الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

طلاق الجميع.. وبلاوى «بهنــسى»؟!

حقق فيلم «البعض لا يذهب للمأذون مرتين»، نجاحًا كبيرًا منذ بداية عرضه فى السينمات المصرية ومختلف الدول العربية، يوم 7 يوليو الجارى، ووصلت الإيرادات داخل دور العرض المصرية بعد أسبوعين فقط إلى ما يفوق الـ 18 مليون جنيه.



وبعيدًا عن القيمة المادية للإيرادات، هناك قيمة أخرى وهى العودة الفنية للسينما وتشغيل دور العرض،  رغم ظروف فيروس كورونا التى أجبرت العديد من الأفلام على التراجع والتأجيل واللجوء لمنصات عرض بعيدة عن السينما.

فيلم «البعض لا يذهب للمأذون مرتين»، الذى يقوم ببطولته النجوم كريم عبدالعزيز، دينا الشربينى، ماجد الكدوانى، بيومى فؤاد، تأليف أيمن وتار، وإخراج أحمد الجندى، وإنتاج لؤى عبدالله، وائل عبدالله، ناقش قضية فى منتهى الجدية، بطريقة قد تبدو أقرب للهزل والخفة منها للواقع.

ولا يخفى على أحد منذ طرح الإعلان عن اسم الفيلم، التشابه الكبير بينه وبين فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين»، الذى أُنتج عام 1978، من بطولة عادل إمام ونور الشريف وسمير غانم وميرفت أمين ولبلبة، ومع عرض الفيلم سينمائيًا، تبينت بعض النقاط المشتركة بين الفيلمين، برغم الاختلافات الفارقة بين طريقة تناول الأحداث بينهما.

عائلة «عبدالعزيز»

فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين»، أخرجه محمد عبدالعزيز، وساعده فى الإخراج شقيقه عمر عبدالعزيز، واستطاعا تقديم فيلم عن المشاكل الزوجية بطريقة مختلفة بعيدة عن اعتيادية الدراما فى مناقشة مثل هذه القضايا. فيلمنا الحديث، استغل الاسم القديم، لمناقشة القضية نفسها بزاوية مختلفة، إلا إن التشابه الأكبر كان بين صُنَّاع العملين، فقد قام ببطولته الفنان كريم عبدالعزيز نجل المخرج محمد عبدالعزيز، أى أن عائلة «عبدالعزيز» كانت ضمن أبرز القائمين على العمل فى الفيلمين، مع اختلاف وظيفة كل منهما بالطبع، والتى تنوعت بين التمثيل والإخراج. هذا بالإضافة إلى أن «كريم» ظهر كممثل فى فيلم والده «البعض يذهب للمأذون مرتين»، وكان وقتها طفلًا صغيرًا.

كيف تتخلص من زواجك؟

فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين»، ناقش قضايا الملل الزوجى من خلال 3 قصص مختلفة، الطبيب «ممدوح» الذى اختنق من غيرة زوجته، والمحامى «مسعود» الذى ملّ من حرص زوجته على إنجاب الكثير من الأطفال ظنًا منها أنها تربطه بها وبأسرته بشكل أقوى، وابن العم «عزت» الذى لم يعط نفسه فرصة للملل فقرر خيانة زوجته حتى يحافظ على شغفه بها.

أما فيلم «البعض لا يذهب للمأذون مرتين» فعرض قضية الملل الزوجى، الذى ينتج عن ابتعاد كلا الزوجين عن بعضهما البعض، وانشغال كل منهما بنفسه وبعمله فقط، كما تعرّض فى أحداثه لتنوع وكثرة أسباب الطلاق المختلفة داخل العديد من البيوت، وأبرز الخيانة من خلال شخصية واحدة وهو «بهنسى» الذى قدمه محمد ثروت، فى شكل الرجل المزواج؛ حيث تجاوز عدد زيجاته الـ23 مرة.

كلا الفيلمين عرض قصصًا من داخل البيوت، وما يجرى خلف الأبواب المغلقة، كما عرض طريقة تفكير النساء والرجال، وكيف من الممكن أن يتسبب الاختلاف بين الطريقتين مع الصمت، فى إفراغ البيوت من الحب رويدًا رويدًا.

فى الفيلم الأول، كان الحل هو اللجوء للخيانة وتعدد العلاقات ظنًا من الرجال أنهم بذلك يحققون السعادة، ويهربون من مسئولياتهم ومشاكلهم الواقعية، أما فى الفيلم الثانى فجاء الحل بطريقة هزلية؛ حيث تقرر الحكومة تحويل جميع قسائم الزواج من ورقية إلى إلكترونية، وبضغطة زر يتم حذف جميع البيانات، ليقع الطلاق بين الأزواج فى البلد بأكملها.

وجاءت الحلول فى كليهما من خلال التحدث عمّا تُكنه النفوس، وتجنب النصائح التى قد تسدى بها الأطراف الخارجية، والتى قد تدمر الزواج والعلاقات، بالإضافة إلى عرض كل هذه القضايا فى إطار كوميدى وخفيف وممتع.

«عزت»VS «أنيس»

كلا الفيلمين اعتمد على شخصية الرجل الثالث، الذى يبدو من مظهره أنه يمتلك الحكمة المطلقة، وباستطاعته التحكم فى مصير أبطال الفيلم، ولكن الأحداث تُظهر حقيقة خواء كل منهما بشكل كوميدى ضاحك، بعد أن تقرر زوجتاهما التخلص منهما بطريقتين مختلفتين.

فى الفيلم الأول،  قدم الفنان الراحل سمير غانم، شخصية «عزت» ابن العم الذى اعتبره ابنا عمه الآخران، الرجل الذى حقق السعادة المطلقة فى زواجه، وكان دور عزت هو توجيه النصائح التى كانت دائمًا ما تضع قريبيه فى أزمات متتالية، وفى نهاية الفيلم كشفت زوجته خيانته وطلبت الطلاق الذى كان يهرب منه من اللحظة الأولى، وظن أنه مسيطرًا على الوضع بالكامل.

فى «البعض لا يذهب للمأذون مرتين»، قدم الفنان ماجد الكدوانى شخصية «أنيس»، المحامى الشهير فى قضايا الطلاق، صاحب شعار «الطلاق انطلاق»، والذى لا يخسر قضية طلاق، لدرجة أنه كاد يساعد صديقه فى طلاق زوجته مقابل مبلغ زهيد، وهذه الزوجة هى شقيقة «أنيس» نفسه، ومع تصاعد الأحداث يفقد موهبته فى كسب قضايا الطلاق، التى أصبحت بلا قيمة لأن جميع عقود الزواج أصبحت لاغية رسميًا، فتراه متخبطًا حتى زوجته طردته خارج المنزل وطالبته بمهر وعقد جديدين.

فشل الحلول بالكوميديا

 الفيلمان اتفقا فى مناقشة قضايا خاصة بالأسرة والحياة الزوجية، لكن اختلفا فى طريقة العرض والحبكة والمعالجة.

أيضًا العامل المشترك بين العملين هو جرعة الضحك والكوميديا فيهما، فى طريقة عرض الحلول، فكان الحل لدى «عزت» هو الخيانة التى فشلت فى النهاية وكادت تودى بزواج الجميع، ليقع ضحيتها «عزت» نفسه ويتجرع مرارة عاقبتها.

وفى «البعض لا يذهب للمأذون مرتين» كان الحل هو اتخاذ قرار الطلاق، الذى فشل بمجرد أن أصبح أمرًا واقعًا، ليعلم الزوجان فى النهاية أن الطلاق ليس حلا لجميع المشاكل، وأن الحياة الأسرية أقدس من أن يتم التضحية بها لأسباب واهية، لأنها تجربة تستحق المحاولة، محاولة حمايتها والإبقاء عليها وإن كان الأمر يتطلب بعض التضحيات، التى يدركها أبطال العملين فى النهاية.