجوم حاد من قبل عناصر الإخوان، وتلقى زوجها تهديدات بالإيذاء والقتل، والاعتداء على أبنائهما، كما أطلقت الجماعة فتوى بإهدار دمه.

 

 

 

حنان  وميار وسهير 

ومن الفنانات اللاتى لاحقتهن اتهامات الانتماء إلى جماعة  الإخوان الإرهابية، حنان ترك، بسبب علاقتها بتنظيم الإخوان، وإعلانها ارتداء الحجاب، ثم الاعتزال والزواج من محمود مالك شقيق الملياردير الإخوانى المحبوس حسن مالك.

وأعلنت حنان أن السبب وراء ارتدائها الحجاب ثم اعتزالها الفن هو الداعية الشاب مصطفى حسني، الذى أقنع حنان بضرورة ترك التمثيل والفن محبة فى الله، إلا أن التنظيم النسائى استغل شعبية حنان للتأثير على الناخبين خلال مرحلة الانتخابات الرئاسية عام 2012، فكانت حنان  من أولى الفنانات اللاتى دعمن الرئيس محمد مرسى ودعت جمهورها وأصدقاءها لانتخاب مرسى ودعم الجماعة فى الوصول إلى الحكم.

 وفى بعض الأحيان، تمكنت الأخوات من إضفاء طابع العنصرية والتطرف على شخصية حنان، فاتسمت بالتعصب لآرائها وظهر ذلك عندما أعلنت عن مشروعها «صبايا كافيه» الذى منعت دخول المسيحيات والمسلمات غير المحجبات إليه، ما أثار ضدها موجة من الانتقادات الحادة.

 وتأتى الممثلة المعتزلة ومقدمة البرامج حاليا ميار الببلاوى كإحدى  الممثلات اللاتى ارتدين الحجاب، وأعلْنّ  دعم جماعة الإخوان، قبل ما تسبب فى انتقاد عناصر الجماعة لها ومحاولة قتلها على حد زعمها .

 وبدأت علاقة ميار بالإخوان منذ صغرها  نظرًا لانتماء أسرتها لهذا التنظيم، وأثر هذا الكيان فى شخصية ميار؛  حيث شاركت ميار فى بعض أنشطة الجماعة الخيرية، خلال فترة إقامتها بالسعودية، وظلت ممتنة وحينما عادت لمصر دعمت الإخوان فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ثم قررت الابتعاد عن التنظيم عام 2013، بعد ثبوت تورطهم فى جرائم إرهابية.

ومن الفنانات اللائى ارتبطت قصص اعتزالهن وحجابهن بالتيارات الإسلامية، الفنانة سهير رمزي، والتى قالت إنها تلقت دروسًا دينية للقيادى الإخوانى الإرهابى صفوت حجازى والشيخ خالد عبدالله والشيخ يوسف القرضاوي، فكانوا سببًا فى إعلان توبتها، ثم أفتى لها القرضاوى بالعودة للفن بالحجاب، ودعمت سهير الإخوان فى بداية حكمهم ثم تراجعت عن تأييدهم اعتراضًا على منهجهم المتشدد والإرهابي.

 

حنان ترك وزوجها
حنان ترك وزوجها

 

  صفقة إخوانية

محاولات حلا شيحة لمنع عرض المشاهد التى تبرأت منها، وطلبها من تامر حسنى حذف تلك المشاهد بشكل شخصى يعيد للذاكرة تبرؤ الفنانات المعتزلات من قبل من أعمالهن الفنية، وحرمن مشاهد الرومانسية   كما حاولوا الآن شراء أفلامهن حتى لا يتم عرضها مرة أخرى.

نشرت شمس إعلانا مدفوع الأجر فى جريدة  الأخبار، أعلنت فيه تبرؤها من أفلامها، قالت فيه: «من ضار مسلمًا ضاره الله، ومن شاق مسلمًا شاق الله عليه. تعلن السيدة شمس البارودى أن الأفلام التى تُعرض لها حاليًا أو مستقبلًا كلها أفلام قديمة تم تصويرها منذ سنوات بعيدة، كما تعلن أنها اعتزلت الفن نهائيًا منذ 1982 بعد أدائها العمرة».

وفى الوقت الذى فشلت فيه الفنانات  المعتزلات  فى شراء أفلامهن، حتى لا يتم يشاهدها  الجمهور طرح بعض أعضاء الإخوان  الإرهابية بمجلس الشعب عرضا بعقد صفقات لشراء أفلام عدد من الفنانات المعتزلات.

 وتواصل عناصر بمكتب إرشاد الجماعة مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ونقابة المهن التمثيلية، لشراء أفلام شمس البارودى وحنان ترك ونورا وسهير البابلى ومنى عبدالغني، ودعوا جميع أفراد الجماعة للمشاركة المادية لتحمل نفقة شراء الأفلام.

وقدم 6 من قيادات الإخوان ملايين الدولارات لعقد الصفقة ومنع تلك الأفلام من العرض، إلا أن جهاز السينما والتليفزيون المصرى رفض العرض، باعتبار أن الأعمال الفنية  للمعتزلات ليست ملكهن، وإنما هى أرشيف فنى مسجل باسم السينما المصرية.

 سرقة أموال الفنانات ..

واستغلت قيادات الإخوان خوف الفنانات التائبات وحرموا أموالهن، وتمكنوا من خداعهن لأخذ أجورهن من أعمالهن قبل الحجاب، للتبرع لصالح جمعيات خيرية، ولكى تزول حرمات الأموال، اتفقوا معهن على توظيف أموالهن فى شركات التوظيف الإسلامية مقابل الاكتفاء بنسبة ضئيلة من الأرباح .

 كما اتفق القيادى الإخوانى محسن راضي، مع عدد من المعتزلات الراغبات فى العودة للفن، على تمويل مشروع إنتاج شركات سينمائية، وتأسيس شركة إنتاج تابعة للجماعة لتقوم بإنتاج الأفلام، والتى أطلق عليها شركة «الرحاب»، ثم اتضح بعد سقوط الإخوان أن تلك الأموال تم تبديدها للإنفاق على  تحركات الجماعة وتسليح الأجنحة العسكرية.

وتولى  الممثل المعتزل وجدى العربى الهارب بالخارج  أعمال الشركة، فأنتج فيلما وثائقيا عن حسن البنا، مؤسس الجماعة، وعدة أعمال  دينية واجتماعية تقوم ببطولتها المعتزلات.