الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

69 عاما على ثورة الضباط الأحرار

مـــاذا لــو لــم تكــــن 23 يوليــــو ؟

ثورة قام بها الجيش المصرى، وأيده الشعب والتف حوله.



 إنها ثورة 23يوليو التى تمخضت عنها مكتسبات سياسية واجتماعية وعسكرية، بعدما لم يتحمل ضباط مصر الأحرار الفساد الملكى الذى استشرى آنذاك، وخططوا للخلاص من الملك وحاشيته، وما عجل بقرار حريق القاهرة، ومذبحة ضباط قسم الإسماعيلية جزاء لبطولتهم ورفضهم تسليم المدينة للإنجليز.

وما هى إلا بضع ساعات تم التخطيط لها جيدا إلا وسيطر الأحرار، وطالبوا الملك فاروق بتسليم الحكم فى هدوء وسلمية.. وقد كان. 

69 عاما مرت على ثورة 23يوليو 1952 التى خلصت مصر من قيد الملكية والانتقال بها إلى الجمهورية العربية، ومن وطأة المستعمر الذى استغل ثروات المصريين وامتصها لسنوات طويلة.

وفى ذكرى يوليو، طرحنا عدة تساؤلات: ما هى المكتسبات التى حققتها ثورة يوليو لمصر ؟ وماذا لو لم تكن يوليو 1952؟ وكانت الإجابات كالتالى.

قامت ثورة 23 يوليو على عدة أسس ومبادئ، أهمها: القضاء على الاستعمار، والقضاء على الإقطاع، وإقامة جيش وطنى مستقل لا يخضع لتبعية المستعمر، فضلا عن الاهتمام بالمواطن البسيط، وإرساء قواعد الديمقراطية عن طريق تخليص مصر من الملكية وإعلان الجمهورية. 

 وهذا ما حدث يوم 18 يونيو 1953 عندما تم إعلان مصر جمهورية، وألغى النظام الملكى الذى كان يتعامل مع مصر على أنها ملكية خاصة.

وقد حققت الثورة مكاسب عدة، فلولاها ما استطعنا إقامة جيش وطنى حر قوى يحمى مصر والدول العربية، لا يخضع لأى تبعية، على عكس ما حاول المحتل البريطانى أن يفعله من تقويض للمؤسسة العسكرية بالمؤامرات وتخفيض عدد جنودها وضباطها.

 كما لجأ المستعمر لفكرة «البدل النقدى» لإعفاء أبناء الطبقة الثرية من التجنيد، وجعل الأمر ليبدو كعقاب بدلا من أن يكون شرفا وواجبا، فضلا عن ترؤس الجيش قائد إنجليزى، وتولى الضباط الإنجليز الوظائف العليا ليتحكموا فى مفاصله.

وبعد أن اتفقت مجموعة من الضباط المصريين؛ لقبوا بالضباط الأحرار وقاموا بالثورة؛ انضم إليهم باقى أفراد الجيش المصرى الذى قرر أن يكون مستقلا وحرا، لا يتبع أحدا، ولا يضم فى ثكناته إلا أبناء البلد. 

 فكانت الخطوة الأولى هى القضاء على فكرة احتكار السلاح. ففى يوليو 1955 عقدت مصر عدة صفقات مع دول مختلفة منها الاتحاد السوفيتى لتسليح الجيش، ثم بدأ الاهتمام بتكوين أسلحة وأفرع مختلفة، وبناء المصانع الحربية لسد احتياجات الجيش المحلية، والتصدير للدول العربية والإفريقية.

وكان أهم مكتسب قامت به ثورة يوليو هو إجبار المحتل البريطانى على جلاء قواته عن الأراضى المصرية بعد توقيع اتفاقية الجلاء عام 1954، ليرحل آخر جندى إنجليزى من بورسعيد فى 1956 بعد بقائهم فى مصر لمدة لا تقل عن سبعين عاما من الاحتلال.

إلى جانب اهتمامها بالمواطن البسيط والفلاحين الذين سمحت لهم بزيادة الرقعة الزراعية عن طريق استصلاح الصحراء بدلا من عملهم كمأجورين فى أراضى الإقطاعيين، وأتاحت لهم فرص التعليم المجانى، ليكون هناك تكافؤ فى الفرص بين ابن الطبقة الثرية وابن الطبقة الكادحة. 

 وأنشأت أيضا مصانع ومشروعات قومية مثل السد العالى، وأممت قناة السويس، فضلا عن إتاحة الفرص للمرأة لتدخل البرلمان والأحزاب ومعترك الحياة السياسية، وغيرها من الإنجازات على جميع الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية.

مصر نموذج

يقول د.إكرام بدر أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة: أحدثت ثورة يوليو تغييرات فى مصر والعالم العربى والعالم الغربى، فقد عملت على خلق النموذج التنموى وفق خطط معينة، فضلا عن ازدياد الدور المصرى فى إفريقيا والمنطقة العربية، فأصبح ينظر إليها كمثال يحتذى به.

وكان لمصر وجيشها بفضل ثورة يوليو دور فى حرب اليمن، وتحرير الجزائر، ومحاولة الوحدة مع سوريا، كما كان لها دور مؤثر فى القارة الإفريقية فى إطار اتفاقية عدم الانحياز، وفى مساعدة الشعوب وحصولها على الاستقلال، كما كان لها تأثير من خلال العالم الإسلامى، وأصبح لنا صوت مسموع فى العالم كله.يضيف: «أصبح هناك تعميم فى التجربة المصرية، فبعد ثورة يوليو أصبح لدينا نموذج الحزب الواحد الذى حقق ذلك انتشارا فى العديد من الدول العربية. كما خلقت ثورة 23 يوليو اهتمامًا بالقدرات العسكرية كما يحدث فى الجيوش النظامية، وتمخض عنها نوع أو نمط جديد من القيادة؛ تسمى «القيادة الكاريزمية» فى علم السياسة، وتكرر هذا النموذج فى إفريقيا وآسيا».

يضيف: «حققت بمصر مكتسبات عدة على المستوى السياسى، الاجتماعى، والاقتصادى، وكان لها آثار واضحة فى تحقيق العدالة الاجتماعية، فقد اهتمت بالمواطن البسيط، وحاولت الوصول إليه من خلال سياسات اجتماعية اتبعت من خلال تحقيق تلك العدالة، ومن هنا وجدت تأييدا شعبيا، والتف المصريون حول الجيش». 

أكمل: «نستطيع القول بأن ثورة يوليو هى نموذج للاستقلال الوطنى، ونموذج فى السياسات الاجتماعية والاقتصادية، كان لها إيجابياتها، كما كان لها بعض السلبيات. ولكن الإيجابيات فاقت بكثير السلبيات التى نتجت عنها».

القناة والسد

من جانبه، قال اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات الأسبق إن ثورة 23 يوليو كان هدفها تحرير مصر من الإقطاع، والملكية التى كانت تعصف بحياة عامة الشعب وأبناء الطبقة الكادحة.

وقال: «أهم مبدأ فى أى ثورة كان السعى إلى الاستقرار وتحقيق العدالة الاجتماعية، وثورة 52 حققت العدالة الاجتماعية، التى هى محصلة الموقف الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، وهى المنوطة بخلق طبقة متوسطة من شأنها أن تقود المجتمع إلى آفاق واسعة، وبدون هذه الطبقة المتوسطة التى خلقتها ثورة 23يوليو لم يكن من السهل تحقيق الاتزان والاستقرار فى المجتمع، كما أنها عملت على رفع المستوى الاقتصادى للفرد». 

يضيف اللواء رشاد أن من أهم مكتسبات يوليو هو تأميم قناة السويس، وبناء السد العالى، فهى إنجازات ستظل محفورة فى التاريخ لأنها نقلت مصر إلى مستوى اقتصادى وسياسى آخر، فلولا بناء السد العالى لأنهت الفيضانات على رقعة كبيرة من الأرض، ولما استطاعت توفير المياه التى تقوم عليها الحروب، وما استطعنا زيادة بنيتها الزراعية، وقناة السويس التى تعد أهم شريان ملاحى والتى جعلت مصر فى الصدارة ومن أهم دول العالم.

يقول اللواء رشاد: «أحدثت ثورة يوليو طفرة صناعية فى مصر من قبل مثل بنائها ألف مصنع لسد الاحتياجات، وتشغيل أبناء الوطن وزيادة فرص العمل، ولو ظلت هذه المصانع على هذا الحال، كانت ستقضى على البطالة، وتغير الخريطة الصناعية فى المنطقة، كما يحاول أن يفعل الرئيس عبد الفتاح السيسى الآن».

يكمل: «لا أحد يؤمن بهذا الوطن؛ يستطيع أن ينكر أهمية ثورة يوليو، فلولاها لاستمررنا فى عهد الملكية قرونا، وتحت وطأة استعمار ينهب خيراتنا كما كان يفعل، وما استطعنا تكوين جيش وطنى قوى، ولاقتصر التعليم على أبناء الأثرياء فقط، ولظل المواطن البسيط يعيش فى ذل ومهانة».