الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

السقــــــوط الأخــــــير

تقدم حركة طالبان يطرح علامات استفهام
تقدم حركة طالبان يطرح علامات استفهام

ثمانى سنوات مرت على سقوط جماعة الإخوان الإرهابية فى مصر، وما زالت عناصرها وقادتها عالقين فى منافيهم الاختيارية التى يبثون منها سمومهم، لكن مع خطوات التقارب المصرى التركى، أصبح الإخوان عنصرًا غير مرغوب فيه داخل تركيا، وباتوا مهددين بتوقف الدعم المادى والسياسى الذى حصلوا عليه على مدار السنوات الماضية من قبل نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، خاصة بعد وقف برامج عدد من المذيعين المحرضين على قنوات الإخوان الإرهابية الشرق ومكملين، ثم وقف برامجهم على مواقع التواصل الاجتماعى.



واضطر إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام للإرهابية، مؤخرًا لإصدار عدة قرارات بحل مكتبهم فى تركيا، وكذلك حل مجلس شورى الإخوان هناك، وتأجيل الانتخابات، التى كان من المقرر إجراؤها خلال يوليو الماضى، لمدة 6 شهور، ونقل الفضائيات المعارضة خارج تركيا خلال مدة لا تتجاوز 3 شهور.

وبالتزامن مع تلك الإجراءات التى كشفت عن تصدع أركان الجماعة، بدأ الإخوان فى البحث عن  ملجأ آخر يؤويهم، فظهرت اقتراحات بأن تكون إيران أو أفغانستان، وكانت هناك اقتراحات بالتوجه إلى ماليزيا أو إندونيسيا، أو الاحتماء بدول البلقان مثل كوسوفو.

بينما يظل اللجوء إلى إحدى العواصم الأوروبية مثل ألمانيا أو بريطانيا أمرًا صعبًا حتى الآن على الإخوان، بسبب قيام دول أوروبية بتكثيف إجراءاتها الأمنية لتضييق الخناق على جماعات الإسلام السياسى، بهدف تقليص نفوذها والقضاء على عناصرها الإرهابية كما حدث مؤخرًا فى النمسا.

يقول مراقبون إن عناصر الإخوان سيتجهون إلى بلد تتوافق مرجعيته الفكرية والسياسية مع مرجعيتهم، فى محاولة لإنقاذ مشروع الإسلام السياسى عبر نقله إلى نطاق جغرافى أوسع، لذا اتخذ عناصر الجماعة البديل الآسيوى كملاذ محتمل.

وحالياً تعتبر أفغانستان هى المحطة الأقرب،  وهو ما تمت مناقشته فى المؤتمر الـ١٤ لمنتدى الوحدة الإسلامية الذى استضافته العاصمة البريطانية لندن، منذ أيام قليلة، بحضور إبراهيم منير.

وخلال ذلك المؤتمر، أقرت قوى إقليمية ودولية، بأن تكون أفغانستان هى البلد الأنسب لاحتواء الإخوان، لتتقاسم الحكم مع حركة طالبان، وغيرها من التنظيمات الإرهابية الأفغانية.

وليس الإخوان بحديثى العهد فى التعامل مع بيئة أفغانستان، فسبق أن كان للجماعة نشاط، تجنيد الطلاب الأفغان من حزب الاتحاد الإسلامى، بالتعاون مع المخابرات الأمريكية، بتلقى التمويل والسلاح لتدريب وإرسال الشباب الأفغان للمشاركة فى الحرب ضد روسيا المعروفة لديهم باسم «الحرب المقدسة»، وحصلوا بسبب تلك الحرب على تمويلات أمريكية، تحت غطاء مساعدات إنسانية بقيمة 22 مليون دولار.

وامتدت أذرع الإخوان فى العاصمة كابول، عقب الغزو الأمريكى لأفغانستان فى ٢٠٠١، حينها تمتعوا بعلاقات قوية مع المؤسسات الأفغانية، وبالأخص مع حامد كرزاى، الذى عينه الأمريكيون رئيسًا للبلاد، كما دعموا إخوان أفغانستان فى الحصول على مقاعد فى برلمان 2004.

ويحظى قادة الإخوان الأفغان بعدة منصات إعلامية منها قناة الإصلاح، وإذاعة صوت الإصلاح، ومجلات إصلاح مللى وصحيفة جوان وصحيفتى معرفة رسالة الإصلاح.

وفى رأى باحثين متخصصين فى شئون الحركات المسلحة تُعد ماليزيا من ضمن الوجهات الآسيوية المهيأة لاحتضان الإخوان، باعتبارها قِبلة للتنظيمات الجهادية الوافدة من الشرق الأوسط، كما كانت مأوى مقاتلي أفغانستان والفلبين وإندونيسيا وسنغافورة وأستراليا، وطالما دعمت مشروع الخلافة وساندت تنظيم الإخوان وكانت بديلاً عن مناطق الشرق الأوسط لاحتواء تيارات السلفية.

ويعتقد خبراء أنه إذا لم تنجح الجماعة فى الوصول إلى البديل الآسيوى، سيتحتم عليهم الاتجاه إلى إيران، وهى وجهة تناسبهم نظراً لتاريخ نظام الولى الفقيه فى دعم التنظيمات الإسلامية الإرهابية، فقد قدمت طهران دعمًا ماديًا وسياسيًا وتدريبًا عسكريًا لعناصر الحركات الإسلامية المسلحة فى العالم العربى.

وما يرجح احتمالية اختيار إيران كملاذ للإخوان دون غيرها، أن التقارب بين الجماعة وطهران له جذور تاريخية، تعود لعهد سيد قطب الأب الروحى لجماعة الإخوان، وعلاقته القوية بمجاهدى صفوى، الذى تم إعدامه فى إيران سنة 1955، ثم مع روح الله الخامنئى مرشد الثورة.

وقد أثر فكر «قطب» فى نظام الملالى، وأيد الإخوان الثورة الإيرانية وزار وفد منهم طهران، وعارضوا استضافة الشاه فى مصر، وناصروا إيران فى حربها ضد العراق، وأطلقوا على الخمينى، بعد وفاته سنة 1989، «فقيد الإسلام الذى فجر الثورة ضد الطغاة».

وكشفت مصادر أنه بالفعل بدأت الاتصالات بين قادة الإخوان فى الخارج، وبين مسئولين إيرانيين لتنسيق انتقال عناصر الجماعة إلى طهران ودعمهم مادياً وسياسياً.

وفيما يخص اختلاف المذهب بين سُنية الإخوان وشيعية إيران، فلن يشكل ذلك عائقاً، فكلاهما يتفقان فى الأيديولوجية، ويتبعان خططاً توسعية تخدم مصالحهما، كما يوجد فى بلد الفقيه الولى تنظيم فرعى لجماعة الإخوان، وهو حزب الدعوة والإصلاح، برئاسة الكردى عبدالرحمن بيرانى، والذى يمثل جسر التواصل مع الجماعة وعناصرها.

وحسب المصادر تعد كندا إحدى الوجهات التى يستهدفها الإخوان بعد إيران وجنوب شرق آسيا، نظراً لاستقرار عدد من قيادات الإخوان فيها منذ النصف الأول من القرن العشرين، ما يمثل بيئة ممهدة لاستقبال عناصر الجماعة، وبث أبواقهم الإعلامية من هناك.

ونجح إخوان كندا فى توسيع رقعتهم وتوثيق علاقاتهم بالمؤسسات الإسلامية الأوروبية، لذا قاموا بإنشاء رابطة إسلامية، يندرج تحت اسمها العديد من المراكز الدينية والثقافية والمساجد والمدارس، ولديهم أيضاً علاقات قوية بالمجلس الوطنى للمسلمين الكنديين، والدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية فرع كندا، كما يحصل عناصر الإخوان على دعم مادى من الصندوق الإسلامى لأمريكا الشمالية، والمجمع الفقهى لأمريكا الشمالية.

إلا أن كندا ما زالت الوجهة الأبعد لاحتضان الإخوان فسبق أن حظرت أنشطة الجماعة الإرهابية وأدرجتها على قوائم الإرهاب فى استجابة بأغلبية ساحقة من البرلمان الكندى للجالية المصرية بكندا.

فيما توقع آخرون أن تتخذ عناصر الجماعة البديل البلقانى كملجأ لاحتضان جماعات الإسلام السياسى، وما سيعزز من وجود الإخوان فى تلك الدول، هو الدعم المادى والسياسى الذى قدمته تركيا تحت غطاء المساعدات الإنسانية والاجتماعية لرعاية التنظيمات الإسلامية المتطرفة.

وشهدت مناطق البوسنة والهرسك وكوسوفو، سلوفينيا، كرواتيا، تواجدًا كبيرًا للجماعات الإسلامية الإرهابية المدعومة من قطر وتركيا، التى استغلت الأزمة الاقتصادية العميقة والتوترات السياسية التى سادت إقليم يوغسلافيا السابقة خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضى وأنفقت أموالاً طائلة لتكريس نفوذ الإسلام السياسى فى تلك البقاع، ما يسمح للإخوان بأن تكون إحدى تلك الدول ملاذاً جديداً لهم.